لم يُعقد مجلس بلدية بيروت منذ اكثر من شهر بسبب الخلافات بين أعضائه، التي حالت دون التوصل الى اقرار الموازنة في آخر جلسة عقدها في 15 كانون الثاني الماضي. يقول مراقبون إن «الكثير من المشاريع المهمة مجمّدة، من ضمنها خطة النقل... بسبب عدم دعوة رئيس البلدية بلال حمد اعضاء المجلس الى الاجتماع، وذلك خلافا لقانون البلديات»، الا ان حمد لا يرى ان هناك مشكلة. يقول «نحن اعضاء المجلس البلدي بالف خير، والخلافات الحاصلة طبيعية ولا شيء سيؤثر في المجلس». دليل حمد على صحّة كلامه هو «إجماع المجلس البلدي على إقرار مشروعي اقامة مركز مدني ومرأب للسيارات يتسع لـ2500 سيارة محل الملعب البلدي (في الطريق الجديدة) ونقل الملعب الى داخل حرج بيروت (في منطقة قصقص).
حمد كان يتحدّث في مؤتمر صحافي، عُقد اول من امس، في مقر البلدية، لشرح «اهداف التغيير في معالم الملعب البلدي في الطريق الجديدة». واعلن «مباشرة تنفيذ مشروع طريق الجديدة قبل تنفيذ مشروع اقامة الملعب داخل الحرج»، الا ان ما اعلنه حمد يتناقض مع قرار مجلس الوزراء الرقم 62 الصادر بتاريخ 18/12/20015، اذ تضمّن موافقة مجلس الوزراء على المشروعين بشرط ان يجري في المرحلة الاولى بناء الملعب البديل في الحرج، وفي المرحلة الثانية يقام مرأب السيارات والمركز المدني في الطريق الجديدة».
اعلان حمد يعني ايضا ان البلدية ستباشر تنفيذ المشروعين قبل وضع دراسات التقويم الأثري البيئي، التي تعد ملزمة بحسب المرسوم 8633/2012. يؤكد مصدر مطّلع في وزارة البيئة ان البلدية لم تتقدّم الى الوزارة بدراسة الاثر البيئي المتعلّق بالمنشآت في طريق الجديدة وفي الحرج. يقول حمد ان «البلدية باشرت هذه الدراسات، إلا انها لم تنته بعد، وهي ستلتزم التوصيات المترتبة عنها».
مباشرة المشروعين تسبق انجاز دراسات التقويم الأثري البيئي

تسع حجج عرضها حمد كـ»أسباب موجبة لإحداث تغيير جذري في بنية الملعب البلدي»، تركّزت على افتقار هذا الملعب المواصفات الدولية التي تخوله استقبال المباريات، كذلك جرت الإشارة الى ان الملعب البلدي «غير آمن» و»مصدر خطر على الزائرين في حال الطوارئ التي تستوجب الإخلاء سريعا (...)». وورد في الحجة الرابعة ان «لا فائدة عملية ترجى من الملعب البلدي بسبب اقامته على مسافة نحو 500 متر من ملعب المدينة الرياضية الأولمبي الذي يتمتع بجميع المواصفات والمعايير الدولية». في هذا الصدد، طرحت «الأخبار» سؤالا على حمد عن جدوى نقل الملعب الى حرج بيروت، طالما ان المسافة بين المدينة الرياضية وقصقص هي نفسها تقريبا بين المدينة والطريق الجديدة، فهل «الحجج» التي يعلنها كلها واهية على غرار هذه الحجّة؟ اكتفى حمد بالرد «ان ملعب المدينة الرياضية لا يخضع لوصاية المجلس البلدي».
وتطرق حمد الى الحجّة الاهم المتمثلّة في حل مشكلة الازدحام والاختناق الشديدين في السير في طريق الجديدة وعدم وجود مواقف للسيارات. يقول الناشط رجا نجيم ان «كل المخططات المدينية التي تجري حاليا تتمحور حول امكانية انشاء مواقف للسيارات خارج احياء المدينة تمهيدا لاخلاء الشوارع الضيقة من السيارات، فكيف لمخطط يقضي بإدخال 2500 سيارة الى داخل احياء منطقة كطريق الجديدة؟».
ولا يتردد حمد في ربط مشاريع البلدية «الباطونية» بالحفاظ على البيئة وعلى المساحات الخضراء في المدينة، مشيرا الى «تحول منطقة طريق الجديدة الى غابة من الإسمنت»، ما يقضي بتشجير المساحة التي يقوم عليها الملعب. طبعا يستدرك القول «ان اقامة الملعب البلدي البديل في قصقص لن تقضم المساحات الخضراء من الحرج»، الا انه لا يشرح كيف سيحقق هذه «العجيبة»، اذ كيف سيقوم الملعب بمواصفاته الدولية ومواقف سياراته ومرافقه الخدمية والاستثمارية من دون المس بالمساحة الحرجية؟ (راجع العدد ٢٥٠٨ الاثنين ٢ شباط ٢٠١٥ تحت عنوان «بلدية بيروت: الباطون ينهي آخر المساحات الخضراء»/ http://www.al-akhbar.com/node/225224)
يعكس عضو المجلس البلدي السابق سعد الدين حسن خالد عدم وجود معارضة فعلية لمشروعي البلدية، يقول: «ان اهالي طريق جديدة بحاجة الى مشاريع انمائية ولديهم تطلعات تصبو نحو تعزيز واقعهم الاجتماعي»، لافتا الى ان «الأهالي سيحاسبون حمد على نقطتين وعد بهما وهما: ان رسوم الموقف ستكون بقدرة اهالي المنطقة، وان المواقف ستكون لاهل طريق الجديدة فقط (...) ذلك ان المنطقة لا تحتاج الى دخول المزيد من السيارات اليها». الا ان نجيم يرى «ان ما قام به حمد ليس الا عملية تضليل لاهالي طريق الجديدة». لهذا (ربما) لجأ حمد الى استعمال «رفيق الحريري» للدفاع عن المشروعين. قال في مؤتمره الصحافي «أن ما نقوم به هو خدمة لمسار الرئيس الشهيد رفيق الحريري وارادته لتحسين المدينة خدمة لأهالي بيروت»، لافتا الى وجود الكثير من المشاريع في البلدية «منذ التسعينات تنتظر تنفيذها»، وواعدا في «استكمال المشوار»، الذي بدأ بالاستيلاء على قلب العاصمة وتحويله الى مرتعا للمضاربات ثم الدالية والرملة البيضا، ووصل الآن الى حرج بيروت، آخر المساحات الخضراء الفعلية في مدينة «الباطون» .