تلهث فرنسا في الآونة الأخيرة للعب دورٍ فاعل في الملفّ اللبناني عبر مدخل رئاسة الجمهورية، بعد الفشل المدوّي الذي منيت به في الملفّ السوري خلال السنوات الماضية. وعلى الرغم من ارتباط ملفّ الرئاسة اللبنانية بملفّات المنطقة، حاولت فرنسا ولا تزال تحاول، عبر تنقّل مدير دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرانسوا جيرو بين بيروت وطهران والرياض، فصل الملفّ عن مجمل قضايا المنطقة لتحصيل دور خاص، يعيد لباريس شيئاً من تأثيرها في المنطقة، بعد ذوبان نفوذها لمصلحة الدور الأميركي.
لكنّ فرنسا أمس ذهبت بعيداً حتى عن حلفائها الغربيين، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة الوضع في جنوب لبنان، بعد عمليّة المقاومة ضدّ قوات الاحتلال في مزارع شبعا. فعدا عن أن الاجتماع حصل بطلب فرنسي، جهد المندوب الفرنسي في مجلس الأمن، فرنسوا ديلاتر، للضغط على الدول المعنية، بهدف إصدار قرارٍ يدين عمليّة المقاومة و«خرقها» القرار 1701، و«تسبّبها بالتصعيد الأخير». إلّا أن الدبلوماسية اللبنانية، بدعم من روسيا والأردن، تمكّنت من لجم الاندفاعة الفرنسية، وأثمرت جهودها توجهاً نحو بيان أكثر «اتزاناً»، يعبّر عن القلق و«يدعو الجانبين إلى ضبط النفس واحترام الـ1701»، على ما أكّدت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ«الأخبار».
دعم روسي وأردني
للبنان في وجه مشروع البيان الفرنسي المنحاز


مجلس الوزراء يوافق
على رفع عديد قوى الأمن
الى 35 ألفاً

يبدو الدور الفرنسي ملتبساً، في ظلّ التصلّب في مجلس الأمن ضد حزب الله، ولا يتناسب مع اتصالات جيرو السابقة بالحزب، وزيارته المرتقبة بداية شهر شباط لبيروت والحديث عن الملفّ الرئاسي، خصوصاً أن السفير الفرنسي في بيروت باتريس باولي، حاول بعد الغارة الإسرائيلية في القنيطرة على موكب للمقاومة استطلاع خطوات حزب الله وخياراته في الردّ على الغارة، من دون أن يوفّق في الحصول على أجوبة، و«غاب عن السمع» بعد عملية شبعا.
وبدا لافتاً أمس تعليق الناطق الرسمي لـ«اليونيفيل» أندريا تيننتي على عملية المقاومة، معتبراً أن «الحادث خرق واضح للقرار 1701» ، في الوقت الذي تقع فيه مزارع شبعا خارج القرار 1701 باعتبارها أرضاً محتلة.
وعلمت «الأخبار» أن وزير الخارجية جبران باسيل اتصل ليل أمس بمندوب لبنان لدى الأمم المتحدة نواف سلام، طالباً «تقديم شكوى تدين القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان ومقتل الجندي الإسباني من قوات اليونيفيل فرانسيسكو خافيير صوريا توليدو جراء هذا القصف».
من جهته، أعاد رئيس الحكومة تمام سلام، في كلمة له في بداية جلسة الحكومة أمس، التأكيد على موقفه الذي أدلى به بعد العملية، معتبراً أن «العملية مشروعة وضمن أراضي لبنان المحتلة». وفي مقابل صمت غالبية وزراء 14 آذار، قال الوزير سجعان قزّي خلال الجلسة: « بغضّ النظر إذا مزارع شبعا محررة أو غير محررة، الاعتداء على المقاومة حصل خارج لبنان، وكنا نتمنى لو كان الرد خارج لبنان، وأن يبقى ملتزماً بالـ1701، إذ لا يمكننا الاطمئنان لا للتطمينات الدولية ولا للنيات الإسرائيلية». وأضاف قزّي أن «عملية المقاومة تطرح موضوع قرار الحرب والسلم ومن يتخذه في لبنان». وردّ الوزير محمّد فنيش بأن «الحزب يلتزم بموقف رئيس الحكومة من العملية»، مؤكّداً «أنها لا تخرق الـ1701».
ولفت باسيل إلى أن «إسرائيل، لا المقاومة، هي من خرقت الخط الأزرق عبر قصفها لمناطق جنوبية عدة». وأشار إلى أن «مزارع شبعا ليست ضمن الخط الأزرق، وكان موقفنا سيكون أصعب لو أن العملية حصلت انطلاقاً من مكان آخر من الحدود مع لبنان، لأنه كان سيعتبر خرقاً للخط الأزرق، كما أن أي عملية انطلاقاً من الأراضي السورية كانت ستجعل موقف الحكومة أكثر تعقيداً، لأنها تتعارض مع سياستها المعلنة بالنأي بالنفس».
من جهة ثانية، وافق مجلس الوزراء على رفع عديد قوى الأمن الداخلي إلى 35 ألفاً، بعد أن كان البند المطروح على جدول الأعمال يشير إلى رفع العديد إلى 40 ألفاً، وسط اعتراضات من وزير المال علي حسن خليل ووزيري التيار الوطني الحرّ بسبب وضع الحكومة المالي. وأكّدت مصادر وزارية أن «اعتماد رفع العديد إلى 35 ألفاً هي فكرة الرئيس سلام». كذلك وافق مجلس الوزراء على قبول هبة من الاتحاد الأوروبي للتنمية في منطقة كسروان، ما دفع قزّي إلى شكر الوزراء على موافقتهم.
وفي سياق آخر، وصل أمس إلى بيروت رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية علاء الدين بروجوردي، على رأس وفد نيابي ووزاري، للمشاركة في الاحتفال الذي يقيمه حزب الله تكريماً لشهداء القنيطرة في مجمّع سيد الشهداء بعد ظهر اليوم. ومن المقرّر أن يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليلقي خطاباً في الاحتفال.