لا تبدو «البشارة» التي زّفها الرئيس السابق ميشال سليمان، في شأن هبة المليارات الثلاثة السعودية للجيش قبل نحو سنة، أكثر من جعجعةٍ بلا طحين، إذ تزداد التساؤلات حول جديّة الهبة ومصيرها، في ظلّ تأخر السلاح الفرنسي الذي ستُغطّي الهبة نفقته، بحجّة الإجراءات البيروقراطية. ففي مقابل الجدّية التي تعاطى بها الجيش وتنقل قائده العماد جان قهوجي بين الرياض وباريس للتنسيق والاتفاق مع المعنيين على أنواع الأسلحة المطلوبة، تتعامل السعودية وفرنسا بـ«استهتار» واضح مع الجيش وحاجته الماسة إلى السلاح لخوض معاركه مع الإرهابيين.
والتشكيك صار واضحاً على لسان نواب وأمنيين وعسكريين، حول الأسباب الكامنة خلف تأخر السلاح، في ظلّ حاجة الجيش الحقيقية إليه مع ازدياد خطر الإرهاب على الحدود الشرقية وفي الداخل.
وتتحدث مصادر سياسية متابعة لملف تسليح الجيش عن ثغرة جديدة في ما يتعلّق بالمساعدات الأميركية، إذ إن «الولايات المتحدة تواجه قوانين الكونغرس الصارمة، التي تمنع في أحيان كثيرة إرسال السلاح المطلوب مباشرة من الجيش الأميركي». وحجة الكونغرس هي خوفه من وصول هذا السلاح إلى أيدي مجموعات لبنانية «إرهابية». وهذا ما دفع الإدارة الأميركية، بحسب المصادر، إلى «الاستعانة بالأردن لإرسال سلاح أميركي إلى لبنان»، و«هناك مسعى آخر لاتباع الخطوة نفسها مع الإمارات».
وتشير المصادر إلى أن «القيادة العسكرية لا تزال تعكّز على المساعدات الأميركية التي تصل بالمفرّق، وكان آخرها مدفع 155 ذاتي الحركة، خدم في الأردن، وأرسل إلينا، على اعتبار أن الوضع على الحدود يحتاج إلى مساعدات سريعة»، علماً بأن «هذا النوع لم تكُن الولايات المتحدة تسمح بإرساله قبل سنتين». ويضيف أن «محاولة استهداف برج المراقبة العاشر في المعركة الأخيرة في جرود راس بعلبك، أثبت أن الوضع لا يحتمل التأخير، رغم ذلك فإن أكثر السلاح الذي يحتاج إليه الجيش في معركته لم يصِل». أكثر من ذلك، يبدو عزم واشنطن على تطوير برنامج مساعداتها العسكرية للجيش لـ«غاية في نفس يعقوب»، إذ «لا يتلاءم السلاح الأميركي مع ما سيحصل عليه الجيش من أسلحة وعتاد فرنسي عبر شركة أوداس الفرنسية المتخصّصة بتصدير الأسلحة». ويتحدّث المصدر عن «تنافس فرنسي ــ أميركي على التسليح والاستفادة من الهبات السعودية التي تنزل وعوداً لا عملة». أما سبب «استعجال الأميركيين بإرسال طائرات الاستطلاع، وصواريخ الهيلفاير والآليات المخصصة للتضاريس الجغرافية الوعرة» بحسب المصدر، فكان «للإثبات بأن السلاح الأميركي هو الأفضل في معركة الجيش ضد المجموعات الإرهابية».
حتى الآن، «تنجح واشنطن في الترويج لسلاحها» بحسب المصدر، وما يُساعد الولايات المتحدّة أن «المساعدات التسليحية الفاعلة التي يحتاج إليها الجيش لا تؤمّنها فرنسا». فبحسب مصادر أخرى مطلعة على عقود الصناعة العسكرية الفرنسية «تنوي فرنسا إرسال ثلاثة زوارق دورية من طراز إدروات من ضمن الهبة، مع أنه لا قدرة لبنانية على استخدامها. فهناك زورق واحد يملكه الجيش في البحر بطول 22 متراً بالكاد نستطيع تحريكه، إضافة إلى زورق أرسلته الولايات المتحّدة بطول 43 متراً غير مجهّز والنظام الإلكتروني فيه حتى الآن لا يعمل. فكيف نقوم باستيراد زوارق فرنسية بطول 56 متراً؟»، فضلاً عن أن «وجود هذه الزوارق في البحر لن يساعدنا في مواجهة الوضع في منطقة القلمون».




شبهات حول مقتل رتيب في «فرع المعلومات»

دويُّ الرصاصات التي أردت إحداها المؤهل أول غسان عجاج، أحد رتباء فرع المعلومات، أمام منزله في بلدة مرياطة (زغرتا) منتصف ليل أول من أمس، استوقفت المحققين. فإن كان الأمر اغتيالاً، فلماذا لم يستخدم القاتل/القتلة كاتم صوت لتنفيذ الجريمة.
للوهلة الأولى، وُجِّهت أصابع الاتهام إلى مجموعات إرهابية، ولا سيما أن فرع المعلومات بات في الآونة الأخيرة عرضة للهجوم والتحريض من قبل بعض أئمة المساجد في طرابلس والشمال، على خلفية دوره في توقيف شبكات متورطة في أعمال إرهابية واقتحام مبنى الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية. وقالت مصادر أمنية إن عجاج «تعرّض لعملية اغتيال موصوفة، والجريمة رسالة واضحة إلى الفرع لثنيه عن مواجهة الإرهابيين والتصدي لهم»، مشيرة إلى أن «سيارة المغدور كانت قد أُحرقت قبل نحو سنة من قبل مجهولين». «الأخبار» علمت أن نطاق عمل عجاج كان ضمن قضاء زغرتا، وأنّ مهماته لم تكن مرتبطة بالخلايا الإرهابية، مستبعدة فرضية اغتياله لدورٍ ما في هذا الخصوص. ونفت المصادر ما تردّد عن ربط مقتله بتوقيف علا العقيلي، زوجة القيادي في «داعش» أبو علي الشيشاني، التي أوقفتها استخبارات الجيش في منطقة زغرتا. ولفتت إلى أن الفاعل يعرف المغدور جيداً، أو أنّه كان يرصده لفترة معينة قبل تنفيذ الجريمة، لكونه أطلق النار عليه من مسافة قريبة في المكان الذي اعتاد المغدور ركن سيارته فيه. وفي هذا السياق، استوقف كثيرين نعي «الشرفاء في آل عجاج وعموم أهالي مرياطة» للمغدور، ما أثار تساؤلات كثيرة عن هذه العبارة غير المعهودة في أوراق النعي، وحول ما إذا كان هناك خلاف عائلي وراء الجريمة. أما على صعيد التحقيقات، فكشفت المعلومات أنّ مسار التحقيق يحتمل أكثر من فرضية، لتحديد إذا ما كان دافع الجريمة شخصياً أو عملية اغتيال دوافعها من نوع آخر.