اندلعت «الحرب الأهلية» بين المقاتلين المعارضين للنظام السوري في جرود القلمون التي تشكل امتداداً لها جرود عرسال المحتلة. تنظيم «داعش» بدأ معركة تصفية ما بقي من «الجيش الحر» في جبال القلمون، الغربية (المحاذية للحدود اللبنانية) والشرقية (تشكل منطقة الوصل بين محافظة ريف دمشق ومحفظة حمص وبوابة البادية).
كانت مجموعات «داعش» تنتظر المدد لتبدأ هذه الحرب. وخلال الأيام الماضية، وصل هذا المدد من محافظة حمص، قبل أن يصل إلى منطقة القلمون ثلاثة «قضاة شرعيين» من داعش، أبرزهم أبو الوليد المقدسي، بحسب مصادر المقاتلين التي أضافت: حمل هؤلاء الشرعيون إلى مقاتلي «داعش» أمراً بأن يطلبوا البيعة لأميرهم البغدادي، من مقاتلي المجموعات التي تُنسَب إلى «الجيش الحر». ومن يرفض البيعة، يكن قد اختار القتال. بدأت المناوشات خلال الأيام الماضية، قبل أن تندلع المعركة أمس «على كافة محاور القلمونَين»، وامتدت الاشتباكات إلى معابر التهريب التي تصل جرود عرسال بجرود القلمون. وفيما وقفت «جبهة النصرة» على الحياد، تمكّن مقاتلو «داعش» من السيطرة على مقار «لواء مغاوير القصير»، واعتقلوا قائده عرابة إدريس، قبل أن يعدموه بتهمة «بيع القصير ويبرود إلى حزب الله»! وإدريس هو من الذين قاتلوا الجيش السوري في بابا عمرو بحمص والقصير وبلدات القلمون، وكان يُقال بين المقاتلين السوريين إن مجموعته تمتهن اغتيال ضباط سوريين. واستولى مقاتلو «داعش» على السلاح الذي كان في حوزة «اللواء» المذكور، الذي سبق أن استولى عليه من مستودعات الجيش السوري قرب بلدة مهين في خريف عام 2013.
ومن غير المعروف ما إذا كانت جبهة النصرة ستبقى على الحياد، علماً بأن أميرها في القلمون أبو مالك التلّي، سبق أن عقد اتفاقاً مع «شرعيين» من «داعش» يقضي بعدم الاقتتال. وتقول مصادر قريبة من «داعش» وأخرى من «الجيش الحر» إن الهدف المقبل لتنظيم «الدولة الإسلامية»، بعد القضاء على الفصائل المحلية «غير الجهادية»، هو الهجوم على بلدة عرسال اللبنانية بهدف احتلالها من جديد.
على الجانب الآخر من الحدود، أوقعت استخبارات الجيش اللبناني بصيدٍ ثمين، إذ تكشف المعلومات أن عناصر الاستخبارات تمكنوا منذ أسبوع من توقيف قيادي بارز في «كتائب عبدالله عزام»، يُدعى محمود أ. في كمين محكم. وبحسب مصادر أمنية، فإن الموقوف، وهو من بلدة مجدل عنجر، يعادل في أهميته الموقوف نعيم عباس. وتشير المعلومات إلى أن الموقوف الجديد اعترف بأنه ناقل الانتحاريين في تفجيري ضهر البيدر والطيونة في حزيران الماضي. وقالت المصادر إنه كان الذراع اليمنى للمتحدث باسم كتائب عبدالله عزام الشيخ سراج الدين زريقات، وإنه كان يتولى توفير السكن لسجى الدليمي. كذلك أقرّ بأنه كان ينقل مقاتلين بين مجدل عنجر وعرسال وطرابلس وشبعا، مشيرة إلى أنّه سلّم أموالاً للمطلوب شادي المولوي غير مرة.
في موازاة ذلك، لم يتحقّق أي تقدُّم يُذكر على خط المفاوضات الجارية لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين في جرود عرسال، باستثناء الخرق الذي حقّقه الوسيط الجديد الشيخ وسام المصري بانتقاله إلى جرود القلمون للقاء قيادات في تنظيم «الدولة الإسلامية» أمس. ورغم نشر أخبار تنفي حصول اللقاء، إلا أنّ مصادر أمنية أكّدت لـ«الأخبار» أن المصري لم يحصل على تفويض من الدولة اللبنانية بعد، لكنه مُنح الإذن للانتقال إلى الجرود علّه يتمكن من تحقيق ما فشل فيه غيره. وتشير المعلومات إلى أن الهدف الأوّلي من مبادرة المصري وقف قتل العسكريين بشكل فوري بعد التهديد الذي أطلقه تنظيم «داعش»، ليُصار لاحقاً إلى الانتقال إلى مرحلة التفاوض.

المصاريف السرية والمحروقات

على صعيد آخر، تمكن تيار المستقبل وحركة أمل من إيجاد حل لأزمة المصاريف السرية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، التي حالت دون إنفاق هذه المصاريف البالغة 833 مليوناً شهرياً، خلال الشهرين الماضيين. وبعدما امتنع رئيس وحدة الإدارة المركزية في الأمن الداخلي عن تنفيذ أمر المدير العام اللواء إبراهيم بصبوص بصرف هذه المبالغ، مقدّماً مطالعة قانونية ترى عدم جواز صرفها من دون توقيعه عليها، أدى اتفاق أنجزه الوزير علي حسن خليل ونادر الحريري بعد زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق للرئيس نبيه بري أول من أمس، إلى حلحلة هذه العقدة، وتأمين إنفاق هذه المصاريف.
من جهة أخرى، أمر النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، بتوقيف الضابط أ. ب. بعد الاشتباه في تورطه بقبض مبالغ مالية كبيرة من صاحب شركة «الصحراء للبترول» علي ح. الموقوف بشبهة الغش في المحروقات التي يسلّمها للأمن الداخلي وعدد من المستشفيات الحكومية. وكما كان متوقعاً، أدى غطاء وزير العدل أشرف ريفي إلى عدم المس بضباط آخرين زعم مورّد المحروقات ضلوعهم بالفضيحة.