■ في زيارتك السعودية، كان لافتاً المستوى العالي للقاءات. فعلى ماذا تركز البحث؟ــــــ كان البحث متشعّباً وطال أموراً عدة. لم نبحث في التفاصيل، بل تناولنا أمور المنطقة ككل، وتكلمنا في الوضع اللبناني طويلاً، خصوصاً ما يجري على الحدود الشرقية والمساعدة السعودية التي قدمتها المملكة للجيش اللبناني وجاءت في توقيت مناسب تماماً. وكان لديّ سؤال وأنا هنا عن ردّ الفعل السريع الذي قاموا بها لدعم الجيش، وجوابهم أنهم تابعوا الاحداث التي تجري في لبنان وتنبّهوا الى أن لدى الجيش النية الكاملة، لكن ليست لديه الامكانات التي تمكّنه من تنفيذ المهمات الموكلة اليه، فقرروا المساعدة فوراً عبر هبتين. وهم مصمّمون على تقديمهما في أسرع وقت ممكن.

أما الموضوع الثاني فهو رئاسة الجمهورية. هذا الموضوع سبق أن بحثته في الزيارة السابقة. ومنطق السعودية لا يزال هو نفسه، إما أن تتفقوا كمسيحيين على مرشح واحد، ونحن سنساعد بكل وسائلنا لتبنّي هذا الترشيح، علماً بأن السعودية تبدي تقديرها كثيراً لدور المسيحيين في لبنان، وإما أن تتفقوا مع الافرقاء الآخرين على مرشح توافقي.

■ تردّد في بيروت أن السعوديين طرحوا عليك أسماءً توافقية؟
ــــــ أبداً، لا في الزيارة الاخيرة ولا في التي سبقتها.

■ إذا كانت المواقف السعودية هي نفسها، فلماذا توقيت الزيارة الآن وهذا المستوى من اللقاءات؟ وهل لها ارتباط بالحركة الاقليمية الاخيرة بين الموفدين الفرنسي والروسي ونشهد اليوم زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني على لاريجاني الى بيروت؟
ــــ كلا. هذه الزيارة هي من ضمن الزيارات التي أقوم بها الى المملكة، وأشكر هنا الملك عبدالله بن عبد العزيز والمسؤولين السعوديين الذين التقيتهم، الامير مقرن بن عبد العزيز والامير متعب بن عبدالله والامير خالد بن بندر والسفير السعودي علي عواض العسيري، على العناية الخاصة التي أحاطوني بها. أما بالنسبة الى الحركة الاقليمية، فخلاصاتي شخصياً من جراء هذه المحادثات مع كافة المسؤولين السعوديين أن الحركة الاقليمية حالياً هي حركة بلا بركة. لا شيء جدياً حتى الآن، علماً بأن الموفد الفرنسي كان يفترض أن يزور طهران الاسبوع الماضي، لكنه أرجأ زيارته. لا شيء جديداً ومتحركاً في بيروت وسوريا. وحده العراق يشهد بعض الحركة، لكن أيضا بسرعة قليلة جداً، عدا بعض العمليات العسكرية التي تحصل على الارض.
■ ما هي رؤية السعودية للوضع على الحدود الشرقية، وخصوصاً بعد تمدّد تنظيم الدولة الاسلامية والتخوّف من التوجه نحو لبنان؟
ــــــ السعودية قلباً وقالباً مع السيادة اللبنانية. وإذا جرّب أي فريق الدخول الى لبنان، فالسعودية ستكون مع الدولة اللبنانية ومع الجيش، وليس مع أي فريق. وهي مع استقرار لبنان وبقائه دولة مستقلة، وستفعل أي شيء للحفاظ عليه. وأقصى تمنياتها أن تجرى الانتخابات في لبنان قريباً، وأسفها كبير لأن الانتخابات لم تحصل.

■ بالنسبة الى الوضع السوري، هل هناك تخوف مشترك من استمرار الوضع السوري على ما هو عليه مع بقاء الرئيس السوري بشار الاسد؟
ــــ خلاصاتي أنا أن من غير الوارد مطلقا حل أزمة سوريا مع بقاء الاسد. حتى خلال لقاءاتي مع الموفد الروسي ميخائيل بوغدانوف ومع المسؤولين السعوديين، فإن الروس أصبحوا جاهزين لحل ما في سوريا، ولم يعد لديهم موقف عقائدي ممّا يجري فيها. ولكنهم يريدون جاهزية أميركية لهذا الحل وتبادله معهم. والاميركيون اليوم لا يبيعون ولا يشترون، وكلنا نرى كيف تتصرف الادارة الاميركية الحالية.

