بغضب وحسرة، تلقّت المصارف اللبنانية التي فتحت فروعا لها في العراق قرار المصرف المركزي العراقي، الذي يفرض على المصارف الأجنبية العاملة في العراق زيادة رؤوس أموالها إلى 70 مليون دولار. هذه السوق يفترض أن تكون «واعدة» بسبب مواردها المالية النفطية واتساع سوقها الاستهلاكية وارتفاع مستوى الدخل الفردي، الا انها أصبحت سوقاً خاضعة لأزمة أمنية ضخمة مع سيطرة «داعش» على ثلث المساحة الجغرافية التي يتوافر فيها قسم كبير wمن الموارد النفطية، ثم تحوّلت إلى سوق محمية بعدما قادت المصارف التجارية العراقية حملة في وجه المصارف الأجنبية من أجل منعها من منافستها.
بحسب مصادر مصرفية مطلعة، فإن تكتل المصارف العراقية التجارية ضغط على المصرف المركزي العراقي من أجل إصدار قرار يمنع المصارف الأجنبية من منافسة المصارف العراقية. خرج القرار 288 الصادر عن قسم الدراسات والبحوث المصرفية في المديرية العامة لمراقبة الصيرفة والائتمان في المصرف المركزي العراقي، وهو موجّه حصراً إلى المصارف الأجنبية العاملة في العراق ويطلب منها زيادة رؤوس أموالها لتبلغ 70 مليون دولار وذلك على مرحلتين: المرحلة الأولى تشمل زيادة رؤوس الأموال بقيمة 35 مليون دولار تنتهي في 30 حزيران 2015، والمرحلة الثانية لزيادة 35 مليون دولار في نهاية 2015. وتشير المادة الأولى من القرار، إلى أن «الإجازة لأي فرع أجنبي بممارسة العمل في العراق برأسمال 70 مليون دولار وبغض النظر عن عدد الفروع، على أن تراعى النسبة المشار إليها عند حصول تغيير في الحدود العليا للحدّ الأدنى لرؤوس أموال المصارف المحلية ويحق للمصرف فتح فروع أخرى...».
المصارف العراقية تضغط لحمايتها من منافسة المصارف الاجنبية داخل العراق

أجاز هذا القرار للمصارف الأجنبية فتح عدد غير محدد من الفروع، إلا أنه فرض عليها زيادة كبيرة في رأس المال خلال فترة محدودة وضيقة، وبحسب المصادر، فإن خشية المصرفيين اللبنانيين أن تفرض السلطات العراقية ربط رأس مال المصارف الأجنبية في العراق بنسبة 30 من المصارف التجارية العراقية، وهذا يعني أنه كلما زادت هذه الأخيرة رأسمالها أصبح لزاماً على المصارف الأجنبية زيادة رأس مالها أيضاً.
وهذا القرار ليس مصدر الخشية الأول لدى المصارف اللبنانية التي فتحت فروعا لها في العراق، فقد سبق لرئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل، أن وجّه انتقاداً للسلطات العراقية التي تحافظ على معايير مصرفية معيّنة لا تنسجم مع عمل المصارف اللبنانية، إذ فرضت السلطات عليها أن تقدّم ضمانات مقابل التسليفات رغم أن القوانين تمنع تملك الاجانب في بغداد، وهذا يعني أن أي تسليف مقابل رهن عقاري لا يتيح للمصرف استرداد العقار في حال التخلّف عن السداد. وفي بعض الحالات تحتسب الضمانات على بعض العمليات المصرفية بالدينار العراقي، ما يربك المصرف الذي ينفذ العملية بسبب فروق أسعار الصرف، ويضع عليه مخاطر مرتفعة.
وفي هذا السياق، رفعت جمعية مصارف لبنان ورقة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تطلب منه التنسيق مع المصرف المركزي العراقي من أجل العمل على إدخال تعديلات على القرار الصادر، أما لجهة تمديد مهلة التطبيق الأولى والثانية لتصبح ثلاث سنوات بدلاً من سنة واحدة، و لجهة توضيح فكرة الربط بين رساميل المصارف المحلية والأجنبية وما إذا كانت دائمة أو ظرفية مرتبطة بهذا القرار حصراً.