وبناءً عليه، فإنهم لم يتراجعوا عن موقفهم قبل إنجاز التسوية بإبقاء مجلس مسقاوي، الذي بات يرأسه دريان منذ انتخابه مفتياً في أيلول الفائت، حتى انتهاء ولايته نهاية العام الجاري، فيما قضى أحد شروط التسوية باستقالته بعيد انتخاب المفتي الجديد على غرار ما فعل قباني الذي أعلن استقالة المجلس الذي كان يرأسه قبيل انتهاء ولايته منتصف أيلول.
مصادر المجلس المستقيل تحدثت لـ "الأخبار" عن استعدادات يقوم بها بعض أعضائه للإعلان عن منبر معارض يعنى بشؤون دار الفتوى الدينية والقانونية والسياسية. المنبر الذي سيتخذ طابعاً إسلامياً "لن يكون وقفاً على رجال الدين أو أعضاء المجلس المستقيل، بل مفتوح لأهل الرأي والمشورة من أبناء الطائفة السنية". ومن الأولويات التي ستحمل المعارضة لواءها، الدعوة الى انتخاب مجلس شرعي جديد ومواجهة التعديلات التي أدخلها المجلس الحالي على المرسوم 18/1955، الذي ينظم شؤون دار الفتوى ومؤسساتها، وهي التعديلات التي أشعلت الأزمة بين التيار وقباني.
المنبر المعارض المنتظر يضاف إلى الخلافات التي استجدّت داخل البيت الواحد. مصادر من داخل الدار تحدثت عن خلاف بين الرئيس فؤاد السنيورة من جهة وصلاح سلام (ممثل رؤساء الحكومات أمام الوسيط المصري) من جهة أخرى. سلام انضم إلى البحراوي في إطلاق رزمة التعهدات الجديدة لـ "مجلس صقال"، فيما انضم دريان إلى السنيورة في تأجيل تنفيذ بنود المبادرة. هذه الخلافات طيّرت زيارة دريان إلى السعودية للقاء عدد من القيادات، إلى جانب الرئيس سعد الحريري. وتقول المصادر إن المملكة أرجأت الزيارة قبل ساعات قليلة من موعد إقلاع الطائرة إلى موعد غير محدد، بعدما وصلتها أصداء الخلافات الداخلية والتذمر المصري من انتهاك مبادرته. وبحسب المصادر، توافق كل من دريان والسنيورة على شطب سلام من عضوية الوفد المرافق للمفتي، فيما أبقي مستشارو الأخير المقربون من السنيورة مثل رضوان السيد ومحمد السماك، إضافة إلى المفتيين خليل الميس وسليم سوسان.
استعدادات لإعلانمفتي صيدا المنتهية مدة تكليفه، ومفتي البقاع المنتهية مدة تعيينه، كانا ينويان أن يطرحا على الحريري تعديل وضعهما القانوني، وأن يصبحا مفتيين مدى الحياة على غرار مفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو، وفق القانون القديم الذي كان ينتخب مفتي المناطق مدى الحياة.
منبر معارض لمواجهة تعديلات المستقبل
وفيما لا تزال زيارته إلى السعودية معلقة، شارك دريان الأسبوع الفائت في فعاليات المؤتمر الدولي الذي نظمته «مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين الأديان» لحماية التعدد، في العاصمة النمساوية فيينا. وعلى هامش أعمال المؤتمر، التقى عددا من المشايخ السعوديين، على رأسهم الأمين العام للمؤسسة فيصل بن معمر، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي والمستشار في الديوان الملكي برتبة وزير عبد الله بن عبد المحسن التركي. الأخير أكد «حرصه على مساعدة دار الفتوى والوقوف الى جانبها وتقديم كل ما يمكن ان يقدّم من الدعم لمؤسساتها للنهوض بها، ولتأدية رسالتها على أحسن وجه". أما دريان، فقد أكد أن المملكة "بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تمثل الاعتدال والوسطية والالتزان والحكمة في العالم العربي والإسلامي، وهي أول من نبذت التطرف والغلو البعيد عن قيم ومبادئ الإسلام السمحة".