من قال إن الصحافة الورقية إلى زوال، بالتأكيد لم يتابع عن كثب أداء القنوات اللبنانية. هو حتماً لم يلحظ «المجزرة الحقوقية» التي ترتكبها وسائل الإعلام المرئية بحق جهود تلك المكتوبة وصحافييها.تخدع تلك القنوات جمهورها بشأن نشاطها، وتعيش على «فتات إنتاج الصحافة المكتوبة اليومي».
هذه المرة دور MTV. نشرت صحيفة «الأخبار» في عددها الصادر يوم الخميس الماضي (23-10-2014) تحقيقاً عن النفايات الطبية في بحر صيدا. فهبت القناة إلى «تبني» القضية، بل اقتبست فكرة التحقيق، ووظّفتها في تقرير تلفزيوني (25/10/2014 - نفايات طبية في بحر صيدا) من دون ذكر المصدر الأول للمعلومات، أي «الأخبار». استصرحت الـmtv الضيوف الواردين في التحقيق، كرئيس نقابة الغواصين المحترفين في لبنان محمد السارجي.
فريق عمل الـmtv لم يجهد في المعلومات المقدمة، فقد قام الزميل مصطفى رعد، كاتب المقال في «الأخبار» بجولة ميدانية على مدى يومين مع نقابة الغواصين. غاصوا مسافة 4 كيلومترات في بحر صيدا ليتمكنوا من تحديد الموقع الدقيق لتواجد النفايات ومعرفة طبيعة الأرض البحرية التي استقرت فيها النفايات.
ثم تواصل فريق «الأخبار» مع جمعية «اركنسيال» وحصل على المعلومات المتعلقة بمعالجة النفايات الطبية، وكيفية المعالجة والخطر البيئي، كذلك مع جمعية «اندي اكت»، التي تعمل نقابة الغواصين، بطلب منها على إزالة النفايات من الشاطئ والبحر، ضمن مشروع «البحر المحطة الأخيرة».
التحقيق الذي عمل فريق عمل «الاخبار» عليه لأشهر، لم يكلف الـmtv سوى مجهود ساعات لـ«سرقة» المحتوى وصياغته تلفزيونياً.
قناة المر لم تراعِ حقوق النشر ليس فقط لصحيفة «الأخبار»، بل حتى لنقابة الغواصين، فالفيديوهات التي استخدمتها القناة تعود ملكيتها للمخرج والنقيب محمد السارجي الذي زود رعد بها، إضافة إلى مجموعة من الصور حصلت «الأخبار» عليها. وبينما ذكرت «الأخبار» كافة مصادرها، لم تجهد القناة بإعلام الصحيفة أنها ستستولي على «الجهد المكتوب».
تلك ليست الحادثة الأولى من هذا النوع، فلمعدي التقارير التلفزيونية سوابق في «استلهام» أفكارهم من مقالات مكتوبة، وحتى من تعليقات وصور على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقديمها للناس على أنها أفكار «خام». لكن في تلك الحادثة بالتحديد، ثمة جهد استثنائيّ «اصطادته» القناة
من دون أن تبلل ثيابها في البحر حتّى!