■ التقيت الرئيس سعد الحريري، عشية الحوار بين المستقبل وحزب الله، فما هو جدول الاعمال بينهما، وما هي أجواء اللقاء بينكما في ما يتعلق بانتخابات الرئاسة؟
ـــ تحدثت مع الرئيس الحريري في كل ما يتعلق بالرئاسيات، أي كل شيء. وبصراحة استعرضنا جميع الاسماء المطروحة. ولم نتخذ خلاصات ولم نتفق على شيء معين. لكننا استعرضنا كل التفاصيل وكل مواصفات الأسماء وتقويمنا لها، ولم يكن تقويمنا أو آراؤنا حولها بعيدة بعضنا عن بعض. وأجرينا جولة أفق كاملة وكل الخيارات المطروحة أمامنا حول الملف الرئاسي.

■ ألم تتوصلا بعد الى خلاصات أو اتفاقات؟
ـــــ كلا، لا نزال نتداول. لكن حتى لو توصلنا الى اتفاقات، أو أي أسماء، فماذا سنفعل بها، ما دام الفريق الآخر لا يزال مصراً على رأيه؟ استعرضنا الاسماء الموجودة وأجرينا تقييماً لها.

الروس اصبحوا جاهزين لحل في سوريا ولم يعد لديهم موقف عقائدي مما يجري فيها


استعرضت مع الحريري كل الاسماء المطروحة للرئاسة ولم نتفق على شيء معين


■ وماذا عن الحوار بين المستقبل وحزب الله؟
ــــ ليس أكثر مما نسمعه. الحوار ضرورة سنية ــ شيعية. جرّب الحريري كثيراً أن يطرح موضوع تسخين انتخابات رئيس الجمهورية، وتسهيل انتخاب الرئيس، لكن الظاهر أن حزب الله لم يتجاوب، وطبعاً هذا الموضوع له علاقة بالعماد ميشال عون. حتى الآن يتضمن جدول الاعمال تفاصيل ضرورية لتخفيف الاحتقان السني ــ الشيعي. مثلاً الخطة الامنية في البقاع. لقد اتخذ الجيش تدابير أمنية جيدة في عرسال وفي طرابلس، فلماذا لا تطبّق الخطة في البقاع؟ إذاً الحوار أكثر ما يكون لتخفيف التوتر السني ــ الشيعي. وهذا التوتر في لبنان ليس سببه أحداث المنطقة. هي أحد الاسباب، وكان يمكن أن يبقى بعيداً ومقبولاً. لكنّ هناك تسعيراً في لبنان لهذا التوتر بسبب ممارسات السلطة التي تجعل الصيف والشتاء تحت سقف واحد. هذا ما يريدان أن يبحثاه، للحفاظ على الاستقرار أكثر مما هو حالياً.

■ هناك جو حواري بين حزب الله والمستقبل، وشاهدنا جولة الرئيس أمين الجميل جنوباً. لماذا يستثني حزب الله القوات من الحوار، رغم أن ما بينه وبين المستقبل والكتائب ليس قليلاً؟
ــــ حزب الله كان يسعى دوماً لأن يصور نفسه بصورة المحاور المسالم، وأنه يتواصل مع كل الافرقاء، ولكن ليس أبعد من ذلك. الصورة فقط للشكل. لكن لا أعتقد أن هذه الحوارات أوصلت الى أي مكان. فهو موجود في الحكومة ولكنه يختلف مع المشاركين معه في نقاط كثيرة. حركته من دون جدول أعمال. الحزب دائماً يستبعدنا من اتصالاته، لأنه إذا لم يكن هناك مادة للبحث وإذا لا يوجد أي أمر نقترب به، فنحن لا نمشي ولا يخرج من الحوار أي نتيجة. نحن منفتحون على كل الطروحات، إلا أن الحزب لم يقدم أي طرح بعد من أجل أن يتقدم لبنان خطوة واحدة الى الامام. أما مع الرئيس نبيه بري فهناك أخذ وردّ بيننا وبينه، لأن هناك مواضيع عملية مطروحة ويمكن أن نتحاور بها.

■ بالانتقال الى اللقاء مع العماد ميشال عون. هل هناك لقاء فعليّ؟ وهل تحدد موعده؟
ــــ الموعد كلا، لكن النية موجودة. أنا لدي النية الكبيرة جداً، ولدينا كقوات لبنانية قرار باستكمال الحوار بكافة المواضيع، حتى لو لم نتوصل الى نتائج. فالحوار بيننا سيشمل كافة المواضيع وليس محصوراً فقط برئاسة الجمهورية. إذا لم نتفاهم حول هذا الموضوع فهناك مواضيع أخرى للبحث، ووجهات النظر غير بعيدة بعضها عن بعض. قرار القوات اللبنانية أن نتابع الحوار على أوسع ما يكون، في محاولة للوصول الى نتائج، إذا أمكن، حول كل النقاط المطروحة، أو على الأقل حول بعضها.

