أيام الرئيس رشيد كرامي، كان الحاج عمر الحلاب ينهي صلاة الفجر كل ثلاثاء ويتجه إلى معمله ليعجن بيديه صدر كنافة الأفندي. كنافة بجبنة (وليس قشطة) أعد لها الحاج عمر «منقلاً» في صندوق سيارته لتصل ساخنة إلى بيروت. من يومها والعلاقة وطيدة بين آل كرامي وأهل الحلو. ما كان الوزير السابق فيصل كرامي يصل إلى مدرسته في طفولته من دون ترويقة دسمة، ولا تزوره في منزله إلا وتسبقك القشطة المتعددة الأشكال. وحتى حين انقسم ورثة «الحلاب»، وتشتتوا سياسياً؛ بعضهم مع تيار المستقبل والبعض مع الرئيس نجيب ميقاتي، بقي للحلو اسم واحد في خيال كرامي.
طرابلسياً، كان لقائمة الوزير وائل أبو فاعور تفسير واحد: «مطاردة نفوذ الرئيس نجيب ميقاتي حتى في المطاعم». فسامر الحلاب الذي طاولت «قصره» اتهامات أبو فاعور هو «قائد الجناح الغذائي» في ماكينة «العزم الانتخابية». أحمد قمر الدين، والد صاحب مطعم «شاي وعسل»، من أنصار ميقاتي. وعزم «العزم» يرتبط بما يأكلونه عند فيصل البقار في مطعم «بيتنا» الذي طاولته سهام «الصحة» أيضاً. وعليه، كان يفترض بميقاتي أن يبحث عن فرع للحلاب في ألمانيا التي كان يزورها أمس ليغمّس يديه بقشطتها ويغرد بصورته، إلا أن الوزير السابق فيصل كرامي سبقه في الدفاع عن «تراث طرابلس» بنشره صورته «يكدش» كعكة كنافة بالقشطة من عند الحلاب. حظيت الصورة بنحو ثلاثة آلاف «لايك»، ونالت في المقابل مئات التعليقات القاسية. مواطنون يسألون عمّا يدفعه إلى التضامن مع الحلاب وحده، متسائلين عن مصلحته ومصلحة المواطنين. آخرون يذكّرونه بأن فقراء طرابلس لا يسعهم الأكل مما يصفه بـ»تراث» طرابلس بحكم ارتفاع أسعار هذا «التراث».
نجح ورثة الحلاب في وسم المدينة باسمهم، محولين دجاجة جدهم التي تبيض ذهباً إلى مزرعة. لكن كلما ازدادت الكراسي في قصور الحلاب كرسياً، كانت أكواخ صغار الحلونجيين وصناع البوظة والليموناضة والكعك تزداد حقداً عليهم. في نظر السياسيين، هذه كلها تفاصيل. حتى إفادة وزارة الصحة تفصيل. بين التسمم والبطالة، يخشى السياسيون البطالة. يتحرقون خوفاً وخشية على 600 موظف ذكرت بعض التقارير أنهم يعملون في مؤسسات الحلاب. قرأ الوزير أشرف ريفي هذه التقارير متأخراً، بعد إذاعته بيان دعم لـ»الصحة»، فبدأ البحث بلوعة عمّا يمكن أن يفعله للتعويض. كرامي سبقهم جميعاً. فاز بالمرتبة الأولى أمس؛ سيردّ له الحلاب الجميل أصواتاً انتخابية، ولعله يضيف إلى قائمة حلوياته «قشطة فيصل»!