كيف يمكن استثمار التنوع الموجود في لبنان وتفعيله على الساحات الإعلامية؟ من أين نبدأ؟ من الجامعة؟ من المؤسسة الإعلامية؟ ما هو واقع هذه المؤسسات اليوم؟ وهل تعكس هذا التنوع أم تحوّله الى صراعات مختلفة؟ أسئلة وإشكاليات عدة أثارتها مؤسسة "مهارات" بالتعاون مع "مركز التعاون الإعلامي" (MDI) في لندن، و"كلية الإعلام" في الجامعة اللبنانية ضمن ندوة حملت عنوان ”الإعلام وإدارة التنوّع: بين الإعداد الأكاديمي والتحديات المهنية" وحضرتها المؤسسات الإعلامية اللبنانية من بينها «النهار» و«السفير» وotv وlbci و«الجديد». الندوة النقاشية أقيمت اليوم في مبنى إدارة الجامعة اللبنانية المركزية (المتحف)، وجمعت أهل الإعلام والأكاديميا للبحث في هذه الإشكاليات وعرض شهادات حيّة من داخل هذه المؤسسات تضيء على الجانب العملي منها.
إعلام التنوّع الغائب عن الإعلام المحلي، وممارسته تهميشاً لفئات عدة، وتكريسه صوراً نمطية وكليشيهات بدلاً من غرس مفاهيم حقوقية تتحدث عن هذه الفئات... كلها تحديات تقف أمامه للخروج من عنق الزجاجة والإنطلاق بمفاهيم إعلامية تعكس التنوع الموجود. لذا كانت خطوة "مهارات" في هذا الإتجاه مع شركائها المذكورين وضع دليل يشجع على التغطيات الإعلامية لهذا النوع من الإعلام ضمن ما بات يسمى بـ "الصحافة الإندماجية". وسيُطلق الدليل في 5 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، على أن يتم دمجه في مقررات الدراسات العليا في "كلية الإعلام" ومن خلاله ستطرح نقاشات ليصار الى تعميمه على باقي المؤسسات الأكاديمية والمهنية.

لعلّ الإشكالية الأكثر تعبيراً عن هذه التحديات أمام الصحافة اليوم، ما طرحه عميد كلية الإعلام جورج صدقة عندما تساءل: "هل نحتاج الى مقرر تعليمي للتنوع في التغطيات الإعلامية في بلد متنوع في الأصل؟" في ظل تعددية الأقطاب في الإعلام. لكنها في الواقع تحوّلت الى "فكر أحادي ينشر متاريسه في وجه الآخر" وفق صدقة.

الواقع الإعلامي اليوم يعكس تنوعاً، لكنه حتماً يصبّ في الشرذمة. هكذا يمكن الخروج بخلاصة عن هذه الندوة اليوم. الحل كما طرحه الزميل بيار أبي صعب يبدأ بتنظيم "التنوع في قالب جمهوري" مع كسر "الغيتوات" الموجودة وافساح المجال في المؤسسات الإعلامية أمام الآخر المختلف مع الحفاظ على الثوابت الأساسية التي تقوم عليها هذه المؤسسات.

وفي النقاش أيضاً طرحت حلول عملية أساسية في التغطيات الإعلامية المختلفة: لا بدّ من تشرّب الصحافي نفسه وتدريبه على ثقافة حقوق الإنسان والحالات المجتمعية التي يتواجد معها في الخندق نفسه، مع حسن استخدام المصطلحات الصحيحة التي تصب في الإضاءة على إعلام التنوع ولا تمارس مزيداً من التهميش الحاصل اصلاً ضدهم.