انطلقت، أمس، عملياً، انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى التي حدد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان موعدها في 10 أيار المقبل، من خلال فتح أبواب الترشيح أمام من يرغب، على أن تقفل في التاسع من نيسان المقبل.
المعنيون بالانتخابات، في طرابلس والشمال، كانوا في أجواء الدعوة قريباً إلى انتخاب مجلس شرعي جديد يطوي صفحة الخلافات العميقة داخل الطائفة. ورغم التوصل إلى تسوية لهذه الخلافات، بعد مساعٍ داخلية وخارجية، جرى بموجبها انتخاب دريان مفتياً بإجماع مختلف القوى السياسية السّنية، إلا أن انسحاب هذا التوافق على انتخابات المجلس الشرعي لا يزال غير مضمون.
يبرز ذلك بخاصة في طرابلس أكثر من غيرها. فقد خصّص المرسوم الاشتراعي الرقم 18 الصادر عام 1955، الذي ستجري بموجبه الانتخابات، 7 مقاعد لعاصمة الشمال في المجلس الشرعي المكون من 24 عضواً، يضاف إليهم 8 أعضاء أعطى المرسوم المفتي حق تعيينهم.
نقطتان رئيسيتان تبرزان في انتخابات طرابلس:
ــ الأولى أن تيار المستقبل ليس صاحب الكلمة العليا فيها، كما هي حاله في بقية المناطق. إذ تنافسه هنا قوى سياسية وإسلامية وازنة تكاد توازيه من حيث قوة حضورها، وقد تتفوّق عليه في حال تحالفها ضده. وأبرز هذه القوى الرئيس نجيب ميقاتي، النائب محمد الصفدي، الوزير السابق فيصل كرامي، والجماعة الإسلامية. ومن شأن هذه القوى، مجتمعة، أن تنزل هزيمة كبيرة بالتيار، لكونها تشكّل مع آخرين مقربين منها أكثر من 60 في المئة من أعضاء الهيئة الناخبة. وهذا ما يدركه جيداً المعنيون في المستقبل، إذ أكّد مصدر في التيار لـ»الأخبار» أن المستقبل «لم يحسم خياره بعد، وهو منفتح على كل الآراء لما فيه مصلحة الطائفة»، مشيراً إلى «مساعٍ بدأها مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار لتشكيل لائحة توافقية تجنّب الطائفة الانقسام والتصادم».
ــ الثانية أن الأعضاء السبعة ليسوا محصورين بطرابلس. إذ إن نحو نصف أعضاء الهيئة الناخبة في المدينة موزعون على الأقضية المجاورة (الضنية ـ المنية، الكورة، زغرتا والبترون). وقد بدأ هؤلاء يرفعون الصوت مطالبين بحصتهم من التمثيل داخل مجلس الطائفة، خصوصاً في الضنية ـ المنية الذي يشكّل ناخبوه نحو 35 في المئة من أعضاء الهيئة الناخبة، من دون أن يكون له أي ممثلين في المجلس الذي جرت العادة أن تسيطر طرابلس على مقاعده الشمالية السبعة، مع استثناءات قليلة.
وقد بدأ ممثلو الضنية ـ المنية في الهيئة الناخبة التحرك للمطالبة بحصتهم من التمثيل، أي عضوين في المجلس الشرعي، إما عرفاً أو بتقنين هذا الحق، ما يستدعي تعديل المرسوم 18/55. وينطلق ممثلو القضاء من خلفية مناطقية، علماً بأن أكثريتهم مقربة سياسياً من خصوم تيار المستقبل، كميقاتي وكرامي والجماعة الإسلامية والنائب السابق جهاد الصمد. لذلك، رفضت مصادر مقربة من هؤلاء طرح نواب القضاء الثلاثة، أحمد فتفت وقاسم عبد العزيز وكاظم الخير، بمقاطعة الانتخابات إذا لم ينل القضاء حقه في التمثيل. وأكدت المصادر لـ»الأخبار» أن «حقنا لا يؤخذ بالمقاطعة والانكفاء، بل برفع الصوت والمطالبة بحقوقنا، وبخوض معركة حق الضنية والمنية»، ملوحة بـ»تشكيل أو دعم أي لائحة معارضة، لأننا نشكل بيضة القبان، وقادرون على ترجيح كفة أي لائحة».