القاهرة | اختصر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، زيارته لإثيوبيا للمشاركة في القمة الأفريقية الرابعة والعشرين في أقل من 24 ساعة، بعدما اضطر إلى قطعها من أجل متابعة تطورات الاعتداءات العسكرية على الجيش في سيناء، التي راح ضحيتها نحو 35 ضابطاً وجندياً.وسلّم السيسي دفة قيادة الوفد المصري لوزير الخارجية، سامح شكري، الذي وصل إلى أديس أبابا قبل الوفد الرئاسي بيوم واحد، ثم أجرى سلسلة مباحثات ثنائية مع عدد من الوزراء في القارة السمراء.

وكان السيسي قد اختار أن تكون لقاءاته مكثفة، وعلى المستوى الرئاسي، بعدما اختصر الجدول الزمني للمشاركة التي كان مقرراً لها أن تستمر ثلاثة أيام، لكنه وعد رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلا مريام ديسالين، بتلبية دعوته لزيارة أديس أبابا في غضون أسابيع، من أجل مخاطبة الشعب الإثيوبي عبر كلمة في البرلمان.
وضمن اللقاءات التي تراوحت مدتها ما بين 15 و45 دقيقة، تضمنت إحداها مع ديسالين الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من أجل صياغة وثيقة «تضمن حقوق مصر المائية»، وهي الخطوة التي تأتي بعد اتجاه القاهرة للقبول بسد النهضة من دون إجراء أي تعديلات عليه، وخاصة مع اتباع أديس أبابا أسلوب فرض الأمر الواقع والمماطلة وإهدار الوقت، علماً بأن المسؤولين المصريين يجدون أن الوثيقة ستشكل فرصة في حال إخفاق المفاوضات لتعديل بناء جسم السد وتخفيض سعته الاستيعابية، بعدما اكتمل الجزء الأساسي من بنائه.
أزمة مياه النيل سيطرت أيضاً على المباحثات التي أجراها الرئيس المصري مع رئيسي السودان وروندا، إذ أكد السيسي استعداده لزيارة روندا ضمن مساعي تعميق العلاقات بين البلدين، فيما طلب من رئيس روندا، بول كاغمي، تفهم مطلب القاهرة في الحفاظ على حقها التاريخي في مياه النيل، وهو ما رد عليه كاغمي بتأكيد أن «أياً من الدول الأفريقية لن تقف ضد مصلحة الشعب المصري».
في الإطار، كلف السيسي، وزير الري المصري، عقد لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول حوض النيل، من أجل الضغط على الجانب الإثيوبي، والاتفاق على أن تكون أي مشاريع جديدة في دول الحوض المتعلقة بإنشاء السدود، بموافقة مصرية، وبما لا يتعارض مع حصة القاهرة الرئيسية في المياه.
التطور في العلاقات الأفريقية لم يكن بمعزل عن المحيط العربي، فقد التقى السيسي مع الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، وهو اللقاء الثاني لهما بعدما التقيا في الرياض قبل أيام خلال تقديم العزاء بوفاة الملك عبد الله. وشوهد السيسي وهو يحيي السبسي بصورة خاصة، إذ استقبله أمام باب القاعة التي اجتمعا فيها «تقديراً لتقدمه في العمر»، فيما استمرت الجلسة نحو 20 دقيقة، واتفقا فيها على «طيّ صفحة الماضي وعودة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه في سابق عهدها»، وتجاوز التوتر الذي جرى بعد عزل الرئيس محمد مرسي.
في المقابل، وصف الرئيس التونسي نظيره المصري بأنه «رجل لديه نظرة مستقبلية ثاقبة». وقال السبسي إن «العلاقات بين تونس ومصر ترجع إلى القدم، ومن هنا تأتي أهمية تبادل الآراء بين البلدين بشأن المستجدات في المنطقة، وكذلك قضايا الإرهاب التي تواجهها مصر». وفي الشأن الليبي، أضاف إن بلاده ومصر متوافقتان على أن حل الأزمة الليبية «يكمن في التوافق بين الليبيين»، وأنهما مع «وحدة التراب الليبي».
وفيما عمل السيسي بصورة حثيثة على استعادة مكانة بلاده في القارة السمراء، فإنه كان يحشد لدعم الاتجاه المصري في الحصول على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن خلال العام المقبل، لمدة عامين، بالإضافة إلى مساعدة بعض الدول في عمليات التنمية وإعادة الإعمار عبر شركات مصرية ستوفر فرص العمل للشباب المصريين.
وعلى هامش اللقاءات، اجتمع السيسي بنظيره الجيبوتي عمر جيله، والزامبي أدجار لونجو، ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي، وتطرقوا فيها إلى ضرورة دعم البلدين للسياسة الخارجية المصرية، بالإضافة إلى تنمية العلاقات في مجال التجارة والاقتصاد. كما التقى الرئيس المصري رئيس وزراء السويد وملك إسبانيا، ودعاهما إلى مشاركة المستثمرين الأوروبيين لضخ المزيد من الاستثمارات المباشرة ضمن المشروعات الجديدة التي تسعى الحكومة المصرية إلى تنفيذها خلال المرحلة المقبلة بالشراكة مع القطاع الخاص.
عموماً، تأتي مشاركة السيسي في القمة الأفريقية لتضيف دعامة جديدة في بناء السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد عزل مرسي، وما سبقها من اضطرابات أيضاً. وكان مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي قد قرر في شهر حزيران الماضي إنهاء تجميد عضوية مصر في الاتحاد، وذلك بعد نحو عام على قرار سابق صدر عن المجموعة الأفريقة، في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وقضى بتجميد عضوية القاهرة.