تحشيشة وصفة الكزاناكس

لاني استفيق من بعض ليالي النوم مع وجع في الرقبة، اكتشف الطبيب ان الامر يعود لكوني "أكزّ" على أسناني خلال نومي. لذا، وبعد استبعاد ما اسميته "نعل الاسنان"، أقصد تلك "الوجبة" البلاستيكية التي يصنعها الطبيب و"نلبسها" في الليل لمنع "الكز" اللاواعي، لم يبق أمام طبيبي إلا وصف دواء اللبنانيين المفضل، أي "الكزاناكس".

ومع إني ضد المهدئات لخطر إدمانها، خصوصا إن كان "المرض" في الاساس هو التوتر في بلد مثل بلادنا، كل ما فيها يضرب على العصب، الا اني اقتنعت وقلت فلأجرب.
ومع ذلك، ماطلت في صرف الوصفة قليلا. لكن، وبعد تفاقم الالم الى صداع، خصوصاً أن أحلام الليل هي «سوتيتراج» ما يحصل في النهار، فإني حسمت الموضوع، وقلت لنفسي: خلص.. فلأصرف الوصفة.
هكذا، توجهت الى صيدلاني الحي. اعطيته الوصفة، فإذ به يقول وقد بدا الاحراج عليه:
-عفوا ست ضحى بس نحنا ما منبيع هالأدوية!
-ما فهمت! ليه؟
-بصراحة؟ أريح لراسنا.
-بس أنت مهمتك تلبي المرضى! كيف يعني؟
-لانو بصراحة..علقة مع وزارة الصحة!
صيدلاني الحي يحب كثيراً كلمة بصراحة، لذا فهو يحشرها في كل جملة. قلت له:
-وزارة الصحة؟ ليه؟ أنو معقدة الموضوع ولا شو؟ ولا ما تكون خايف تتعرض لشي اعتداء من اللي بيحبحبوا؟
-بصراحة؟ منشان هيك كمان.
-بس أنت هون بمربع أمني للجيش تقريباً(قرب ثكنة الطويل) يعني ما في آمن من هيك!
-والله بعرف ست ضحى، بس بصراحة؟ فضلنا إنو بلاه وبلا وجع الراس.
- طيب. شكرا.
قلت في نفسي هناك صيدلية ثانية صوب شارع سامي الصلح القريب فلأقصدها.
ما ان أعطيت السيدة الوصفة، حتى رمقتني بنظرة مشككة متفحصة لدرجة احسست اني امر من بوابة فحص المعادن في المطار وهي تونون والكل ينظر اليّ!
سكتت السيدة للحظة. ثم «نطق حنا» كما يقول المثل، وهي تناولني وصفتي:” ما منبيع هالأدوية مدام!” قالت بجفاف! كأنها تقول : ما منعرف ناس بيحششوا وبيحبحبوا! أحسست بالإهانة ..إهانة الهبل. او إهانة الأهبل.
سألتها: عفوا بس انو ليه يعني؟ شو عم اطلب منك كوكايين؟
أجابتني دون تغيير نبرتها: ما منبيع. سوري (أي آسفة).
كنت قد تأخرت على موعد، فذهبت في طريقي ونسيت الكزاناكس. الى ان.. أستيقظت في اليوم التالي في حالة يرثى لها من الصداع ووجع الاكتاف. فقصدت صيدلية ثالثة، بطريقي الى موعد بالقرب من كورنيش المزرعة:
-مرحبا..عندك كزاناكس؟
النظرة المشككة نفسها، واختفاء ابتسامة الاستقبال ليصبح وجه الرجل في غاية الجدية:
-في.. بس عندك وصفة؟
