أعطى تمديد المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة «5+1»، فرصة جديدة لعدد من المحلّلين والمراقبين الغربيين، لقول ما كانوا يتجنبون التطرّق إليه، خلال الفترة الأخيرة من المحادثات. ارتأى البعض استعادة التهم القديمة وهي «الخرق الإيراني» والتحذير منه، فيما حاول البعض الآخر تجنّب ذلك، معتمداً أسلوب الناصح الذي يهمه نجاح المفاوضات الجديدة، وإن حملت مجمل هذه النصائح اتهامات مباشرة وغير مباشرة لإيران. استقرّ معظم هؤلاء على خلاصة مفادها، أنه ليتم التوصل إلى الاتفاق خلال الأشهر السبعة المقبلة، يجب أن يحظى المفاوضون بدعم الأنصار والناخبين، إضافة إلى مساندة القوى الداخلية الفاعلة والقادرة وحتى المعارضة، إن كان في إيران أو في الولايات المتحدة. ومن ضمن هذه المجموعة، الباحث في معهد «واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، مايكل سينغ، الذي رأى أنه بناء على ما تقدّم، فإن مقوّمات النجاح غير متوافرة للدبلوماسية الأميركية مع إيران.

ومن النقاط التي وضعها سينغ من أجل تغيير دينامية التفاوض، أشار إلى أنه يجب على الإدارة الأميركية التواصل بشفافية أكثر مع الكونغرس، بهدف التوصّل إلى تعديلات معقولة للموقف الأميركي يمكن أن تهدئ المخاوف الداخلية، ولكن سينغ على عكس غيره من المحللين والباحثين الأميركيين الذين ما زالوا يحذرون من فرض المزيد من العقوبات على إيران، ارتأى أنه «يجب العمل مع الكونغرس من أجل فرض هذه العقوبات، إذا لم تنجح المحادثات خلال تاريخ معيّن، أو إذا جرى التوصل الى اتفاق، فإنه يجب وضع نهج مقبول من قبل الطرفين لتخفيف العقوبات القائمة ومعاقبة الخرق الإيراني».
ومع ذلك، وسط كل التخويف والتهويل الذي يمكن أن يلجأ إليه محللو الغرب من «قدرة إيران على صناعة قنبلة نووية»، يبقى التشديد على أهمية الحل الدبلوماسي، فـ«تمديد المفاوضات حتى حزيران 2015، أفضل بكثير من السماح بانهيار عملية التفاوض»، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، التي أكدت في افتتاحيتها، أول من أمس، أنه «ما من بديل معقول عن الحل الدبلوماسي». ولكنها ذكرت في الوقت ذاته أن الأشهر السبعة المقبلة قد تكون محفوفة بالمخاطر، فـ«المفاوضون يسعون للتوصل إلى اتفاق استعصى عليهم خلال العام الماضي، إضافة إلى أنهم سيضطرون إلى مواجهة المتشددين، في الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، الذين حصلوا خلال هذه الفترة على مزيد من القوة، حتى إنهم، حالياً، لديهم الوقت الكافي للقضاء على أي اتفاق».
تمديد المفاوضات
حتى حزيران 2015
أفضل بكثير من انهيار عملية التفاوض

وانطلاقاً من هذه الفكرة، أشار الباحث في معهد «كارنيغي»، جورج بيركوفيتش، إلى أنه في مقابل أي عقوبات جديدة قد يقرّها أعضاء الكونغرس الأميركي، من جمهوريين أو ديموقراطيين، فإن «إيران قد تستأنف نشاطاتها النووية التي أوقفتها بموجب خطة العمل المشتركة (أي الاتفاق المرحلي الذي جرى التوصل إليه في تشرين الثاني 2013)». وقال إن ذلك «يمكن أن تؤذي إيران ولكن استئناف النشاط النووي يمكن أن يهدّد المجتمع الدولي». ولفت بيركوفيتش الانتباه إلى جانب آخر للنتائج التي يمكن أن تؤدي إليها العقوبات، وهو أنه «إذا فرض الكونغرس على نحو فردي عقوبات على إيران، فإن دولاً أخرى ستلوم أميركا لمساهمتها في زيادة نسبة الخطر على الأمن الدولي». ورأى أنه عند ذلك «سينخفض الدعم الدولي للعقوبات، وقد تستأنف دول مثل روسيا والصين وتركيا والهند وغيرها تجارتها واستثماراتها في إيران، بعد إلقاء اللوم على الولايات المتحدة».
أما عن سبب فشل المفاوضات الأخيرة، فقد شرح بيركوفيتش أن إيران من جهة، ومجموعة «5+1» من جهة أخرى، شاركت في هذه المحادثات بناء على اختلافات عميقة في طريقة مقاربة الموضوع، وأوضح أنه في الوقت الذي رأت فيه الدول الكبرى أن «المشكلة تكمن في عدم إذعان إيران لقواعد الشفافية بشأن برنامجها النووي»، «كانت هذه الأخيرة تنظر إلى أنه يجري تطبيق هذه القواعد بطريقة غير عادلة، مطالبة بأن يُحل الموضوع من خلال معاملتها بالمثل، لا على أساس إخضاعها».
يبقى أن «اللجوء إلى الاتفاق المؤقت هو ثاني أفضل حل بالنسبة إلى مجموعة 5+1، وخصوصاً بالنسبة إلى الأوروبيين»، وفق الباحث في معهد «بروكينغز»، ريكاردو ألكارو، الذي تطرّق إلى أهمية المفاوضات النووية بالنسبة إلى الأوروبيين «الذين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ضعفاء أمام مخاطر القضاء على الخيار الدبلوماسي، في وقت تشعر فيه كل من الصين وروسيا، بأنها غير مهدّدة بالقدرة النووية الإيرانية».
وبحسب ألكارو، لو انهارت المفاوضات «لكان الأوروبيون سيواجهون صعوبة في التكيّف. فالمحادثات النووية مع إيران، تعد القضية الأمنية الدولية الوحيدة خارج أوروبا، التي أدت فيها هذه الأخيرة دوراً حيوياً».