وقّع عدد من المحامين ومخططي المدن والجمعيات الحقوقية وأساتذة الجامعات والصحافيين عريضة، تطالب المجلس النيابي بسحب قانون الايجارات قبل ٢٨ الشهر الجاري (موعد دخول القانون حيز التنفيذ)، وتعديله تعديلاً عادلا. وجاء نشر هذه العريضة متزامنا مع دعوة «لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين في لبنان» للمشاركة في تجمّع عند الخامسة من بعد ظهراليوم (الاربعاء) في ساحة الاونيسكو، لتأليف وفد لمقابلة رئيس مجلس النواب، وشرح مطالب المستأجرين القدامى.
فيما يلي نص العريضة، واسماء موقّعيها:

■ ■ ■


بعد ٢٤ سنة من طرح مشاريع قوانين إيجار مختلفة، اعتمد المجلس النيابي إصدار قانون تصحيح الإيجارات القديمة، الذي نشر في الجريدة الرسمية في تاريخ ٢٦ حزيران ٢٠١٤. منذ عام ١٩٩٢، أُوقف العمل بنظام ضبط الإيجارات للعقود الجديدة، فيما بقي ساري المفعول لكافة العقود المبرمة قبل ذلك التاريخ. أما تحرير الإيجارات القديمة، فرُبط بخطة سكنية شاملة (لم تتحقق) تتيح الوصول الى السكن الملائم بأسعار مقبولة‪.
‬أثار صدور مشروع قانون الإيجارات الجديد عام 2014 تساؤلات عدة، أهمها: هل يعتمد القانون على معايير العدالة الاجتماعية، مقدّماً بالتالي ضمانات في الحق في السكن؟ ما تأثيره في مستقبل المدينة؟ في خدمة مصالح من صاغ هذا القانون وأقرّه؟‫
‬نرى، نحن الموقّعين أدناه، أن القانون الجديد يعكس ضعفاً في العملية التشريعية ودورها في ضمان العدالة الاجتماعية، حين أُقرّ بمعزل عن رؤية مدينية وإسكانية شاملة، وفي ظل سياسات سكنية قائمة لا تأخذ بعين الاعتبار الحق في الوصول الى السكن بأسعار مقبولة من خلال الإيجار‪.‬ وهو يخالف الدستور تحديداً حين ينزع الضمانات في السكن من دون توفير ضمانات بديلة، كما يمثّل القانون انتهاكاً فاضحاً لمفهوم الحق في المدينة على عدة أصعدة. فهو عبارة عن آلية إخلاء جماعي للسكان من المنازل والأحياء التاريخية. تشير إحصائيات عام ٢٠٠٤ إلى أن ما يقارب نصف مليون مواطن يعيشون في شقق خاضعة لنظام الإيجارات في لبنان، العدد الأكبر منهم في العاصمة بيروت. بالرغم من تأثير القانون على نحو مباشر على مئات الآلاف من الناس، فهو لم يعتمد على مسح إحصائي لمعرفة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمستأجرين، ما يلحق ظلماً مضاعفاً بالفئات الأكثر عرضة، كالمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن القانون خلق تمييزاً بين سكان المدينة، إذ عدّ جنسية المستأجر معياراً للحصول على مساعدات.‪‬
أما على صعيد المدينة، فمع تحرير الإيجارات تصبح الأراضي التي تضم أبنية خاضعة لقانون ضبط الإيجار، وخاصة تلك التي تقع في الأحياء التاريخية لمدينة بيروت، هدفاً للتطوير العقاري‪.‬ ففي ظل الفورة العقارية وارتفاع أسعار الأراضي وانتشار ورش بناء تمزق نسيج الأحياء العمراني والاجتماعي، لم يلحظ القانون أي آلية للحفاظ على تاريخ الأحياء والعلاقات الاجتماعية التي تحويها‪.‬
وقد انتقلت‬ ملكية القسم الأكبر من الأراضي التي تضم أبنية خاضعة لقانون ضبط الإيجار، في السنوات التي تلت عام ١٩٩٢، الى ملاكين جدد بأسعار زهيدة، حيث الوضع الحالي لتدني قيمة الإيجار وشروط تحرير الإيجارات كان قائماً. بذلك، تخلّ الشروط الجديدة لتحرير الإيجارات في التوقعات الشرعية التي على أساسها باع المالكون القدامى أملاكهم. ما يثير الشك في أن القانون أقرّ، كما العديد من التشريعات والسياسات العامة، لدعم مصالح كبار المطورين على حساب البيئة الحضرية وحاجات معظم سكان المدينة. فالمالكون القدامى، المتضررون الفعليون من تدني قيمة بدل الإيجار أصبحت أعدادهم ضئيلة، الأمر الذي يطرح إمكانية تعويض هؤلاء المالكين.
بناء على ذلك، نطالب المجلس النيابي بسحب القانون وتعديله. نرى أن تعديلاً عادلا للقانون يقتضي‪:‬
أولاً، العمل على رؤية إسكانية شاملة وإقرار قوانين أخرى تعزز الوصول الى السكن بأسعار معقولة من خلال الإيجار.
ثانياً، إجراء مسح ميداني وفق معايير شفافة وعلمية لمعرفة الوضع الاقتصادي الاجتماعي للمستأجرين القدامى، وتحديد مكان إقامتهم، وتشارك نتائج المسح مع المجتمع المدني‪.‬
ثالثاً، تحديد نسبة المالكين القدامى مقارنة بالمالكين الجدد.
رابعا، صياغة معايير واضحة يعتمد عليها القانون الجديد، في ما يتعلق بالحق في السكن، الحق في المدينة، وضمانة «البدل العادل» للمالك.
خامسا، خلق أطر تسعى الى المحافظة على نسيج الأحياء الاجتماعي التاريخي، التي تشمل إبقاء المستأجر في بيته أو في الحيّ، الذي لطالما سكن فيه واستمد منه سبل عيشه.
الموقعون:
جاد شعبان (الجمعية اللبنانية الاقتصادية)
نزار صاغية (المفكرة القانونية)
كمال حمدان‬ (مؤسسة البحوث والاستشارات)
فواز طرابلسي (كاتب وأستاذ في العلوم السياسية والتاريخ)
منى حرب (أستاذة جامعية في التخطيط المدني/ الجامعة الأميركية)
منى فواز (أستاذة جامعية في التخطيط المدني/ الجامعة الأميركية)
منى خشن (معمارية ومخططة مدينية)
سيرج يازجي (أستاذ جامعي في التخطيط المدني/ جامعة البلمند)
شارل حرب (أستاذ جامعي في علم النفس/ الجامعة الأميركية)
سوسن عبد الرحيم (أستاذة جامعية في الجامعة الأميركية)
جورج جدع (صحافي/ فنان)
نايلة جعجع (محامية)
محمد زبيب (صحافي)
بول الأشقر (صحافي)
نادين بكداش (باحثة مدينية)
عبير سقسوق (معمارية وباحثة مدينية)
بشار عبد الصمد (معماري)
ماهر أبي سمرا (مخرج سينمائي)
سيلفانا اللقيس (رئيسة اتحاد المقعدين اللبنانيين / رئيسة الاقليم العربي للمنظمة الدولية للأشخاص ذوي الاعاقات)
عصمت عبد الصمد (الأمين العام لجبهة التحرر العمالي)
سحر مندور (صحافية)
خالد صاغية (صحافي)