من أحد أحياء منطقة بعبدا التي تحتضن القصر الجمهوري، قرر اللواء عصام أبو جمرة، «رفيق النضال» السابق للعماد ميشال عون، نقل الخلاف بينه وبين عماد الرابية الى مستوى آخر، فأتى الاعلان عن «التيار المُستقل» ليتوج سنتين من العمل. سامر البيطار الذي تعب من التنقل بين لبنان والمهجر، قرر الانضمام الى تيار أبو جمرة ايمانا منه بـ «القدرة على تغيير الواقع الذي نعيشه». لا يحبطه فشل التجارب السابقة: «يجب أن يبقى هناك من يحاول التغيير».
يتذكر أبو جمرة كيف نعت العماد ميشال عون بـ «المجنون» يوم فكّر في توحيد «الحالة العونية» تحت راية حزبية رسمية أيام الوجود السوري. فهو كان، على حدّ قوله، من الرافضين لهذه الخطوة لأنها «ستؤدي الى سجننا جميعا»، ولكنّ أبو جمرة تحوّل الى أحد أبرز أركان التيار الوطني الحرّ بعد تنظيمه، قبل أن يفك ارتباطه برفيق السلاح والنضال عام 2009 بعد استثنائه من التشكيلة الحكومية و»تفرّد» الوزير جبران باسيل بقرارات التيار العوني. قرر أبو جمرة تناسي «الذكريات الجميلة»، مفضلا الكشف عن «أخطاء» عون في تلك الفترة. نائب رئيس الحكومة السابق الذي كان من المرحبين بتوقيع «وثيقة مار مخايل» بين التيار وحزب الله، بات اليوم يتهم الحزب بـ «الارتهان للخارج»!
أمام المبنى الذي يقع فيها مكتب «التيار»، لم يكن هناك أي حشد شعبي. قبل الانتقال الى الطابق الثاني، يتولى أحد العناصر الأمنيين تسجيل الأسماء المُشاركة. كان لافتاً وجود ممثل عن القناة البرتقالية. وُضع على باب المكتب لوحٌ خشبيّ عُلقت عليه أهداف «التيار المستقل» وهيكليته (الرئيس، أمانة السرّ، المكتب السياسي، الهيئة التنفيذية، لجان الاختصاص، منسقيات المحافظات، منسقيات الأقضية والمنسقيات الادارية).
لم يستهل أبو جمرة المؤتمر الصحافي بالاعلان عن النظام الداخلي للتيار او أي امر يختص به. اختار أن يبدأ من المكان الذي انتهى به، فبعدما اقتنع بأن «الحزب الذي أسسنا ضد الارتهان ارتهن لمحور خارجي... والذي أسسنا ضد الاقطاع أصبح معقل الاقطاع... الذي اعتمدنا فيه مبدأ الكفاءة في الاختيار، فأصبحت النفعية فيه عنوانا... كما هي الحال في أحزاب أخرى». من أجل ذلك قررّ اللواء، بالتعاون مع نجيب زوين، سمير ناصيف، سامر البيطار، سمير سليم، فادي أبو جمرة، لوسيان عون، شحادة معلوف، روي أبو جودة، زياد حداد وجورج مرعب، تأسيس «التيار»، «لنبني دولة قوية قادرة على أن تحول دون مشاركة اللبنانيين في أي قتال خارج لبنان خلافا لارادتها». ووعد بأن «التيار» سيعمل من أجل «اجراء التعديلات المناسبة لتصحيح الأخطاء في الدستور».
حين انتهى من كلمته، اعتذر أبو جمرة عن الاجابة عن أي سؤال، الا أن الأعضاء المؤسسين تولوا المهمة عنه. يوضح لوسيان عون أن التيار ليس «موجها ضد أحد، ولكننا قررنا الانخراط بهيكلية حزبية لأن في الاتحاد قوة، ونريد ترجمة أفكارنا ضمن مبادئ الحزب، استكمالا لسنوات النضال». يقول إنهم كانوا امام خيارين، اما إنشاء حركة تصحيحية أو تأسيس تيار جديد، «فاخترنا الخيار الثاني لأننا اكتشفنا أن التصحيح عقيم». يؤكد أنه ليس للتيار أي داعم مادي. أما آلية الانتساب، «فقد حُددت في النظام الداخلي، الذي تقدمنا به الى وزارة الداخلية منذ قرابة شهر ونصف شهر، وما زلنا ننتظر العلم والخبر». يُدرك المؤسسون أنهم لن يحققوا العجائب، يقول أبو جمرة «الاتكال على الله».