اعتاد جزء كبير من اللبنانيين القول إن عهد الرئيس فؤاد شهاب كان أفضل العهود التي عاشوها بعد الاستقلال. في نظرهم شهاب مؤسس الجمهورية القوية، وتمكّن من الحفاظ على ما يشبه الحياد برغم الصراعات الاقليمية المحيطة بها، إضافةً الى جعله الخلاف بين القوى المتصارعة سياسياً لا طائفياً أو مذهبياً.
هكذا يراه من يحنّون إليه. وبمناسبة الاستقلال عقد مركز عصام فارس اول من امس ندوة حول «الشهابية في ذكرى استقلال لبنان: عشر سنوات من الاستقرار (1958-1968)». افتتح الجلسة الزميل نقولا ناصيف، الذي رأى انه «لم يُظلم رئيس طيلة ولايته كما ظلم الرئيس فؤاد شهاب. ولم يُنصَف رئيس مثله بعد الممات». وأضاف: «تحول الرجل صورة الرئيس – القدوة، وعهده صورة الدولة – القدوة»، لافتاً إلى «القواعد التي أرست الاستقرار في عهده، وفي طليعتها الوحدة الوطنية، العدالة الاجتماعية، السياسة الخارجية، تصويب التمثيل السياسي من خلال قانون الانتخاب». من جهته، لفت رئيس «مؤسسة فؤاد شهاب» الوزير السابق شارل رزق إلى «ركيزتين أساسيتين في نهج شهاب، أسهمتا في صنع الاستقرار في عهده. الأولى، اعتماد الحياد القائم على أساس الحفاظ على علاقة لبنان الجيدة مع الغرب، في موازاة التزام القضايا العربية ضمن الجامعة العربية».
اما الثانية، فهي «ان تكون كل من الموالاة والمعارضة عابرة للطوائف، فيكون التمثيل النيابي قائماً على أسس وطنية سياسية لا طائفية ومذهبية كما هو الآن». وقال رزق انه يجب اقرار قانون انتخابي «يسهم في إنتاج أكثرية وأقلية على أساس سياسي، وعابرتين للطوائف والمذاهب». في السياق نفسه رأى شفيق محرم أن «الشهابية ثبَّتت ركائز دولة حديثة، والمطلوب أن يتابع كل عهد الطريق التي رسمتها هذه المدرسة». وأضاف أن «شهاب انتهج سياسة متوازية لتجنيب لبنان الانعكاسات السلبية لسياسات المحاور، كما اعتمد سياسة إنمائية متوازنة لإدخال الجميع في ولائهم للدولة». ولفت إلى أن «الغاية الاساسية من مشروعه كانت بناء قاعدة صلبة للوحدة الوطنية التي كانت قد تصدعت بفعل أحداث 1958». اما نواف كبارة، فقد اشار الى أن شهاب حوّل «الانقسام الداخلي من انقسام طائفي ومذهبي إلى انقسام طبقي اجتماعي». ورأى كبارة أن «وصول الرئيس شارل حلو مثّل منعطفاً أدى إلى ايقاف المشروع الشهابي، وأن رفض شهاب التجديد عام 1964 كان خياراً صحيحاً، لكنه أخطأ برفضه الترشح لانتخابات الرئاسة عام 1970»، مشيراً إلى أنه «لو انتخب رئيساً حينها، لكان من الممكن تفادي الحرب».