ما حققته «وكالة الاستخبارات المركزية» لم يكن لينجح لولا مساعدة بعض الدول الأوروبية ومشاركتها في برنامح «سي آي إي» للتوقيف والتحقيقات. تلك خلاصة أخرى أشار اليها بعض النشطاء والصحافيين تزامناً مع صدور تقرير الكونغرس، إذ تظهر معلومات موثّقة صادرة عن مؤسسات أوروبية أن دولاً من الاتحاد الأوروبي ساعدت «سي آي إي» في تنفيذ عمليات خطف، فيما استضافت دول أخرى ما يُسمى «مواقع سوداء» هي في الواقع غرف تعذيب على أراضيها. وفي عام 2007، قال المحقق الخاص لمجلس أوروبا ديك مارتي إنّ «هناك أدلة كافية للقول إن سجوناً أميركية سرية كانت موجودة في بولندا ورومانيا».

وأضاف أنّ «نقل المشتبه فيهم ممن خطفتهم فرق سي آي إيه في أوروبا بصورة غير قانونية يشكّل انتهاكاً هائلاً ومنهجياً لحقوق الانسان». ولا يُعرف حتى يومنا هذا حجم الدور الأوروبي في هذه الممارسات، بسبب تكتّم الولايات المتحدة والدول الأوروبية الحليفة لها طوال السنوات الماضية. لكن بعض الحقائق خرجت الى النور بفضل عمل منظمات غير حكومية وبعض وسائل الإعلام والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا.
إيطاليا البلد الوحيد الذي أدان قضاؤه مسؤولين لتورّطهم في برنامج «سي آي إي»


واللافت أن كل من حاولوا تسليط الضوء على دور أوروبا قالوا إن حكومات أوروبية عملت بنشاط على عرقلة جهودهم، وذلك بتصنيف القضية على أنها «من أسرار الدولة».
وامتنعت الدول الأوروبية عن إجراء تحقيق في دور الأجهزة والمسؤولين الذين ساعدوا «سي آي إي» في عملها. وكانت السويد البلد الوحيد الذي دفع تعويضاً لضحايا هذا التواطؤ، وإيطاليا البلد الوحيد الذي أدان قضاؤه مسؤولين لتورطهم في برنامج «سي آي إي».
ونقل مقال في صحيفة «ذي غارديان» البريطانية معلومات عن إحدى المؤسسات الأوروبية تفيد بأنّ 54 حكومة على الأقل تعاونت مع أنشطة «سي آي إي» تلك، بينها 21 حكومة أوروبية، 17 منها حكومات دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
إلى جانب هذه الدول، قائمة الدول الأوروبية التي تواطأت مع «سي آي إي»، سواء في الرحلات السرية لنقل المشتبه فيهم أو غيرها من الأنشطة غير القانونية، تضم ليتوانيا وبريطانيا والمانيا واسبانيا والبرتغال وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وايسلندا والنمسا والجمهورية التشيكية واليونان وقبرص وكرواتيا والبوسنة وألبانيا.
وأشار التقرير إلى خطف رجل الدين المصري أبو عمر من الشارع في مدينة ميلانو في عام 2003، بعد منحه اللجوء في ايطاليا، ثم قيام «سي آي إي» بنقله إلى مصر.
وفي عام 2009، أدانت محكمة ايطالية 22 عميلاً في «سي آي إي» ومسؤولاً عسكرياً أميركياً وعنصرين في الاستخبارات الايطالية، وحكمت عليهم بالسجن خمسة أعوام على الأقل لدورهم في عملية الخطف. وفي عام 2004 اعتُقل المواطن الالماني خالد المصري في مقدونيا، وقامت «سي آي إي» بنقله إلى افغانستان.
وفي السويد، أوقفت الشرطة سراً مواطنَين مصريين طلباً اللجوء في البلد وسلمتهما إلى «سي آي إي» في عام 2001.
هذه بعض القضايا التي أدّت إلى رفع دعاوى قانونية أو تحقيقات رسمية، لكن الحكومات تمكنت في الحالات الأخرى من إحاطة كل شيء تقريباً بكتمان شديد، بحسب تقرير «ذي غارديان»، مشيراً إلى تعاون بريطانيا الوثيق مع وكالة «سي آي إي» في اعتقال المشتبه فيهم ونقلهم وتسليمهم إلى حكومات بلدانهم، كما كشفت وثائق عُثر عليها في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011.
(الأخبار)