في 12 الجاري، ستطل هيئة التنسيق النقابية على الرأي العام للمرة الأولى منذ إعطاء الإفادات في 16 آب الماضي. ستعقد مؤتمراً صحافياً تشرح فيه «حقيقة مواقف أطراف السلطة من إقرار غلاء المعيشة وتحويل الرواتب بنسبة التضخم المتراكم منذ عام 1996 حتى اليوم، والذي قارب 140%». في هذا الوقت، تستعد لجنة فرعية من الهيئة لعقد سلسلة ورش عمل وندوات يتحدث فيها أهل الاختصاص عن مضمون مشروعي السلسلة والإيرادات ومفاهيم الأجر والعدالة الاجتماعية وأساليب التهرب الضريبي التي تمارسها كبرى الشركات والمؤسسات، في قوانين تضرب حقوق الموظفين. وينتظر أن تبدأ الهيئة بتنفيذ خطة تحرك متكاملة بعد عطلة الأعياد.
هذا ما قررته الهيئة في جلسة عقدتها، أول من أمس، في مقر نقابة المعلمين. الجلسة أعقبت اجتماعات تقويمية اتفقت فيها مكونات الهيئة على تحميل مسؤولية نتائج التحرك السابق للسلطة السياسية، «فالنواب زعموا أنهم لا يشرّعون تحت الضغط، وها هي أشهر قد مرّت لم يصدر فيها عن الهيئة أي مواقف تصعيدية، فيما كانت النتيجة إقرار التمديد لذواتهم للمرة الثانية، وطمس حقوق مئات الآلاف من الشعب اللبناني».
وإذ أثنت الهيئة على تصدي بعض الوزراء للفساد الذي أشارت إليه بالأسماء والأرقام طيلة فترة تحركها، أكدت أن الإصلاح ليس هبّة موسمية، ولا يتم تنفيذه بخطوات شجاعة من هذا الوزير أو ذاك، بل عمل مستمر لا يقوى على القيام به إلا إدارة نظيفة الكف، مستقلة الإرادة، بعيدة عن التأثيرات السياسية».
سهام الهيئة توجهت أيضاً إلى أصحاب الرساميل، «فأرباب الهيئات الاقتصادية لا يهبّون منذرين ومهددين، إلا حين يطالب العامل أو الموظف بالنذر اليسير من حقوقه، وأصحاب المدارس الخاصة فرضوا زيادات كبيرة على الأقساط للسنة الثالثة على التوالي بحجة إقرار سلسلة الرتب والرواتب، بل استرجع بعضهم غلاء المعيشة الذي كان قد دفعه كسلفة للمعلمين».
وفي التقويم، رأى بعض المكونات أنّ هيئة التنسيق لم ترتكب أخطاء جسيمة تستدعي تحميلها أياً من المسؤولية، بدليل أن «استسهال إعطاء الإفادة يعكس بوضوح الهجمة على التعليم الرسمي وعدم الاستثمار فيه». تمسك هذا البعض بالقول إنّ المعركة الأخيرة لم تكن مفصولة عن مشروع خصخصة القطاع العام، والمسألة تجاوزت الأرقام إلى الخيارات، والنظر إلى دور الدولة ووظيفتها. برأيه، بُذلت مساع حثيثة لضرب مفهوم السلسلة الواحدة وكسر الترابط بين رواتب الموظفين، عبر رفض إعطاء نسبة زيادة واحدة للجميع وضرب الحقوق المكتسبة للأساتذة والمعلمين التي حققوها بنضالاتهم طوال 50 عاماً وعبر قوانين نافذة. كذلك تم، كما يقول هؤلاء، تغليب نظام التعاقد الوظيفي على نظام ديمومة العمل. بل يذهب البعض إلى القول إن إضراب الـ33 يوماً لم يكن لينجح لولا تجاوز السلسلة، إلى فضح الكثير من قضايا الفساد والتهرب الضريبي.
توافقت مكونات أخرى على أن هيئة التنسيق نجحت في صياغة مطلب اجتماعي التف حوله موظفو القطاع العام ومعلمو القطاع الخاص، بعيداً عن أي تعصب طائفي أو مناطقي. وتؤيد هذه المكونات أن القطاع العام يواجه مشروع تصفية الدولة، لكن لم يكن منطقياً تحميل هيئة التنسيق وحدها وزر محاربة هذا المشروع، بل «إن الهيئة أعلنت مواقف متقدمة في هذا الخصوص وأصبحت في مرحلة معينة أسيرة هذه المواقف». بالنسبة إلى هؤلاء، لم يكن توسيع «البيكار» ليشمل العاملين داخل الوظيفة وخارجها يصب في مصلحة المعلمين والموظفين الذين أصابهم التململ والخيبة من نتائج التحرك. يأخذون على أداء الهيئة السماح بإمرار ثغرة إعطاء الإفادات التي ساهمت في تجميد هيئة التنسيق وسلبها ورقة مقاطعة تصحيح الامتحانات لوقت طويل. ويقولون إنّ خطأ الهيئة أنّها لم تناقش العديد من النقاط التفصيلية مع قواعدها.