سيناء | قررت السلطات المصرية تمديد العمل الجزئي في معبر «رفح»، بين سيناء وغزة، ليوم ثالث، وخاصة بعدما شهد اليوم الثاني (أمس) تعطلاً لشبكة الحواسيب الرسمية في المعبر. خلال اليومين الماضيين، كانت المشاهد المؤلمة للحالات الإنسانية التي تريد الخروج من غزة لا تستطيع الصور مواكبتها. لكن ثمة قصة أخرى عن العائدين العالقين من مصر، وخاصة الذين كانوا معتقلين في السجون المصرية.
في الثامنة والنصف من صباح الأحد، خرج الشاب رائف من بوابة سجن العريش المركزي ليركع على الأرض ساجداً بعد ثلاثة أشهر قضاها في عتمة الزنزانة. ورائف مواطن غزي كان من ضمن 51 أفرجت عنهم السلطات المصرية، بعدما ألقت القبض عليهم خلال محاولتهم دخول سيناء للهجرة عبر البحر إلى أوروبا، وتحديداً قبل ثلاثة أشهر.

وسمح بمرور السجناء المفرج عنهم على دفعتين، بعد نقلهم على متن حافلات تابعة لقوات الأمن تحت حراسة أمنية مشددة إلى المعبر، حيث تمّ تسليمهم إلى قوات أمن تابعة لحركة «حماس»، نقلتهم بدورها إلى غزة.
وقالت الأجهزة الأمنية، في شمال سيناء، إنها ألقت القبض، في وقت سابق، على عشرات الفلسطينيين، خلال محاولتهم دخول البلاد على متن قوارب صيد نقلتهم من شواطئ رفح الفلسطينية إلى شواطئ العريش. ويوضح مساعد مدير الأمن في شمال سيناء، اللواء علي العزازي، أن «ممن ألقي القبض عليهم من دخل عبر البحر، أو الأنفاق الحدودية الباقية بين مصر والقطاع، ونيتهم الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا». وأشار العزازي إلى أنه «تم ضبط بعضهم فور نزولهم من قوارب صيد مصرية، وآخرون كانوا مارين على الحواجز في مناطق الميدان وبئر العبد».
«لا يجبرك على المر إلا الأمر منه»، يقول السجين المفرج عنه من سجن العريش المركزي، راني أبو ليحة، الذي يضيف: «لم نخرج من غزّة إلا بعدما ضاقت بنا الحال وأطبق الحصار علينا من كل جانب... لا عمل ولا رواتب، لذا فكرنا في الهجرة إلى أوروبا». وعن طريقة الخروج من غزة، يوضح شاب آخر يدعى خالد أبو جزر أنهم اتفقوا مع مهرّبين مصريين، من خلال وسيط من غزة، على نقلهم إلى العريش على متن قوارب صيد، «مقابل 300 دولار لكل شخص». لكن المفاجأة غير السارة لهؤلاء، كانت وجود قوات الأمن المصرية بالمرصاد، هنا يوضح أحمد البدرساوي، أنهم خرجوا في منتصف الليل من غزة، «ووصلنا إلى شاطئ مدينة العريش، بعد ساعتين، وما إن خرجنا من القوارب حتى فاجأتنا قوات الأمن المصرية، ونقلتنا إلى السجن المركزي في العريش».
ووفق أحد المهربين، فإن «عمليات التهريب تجرى في الليالي المظلمة، بين الساعة 12 و2، وهي المدة التي تغير خلالها قوات حرس الحدود المصرية دوام أفرادها».
أما من لم يعبر إلى الجانب المصري عن طريق البحر، فاختار عبور الأنفاق قبل تدميرها في رفح. حسين شامية يتذكر ليلة إلقاء القبض عليه أثناء مروره على حاجز «بئر العبد»، ويقول: «بعد خروجنا من غزة عن طريق نفق، وضعنا ليلاً في غرفة مع الأغنام في منزل أحد المهربين، وفي الصباح ارتدينا ملابس بدوية وتوجهنا إلى العريش، وسط حالة من الرعب». ويضيف: «خلال مرورنا على الحاجز، طلب مني الشرطي إبراز الهوية الشخصية فسلّمته جواز سفري، وعندما لاحظ أنه لا توجد أختام مغادرة غزة ودخول مصر، أمرني بالنزول من السيارة، ثم جرى تحويلي إلى الحجز في قسم الشرطة، ومنه إلى سجن العريش... هناك عشت مع رفاقي التنكيل والإهانة».
في المقابل، يقول مصدر أمني في مديرية أمن شمال سيناء، إنه جرى الإفراج عن غالبية السجناء الفلسطينيين «تقديراً لأحوالهم المعيشية والإنسانية الصعبة، وحرصاً على مستقبلهم»، مشيراً إلى أنه «في حال تكرار تسلّلهم إلى مصر، ستجرى محاكمتهم وفقاً لإجراءات القانون المصري».