- نعم عندي، تفضل..
تفحص الشاب الوصفة وهو يهم بالوقوف لتلبيتي واذ..
-عفوا مدام! بس هيدي من الشهر الماضي.
نظرت الى الوصفة بتاريخ 26 شباط وكنا في الرابع من آذار!
-يعني؟
-لازم تكون بالشهر نفسو..
-اهه! بس القصد من مهلة "الشهر نفسو" انو معنا مهلة شهر. ولا لأ؟ يعني هيدي الوصفة من أسبوع بس.
-والله مدام ما بعرف! يمكن.(قالها وهو يعيد لي الوصفة) بس قالولنا بوزارة الصحة انو لازم تكون الوصفة بالشهر نفسو، وهلق نحنا بآذار... ما بقدر، بيصيروا بكرة يعملولي مشاكل.
لا حول ولا قوة الا بالله. قلت اتصل بطبيبي ليغيّر لي الوصفة او يشتريها بنفسه، لكني تذكرت انه تزوج للتو وسافر في شهر العسل! حسنا؟ ماذا أفعل؟.
قصدت المعالج الفيزيائي لفكفكة رقبتي وتشنج ظهري الذي تفاقم وانا احاول، بكل "هدوء" صرف وصفة الكزاناكس.
ارتحت قليلا ونسيت الوصفة. بعد يومين، حلت عطلة الاسبوع، كانت الوصفة لا تزال في جيبي. وحين مررت بقرب الصيدلية العتيقة المعروفة، في الحمرا، قلت: هنا على الأكيد سيصرف لي الصيدلاني العجوز الوصفة لانه "عتيق في المهنة". وهذا صحيح عامة. ذلك ان التدهور في مهنية وأخلاق ووعي الصيادلة اليوم، هو الأخر تفاقم بشكل مفجع، تماما ككل المهن في لبنان.
-مرحبا عمو، عندك اكزاناكس؟
-ايه في عمو، معك الوصفة؟
لكن، ما ان امسك بالوصفة وتوجه ليجلب لي الدواء، واذ... به يعود على اعقابه.
-خير؟
-ما بتمشي الوصفة.
-يا الله.. ليه؟
-لانو صرلها أكتر من أسبوع!
- بتقصد مش نفس الشهر؟
-لا لا .. وزارة الصحة بتقول لازم تنصرف خلال أسبوع!
بدا الأمر لي "تحشيشة" لبنانية صرف! فضحكت. ضحكت تلك الضحكة التي تستبدل بها الغضب والشتائم. فالرجل من جيل والدي، وهو محترم. ولكن؟ ماذا سيفعل المحترمون في بلاد غير محترمة؟ بلاد أناسها إن سنّوا قانوناً جيداً طبقوه بغباء، او استثمروه "سبوبة" للرشوة (انظر قانون التدخين مثلا)، وأصحاب مهن انسانية يتصرفون كباعة، ويعاملون المرضى كزبائن، والأدوية كسلع؟ وسألت نفسي: ترى لو كان "الكزاناكس" بمائة دولار بدلا من ١١الف ليرة (٧دولارات)، ألم يكن البائع (اي الصيدلي) ليغامر بصرفه؟ وهل يحق للصيدلي أن يقرر أي نوع أدوية سيبيع مستبعداً تلك "المعقدة" الإجراءات أو تلك التي قد تعرض دكانته، او صيدليته. للسرقة؟
ثم سألته وأنا، بشكل واع هذه المرة، أكزّ على أسناني وأحس بحاجة فعلية، مصيرية، للكزاناكس:
-طيب عمو. وعندك دوا للي ما بتزبط معو الوصفة؟ بقصد عندك كزاناكس لوصفة الكزاناكس؟

