ضمن لقاء أقامته قبل أسابيع، احتفت الجامعة اليسوعية بكتاب مدير معهد المعارف الحكميّة الشيخ شفيق جرادي (الصورة) «هل الدين نزعة إنسانيّة؟» الذي انتقل أخيراً إلى لغة موليير (ترجمه فادي عبد النور وصدر عن دار L’Harmattan في فرنسا ضمن مشروع Pensée الذي يشرف عليه البوفيسور انطوان فليفل). جمع اللقاء كل من رئيس «جامعة القديس يوسف» البروفيسور سليم دكّاش اليسوعي، والباحثين باسكال لحّود، وعلي يوسف.
بإدارة البروفيسور أنطوان فليفل، قدّم المشاركون مداخلات عبّروا فيها عن إعجابهم بالكتاب ومضمونه الفكري بوصفه مشروعاً حضارياً ناهضاً في وجه موت الفكر في عالمنا العربي. قدّمت باسكال لحود أولى المداخلات، فرأت أنّ «الشيخ شفيق جرادي يدعونا إلى التفريق بين روح الفلسفة والدين وبين نظم الفلسفة، وأراد لقرّائه أن يكابدوا إيمانهم ليذهبوا إلى السؤال، كما أراد أن يذكّر المؤمنين ومنتقديهم بأنّ وراء السكون العقائدي الديني كدّاً، ويذكّرنا أنّ صفات الله لا تنطبق علينا، فنحن محكومون بانتمائنا إلى زمن ومكان محدودين، يلزمنا أن نبقى في ظلّ سؤال دائم ويمنع عنا الحقيقة المطلقة». ثمّ تحدّثت عن ثمرتين استطاعت تحصيلهما من قراءتها لهذا الكتاب وهما: «موقف الشيخ شفيق جرادي الذي يعيد للتاريخيّة معناها كمجال للحقيقة والسؤال والتفكّر، وثانيهما هو الإيمان كفعل اتضاع أمام الحقيقة، لا فعل انتفاض عليها». أمّا الباحث علي يوسف، فرأى أنّنا أمام كينونة قطباها المتناقضان يشكّلان وحدتها الجدليّة بين آثار الطين وآثار النفحة الإلهيّة، وهو ما عبّر عنه الشيخ جرادي في كتابه بأسلوب فريد ومميّز. وعرض يوسف محتوى الكتاب وقدّمه شارحاً ما تناوله كلّ فصل بشكل واف ومقتضب.
وآخر المداخلات كانت مع البروفيسور سليم دكّاش الذي بدأ بإعلان محبّة «من موقع انتمائنا إلى أهل الفلسفة والحكمة. نحبّ أهل الحكمة، ونحبّكم محبّة من اختار كلمة الحكمة سبيلاً لطرح سؤال الحوار والتفكّر». وأشار إلى أنّ نقل هذا الكتاب إلى «الفرنسيّة يفتح الباب أمام العالميّة، خصوصاً أنّ هذا المؤلَّف غنيّ ومشبّع بالأسئلة والتحليل، فعندما نتمعّن في النصوص، نرى سماحة الشيخ شفيق جرادي يتجاوز النظر الشرعيّ ويرفع النظر العقليّ للفلسفة».
وبعد المداخلات الثلاث، تقدّم مؤلّف الكتاب الشيخ شفيق جرادي ليشير إلى أنّ هذا الكتاب جاء ليقدّم قراءة في موضوعات ترتبط بمحوريّة الإنسان في الدين «وأسمينا هذه القراءة بإلهيّات المعرفة، وحين نقيّد الإلهيّات بالمعرفة فلنقل: إنّ زاوية المباحث هو الإنسان وليس الله، وإنّي وإن كنت أعتقد أنّ هذا المشروع لم يكتمل بنيانه، لكنني أسعى لأن نستقر بنحو من القلق الجديد من الأبحاث والموضوعات». وختم بأنّه يفتخر بولادته «في زمن نشارك فيه نحن المسلمون في بناء حضارة العالم».