■ قال العماد عون في مقابلته الاخيرة مع «الأخبار» إنه مستمر في ترشيحه ولن يتنازل لأحد. فعلى ماذا ستتحاوران، وأنت قلت إنك مستعد لفعل أي شيء من أجل إجراء الانتخابات؟
■ هذا صحيح، هذا هو موقف العماد عون الذي نتبلغه من خلال المفاوضات. لكن رغم ذلك مستمرون في الحوار. ونعتقد أنه في نهاية المطاف، إذا رأى عون أن ترشيحه لن يوصله الى أي مكان فلن يبقى متمسكاً به. وبالتالي نحن سنعطي الوقت للحوار ولن نتعب بسهولة، وسنبقى نتداول معه. موقفي واضح: نقول للجنرال إذا كان لديك حظ فليكن. ولكن إذا لم يكن لديك حظ فيجب ألا يبقى مقعد رئيس الجمهورية شاغراً، والانتخابات معطلة.

■ كقيادات مارونية، من يتحمّل مسؤولية شغور الرئاسة، وخصوصاً أن الكلام بدأ يتردد أن هذا الشغور سيستمر شهوراً طويلة؟
ــ كل الكلام مع العماد عون حتى لا يستمر الشغور طويلاً. أما من المسؤول عن هذا الشغور فهو من يرفض النزول الى الجلسات النيابية، المسؤول عن الفراغ هو الكتل النيابية التي تعطّل النصاب. النصاب موجود في الدستور ليس للتعطيل بل للانتخاب، ومن يتحمل المسؤولية هو من يعطله.

■ قال المطران سمير مظلوم إنه لا فائدة من عقد لقاء للقيادات المارونية ما دام كل واحد منها لا يزال على موقفه. هل طرح عليكم عقد لقاء رباعي في بكركي؟
ـــــ أتمنى أن تكون الطروحات دقيقة. فماذا يعني أن كل واحد لا يزال على موقفه؟ هل يجب أن نغيّر موقفنا ونقاطع الانتخاب؟ إما هناك دستور وطريقة يعتمد عليهما للانتخاب، وإما لا. النقطة الثانية، إذا لم نجتمع في بكركي أو غيرها، ولم نطل على الاعلام، فهذا لا يعني أن التواصل مقطوع. بالعكس، التواصل مستمر بيننا جميعاً، الكتائب والمردة ومع العماد عون. لقد عرض علينا أن نجتمع في بكركي، ولكن التواصل والاتصالات مستمرة بين الاطراف الاربعة يومياً، ولا يقدم أو يؤخر اجتماع بالزايد أو بالناقص.

■ هل ترى أملاً بإجراء انتخابات؟
ــ القوات وأنا شخصياً نقوم بالاتصالات اللازمة حتى نجري الانتخابات في أسرع وقت. لا أعرف إذا كنا سنتوفق بصراحة. لكننا نعتقد أنه لا يمكن لأي شخص أن يبقى معطلاً للانتخابات الى ما لا نهاية. قد يصلون الى وقت يرون فيه أن التعطيل لم يوصلهم الى شيء، لا بل إن البلد يضيع.
■ هل ترى حتى الآن إيجابيات من الحوار مع عون؟
ــ هناك مواضيع تطرح غير الرئاسيات. هناك إيجابيات في تبادل الآراء والتفاوض في حدّ ذاته. العقد نحلّها حين نصل اليها.

■ أمنيا، هل تتخوف من الوضع الامني الحدودي واحتمال تطوره الى الداخل، أم أن هناك رعاية دولية لحفظ استقرار لبنان؟
ــــ ليس الرعاية الدولية هي التي تحمي لبنان. الوضع الامني ممسوك في البلد لأن الاحزاب الكبيرة متفقة على الحفاظ على الاستقرار. وكذلك فإن هناك إجماعاً من الجميع على مواجهة كل الجماعات المتطرفة في البلد. ولكن هذا لا يمنع من محاولة حصول أعمال مخلة بالامن كتفجيرات محدودة جداً وخليات، لكن يظل تأثيرها محدوداً ولا أعتقد أن هناك في المدى المنظور خوفاً على الاستقرار في لبنان. الجيش متمركز في شكل جدي ومطمئن على الحدود الشرقية.