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/18/2015 8:31:32 PM

يا ست ضحى ما تخافي منو هيدا الدوا... متل م قالت الست رنا بيجي بالجملة، الشوال ارخص بيطلع... انا برش منو على وج صحن الصلاطة.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/19/2015 12:12:39 PM

ع صحن السلطة؟ يعني في منو بودرة؟ ايه اضرب.. هيك بيفكروني عم كوكن.. مهضومة ضحكتيني.. ع فكرة النسوان والمهدئات قصة! مودتي

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

رنا رنا - 3/18/2015 10:30:58 AM

كنت قوليلي بديك كزانكس، بوكرا ب جبليك قطرميز فيه الف حبة..... هينة.انت رحتي تصرفي دوا بالمحل الغلط

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/18/2015 5:06:26 PM

لو بعرف انك مخزنة اكييييد كنت طلبت منك. بس اطرميز؟ يعني انت من طرابلس.. يا هلا برنا.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

إكس مدمن إكس مدمن - 3/18/2015 9:03:04 AM

من عشرين سنة شخّص لي الطبيب الفرنسي ما شخّصه طبيبك و مثلك رفضت "النعلة" و مثلك وصف لي طبيب آخر الكزاناكس و وصل بي الأمر إلى ست حبّات 0.5 يوميّاً مع نفس الأوجاع. و ما من طبيب قال لي أنّي أدمنت إلى أن التقيت طبيباً "عنّفني" و يحاول من عشر سنوات إزالة إدماني. اليوم "أكتفي" بحبتين 0.25 و شهر مغنيزيوم (لا حاجة لوصفة) و زالت الأوجاع و بقي الكزاناكس و لو حبتين أثابر على الاستغناء عنهما. يعني أكلتها بالنعل بدل النعلة. و من زمان كان يقال النصيحة بجمل : جرّبي كلّ شيء قبل هذا الدواء (لأنّه يبقى دواء) و إذا و لا بدّ لا تأخذيه إلاّ تحت إشراف طبيب و ليس تاجر بلا ضمير أو جاهل لم يسمع بإبوكراط. و لك الشفاء و المودّة

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/17/2015 10:30:13 PM

كل التحيات ست ضحى انصحك باستخدام بما اطلقت عليه نعل الاسنان. انا استعملها منذ فترة وتعودت عليها جدا لدرجة اني لا استطيع النوم بدونها عليك بالصبر اذا استخدمتيها. بالاسبوع الاول كان مزعجا كثيرا حتى اني قررت ان ارميها لكن مع بعض الصبر تعودت عليها. عليك بالمضغ عليها كانها جزء من الفم. الامر كله نفسي بالدرجة الاولى. انا كتت ايضا اعاني الصداع وكله ذهب مع قطعة البلاستيك هذه. ادعو لك بالصحة وحياة ونوم بدون الم

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

WASSIM WASSIM - 3/17/2015 9:32:03 AM

لن يكون الxanax الحل الجذري لاوجاعك في هذا البلد "الفارط" من القيم الانسانية والاخلاقية بوجود سياسيين لا يفقهون شيئ من المفاهيم السياسية...مسؤولون لا يتمتعون بالحد الادنى من المسؤولية بأي مراكز وجدوا،مجتمع فاسد يتلهى "بالقشور" تسيطر عليه نفوس طائفية بغيضة وقلة اخلاق لا متناهية في كل شيئ فكيف لك يا عزيزتي ان تشفي وانت ترين كل يوم ، كل ساعة ، كل دقيقة هذه الامراض المتنقلة المتفشية بالتأكيد ستزيد اوجاعك على "الشوفات" وقلة الفهم وعدم المسؤولية وعل راي زياد الرحباني "هيدي مش بلد هي قرطة عالم ....."

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مغتربه مغتربه - 3/16/2015 10:50:06 PM

والله حرقت قلبي مره لوجع الرقبه والراس الناتج عن " الكزكزه " ومره لانك ما عم تقدري تفهمي منطق الصيادلة والصيادلة ما عم يفهموا وزاره الصحه و وزاره الصحه اكيد ما عندها منطق غير الربح . خلال زيارتي الي بيروت السنه الماضيه كان هناك بدون مبالغه ٦-٧ ورشات بناء جديد جنب و قدام و وراء بيتي .. والضجيج يبدأ الساعه ٦ صباحا أحينا ٥ .. بعد كم يوم من عدم النوم ذهبت للصيدلية لأجرب دواء ينومني . قال ممنوع بدون وصفه طبيب مع العلم انني اخرجت بطاقتي الطبيه مع صورتي من بلاد الاغتراب . لم اصدق ما اسمع . يعني ست ضحي شو بدي خبرك تخبرك عن مغامراتي في هذا البلد !!!! تحياتي

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/15/2015 8:56:33 AM

اللبناني صار يحس الكزاناكس ديكافينيتد. على كثرة التوتر واستخدامه ما عاد ينفع. والله انا شايف التوتر واضح على الصيادلي. في معهم وصفت الكزاناكس من الشهر الماضي قولك؟

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم