إذا كانت مدينة النبطية ستشهد مسيرتين عاشورائيتين مركزيتين لحركة أمل وحزب الله اليوم وغداً، فما علاقة أقضية بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا لتقفل فيها المدارس والجامعات والمهنيات الرسمية والخاصة؟السؤال كان مدار نقاش داخل بعض الأوساط التربوية، التي وصفت قرار محافظ النبطية القاضي محمود المولى بالتعطيل لمناسبة المسيرات العاشورائية بغير المسؤول، متسائلة ما إذا كان المولى «قد ركن للقوى السياسية التي تسعى إلى تحقيق حشد جماهيري، وهو أمر بعيد كل البعد عن التربية والأمن معاً».

هؤلاء شكوا من تراكم أيام التعطيل وصعوبة التعويض على التلامذة، وخصوصاً أن الإثنين والثلاثاء الماضيين كانا يومي عطلة أيضاً، فضلاً عن أن الانصراف من المدارس في الأيام العشرة الماضية كان يحصل عند الواحدة ظهراً، بدلاً من الثانية والنصف والثالثة من بعد الظهر، بسبب المجالس العاشورائية.
ومع أن مقرر فرع الجنوب في رابطة أساتذة التعليم الثانوي فؤاد ابراهيم يؤكد أهمية تحييد التربية، فالمحافظ له سلطة اتخاذ قرار كهذا، كما يقول، إذا كانت هناك تبريرات أمنية، على قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات». ويستدرك: «للمناسبة قداستها والمشاركة فيها واجب شرعي».
المولى: القرار سببه التهديدات القائمة ضد المسيرات

ويوضح مدير ثانوية الصرفند الرسمية حيدر خليفة أنّ الطلاب هم من عداد عناصر الكشافة والدفاع المدني، الذين يتقدمون عادة المواكب، ولو لم يتخذ المحافظ قراراً بالإقفال، لما حضر الطلاب في كل الأحوال، وسيكون هناك ارباك في كل مدارس الساحل الجنوبي. ويشرح أن الباصات التي تنقل الطلاب إلى مدارسهم هي نفسها التي ستنقل الناس للمشاركة في المسيرة. ويقول إنّه شخصياً تلقى عشرات الاتصالات من الأهالي، الذين لا يريدون أن يرسلوا أبناءهم الى المدرسة، «لكونهم سيشاركون في المسيرة التي هي شعيرة دينية قبل أن تكون حزبية».
أما المولى، فيدرج قراره في إطار «اتخاذ الحيطة والحذر والحرص على أمن الناس وسلامتهم وحركة خروجهم من منازلهم وعودتهم إليها، بما أن البلد مخضوض، وهناك تهديدات قديمة وجديدة للمسيرات». وماذا عن التعطيل في الأقضية إذا كانت المسيرات في النبطية فقط؟ يجيب: «المسيرات مركزية والمواطنون سينتقلون من المناطق والباصات محجوزة».
وبينما ينفي المحافظ أن يكون قد تعرض لأي ضغط سياسي، وخصوصاً أنّها السنة الأولى التي يتخذ فيها مثل هذا القرار، علماً بأن المسيرات ليست طقساً جديداً، يستدرك القول: «قد أكون بالغت في توسيع التعطيل، لكن دعوني ابالغ حتى لا أقع في المحظور»
القرار شمل المؤسسات التعليمية فقط، تاركاً، كما يقول المحافظ، للإدارات العامة والمؤسسات الخاصة حرية الإقفال أو عدم الإقفال، بحسب ظروف المكان الذي تقع فيه. واكد المولى أنّه لم ينفرد في اتخاذ قراره، بل «تشاورت مع وزير التربية الياس بو صعب بهذا الخصوص، وقد أخذت رئيسة المنطقة التربوية في محافظة النبطية العلم بقرارنا الإداري بالإقفال».
هل يحق للمحافظ أن يتخذ قراراً بإقفال المدارس؟ يشير القاضي خالد قباني إلى أنّ المحافظ يستطيع أن يتخذ مثل هذا التدبير في حالة واحدة فقط هي الوضع الأمني والمصلحة العامة، أي حماية الأطفال والشباب، «فأمن المنطقة يقع ضمن صلاحياته، وكل ما عدا ذلك يدرج ضمن مسؤولية وزير التربية».