هناك إجماع على ان وضع مستشفى رفيق الحريري الحكومي «صعب». الصراعات السياسية التي كانت تخاض داخل هذه المؤسسة العامة، كما بقية المؤسسات العامة، على مر السنوات الماضية، أدّت الى انهيارها وتدميرها. يؤكد مسؤولو المستشفى «النقص الحاد في الأدوية والمعدات، فضلا عن غياب الصيانات الضرورية للكثير من التجهيزات». كذلك، لم تنفّذ حتى اللحظة الخطة الإنقاذية التي «وُعد» بها المستشفى عند تسلّم الدكتور فيصل شاتيلا رئاسة مجلس إدارة المستشفى.
عقب إعلانه استقالته، الاسبوع الماضي، قال شاتيلا: «إن رواتب الموظفين الشهرية ليست المشكلة الفعلية، إذ يمكن تأمينها»، لافتا الى أن «الأزمة الحقيقية هي في نقص الأدوية والمعدات والحاجة الكبيرة الى الصيانة»، فيما، قال وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، وقتها، «إنه بعد استقالة شاتيلا نستطيع القول إن الخطة الإنقاذية بدأت».
يعزو أحد المسؤولين سبب المماطلة في دفع الرواتب الى التجاذبات بين ابو فاعور وخليل

يشير مصدر مسؤول في المستشفى إلى أن «الحل لا يكمن فقط في تنفيذ الخطة الإنقاذية التي تقتصر على تلزيم مجلس الإنماء والإعمار القيام بأعمال التأهيل والصيانة وغيرها، بل يكمن في طرح جدي يراعي مبدأ المساءلة والرقابة على مختلف دوائر المستشفى، وأبرزها دائرة المالية». الموظفون أنفسهم سجلوا اعتراضهم على هذه الخطة، التي يجري الحديث عنها كـ»حل إصلاحي». يقول عضو لجنة موظفي المستشفى رامي زهيري إن هذه الخطة «لم تلحظ حق الموظف»، مضيفا إن الأمر يتعدى مسألة الراتب، بل هي «مسار عشر سنوات من البهدلة». إحساس «الغبن» الذي يعبر عنه زهيري يؤكده زميله العضو في لجنة الموظفين بسام عقوم، الذي يشير الى حرمان موظفي المستشفى الكثير من الحقوق التي يتمتّع بها بقية موظفي الإدارات العامة. «في مستشفى الحريري فقط يُحدَّد النسل»، يقول عقوم، في إشارة منه الى أن المنح المدرسية التي يحصل عليها الموظف محددة بولدين فقط. من هنا، كان إصرار الموظفين في اعتصامهم السابق على أن مطالبهم لا تقتصر على تسديد رواتبهم المتأخرة فقط، بل تتعداها «إلى تحسين المنح المدرسية المحددة بـ750 الف ليرة مع تحديد عدد الاولاد باثنين» وغيرها من المطالب.
الموظفون نقلوا الى أبو فاعور عند اجتماعهم به في الاسبوع الماضي، مطالبهم التي تركزت على تنفيذ أحد الاقتراحين التاليين: إمّا ان يجري ضم الموظفين الى ملاك وزارة الصحة، بحيث يصبحون تابعين لتعاونية موظفي الدولة، وإما أن تجري مساواتهم ببقية المؤسسات العامة، كموظفي مؤسسة كهرباء لبنان والكازينو وغيرهما من المؤسسات. بعض الموظفين ربط أزمته بأزمة موظفي «الكازينو»، وأجرى مقارنة بين إنتاجية موظفي كل من المؤسستين، وأبدى انزعاجه من طريقة التعامل التمييزية التي جرت مع كل من الأزمتين. «تهافت جميع النواب لحل ازمة موظفي الكازينو، فيما لم يخرج نائب واحد ليبدي حرصه على ضرورة إنقاذ هذا المرفق الصحي والإنساني»، يقول أحد الموظفين، لافتا الى «التهميش الحاصل في ملف المستشفى».
وكان أبو فاعور قد وعد الموظفين بصرف رواتبهم خلال الأيام الماضية، الا أن الموظفين لم يحصلوا بعد على هذه الرواتب، الامر الذي دفعهم الى التصعيد وإغلاق مدخل الطوارئ اليوم احتجاجا. ويبدي الموظفون تخوفهم من «أن تأتي الرواتب ناقصة»، لان ثمة تسريبات عن أن المبلغ الذي جرى تحويله من المالية هو مليار و100 مليون ليرة، علما أن الرواتب تساوي مليارين و100 مليون.
تجدر الإشارة الى أن رواتب الموظفين أحيلت منذ شهر كانون الثاني على وزارة المالية، ولم يُفهم سبب المماطلة في صرفها، فيما يرد مصدر مسؤول في المستشفى السبب الى «التجاذبات السياسية الحاصلة، بين أبو فاعور ووزير المالية علي حسن خليل».