ينجز العمل الفني في المغرب من دون رقابة طالما أنّه لا يتخطى «الخطوط الحمر» التقليدية في البلاد أي: الصحراء الغربية، المثلية الجنسية، وشخص الملك. يسائل الفنانون في معرض «المغرب المعاصر» المسلمات الاجتماعية والدينية و/أو السياسية. يدينون الظلامية التي يمارسها الإسلاميون على الجسد والجنس. ينحت مورابتي سلسلة من الاثداء التي يطبع عليها كلمة «الله» بهدف التعبير عن «قدسية الثدي»، وهدم التفسيرات الخاطئة للقرآن حول الموضوع وفق ما يقول. في المنطق نفسه، يرسم بيلكا لوحة تمثل نساء محجبات في وضع غير اعتيادي يرقصن في ناد ليلي. ناديا بن سلام تصوّر نفسها وهي تسير في شوارع مراكش بكعب عال وهي ترتدي «برقعاً» يغطي وجهها وشعرها بشكل كامل، لكن ينتهي عند حدود الركبتين. نسمع في الفيديو الإهانات التي تلقيها نساء في وجهها ويسألنها اذا ما كانت تشعر بـ «العار».مبارك بوحشيشي ينتقد السلطة الدينية المتشددة على الشعب، من خلال اختراع أداة للتلاعب بالعامة، تنتهي بمئذنة.

يحضر «الربيع العربي» كذلك في أعمال بعض الفنانين من وجهات نظر مختلفة. نراه في «طنجرة الضغط» لبتول السحيمي، وتماثيل الكن عبد اللطيف التي يبدو نصفها مسلحاً ونصفها «عنكبوتياً» لتظهر أنّ «حروب اليوم لا تخاض بهدف احلال الديموقراطية بل لخدمة مصالح الأطراف المتورطة في النزاعات»، كما نراه في عمل «بدون عنوان» لحسن عشيق الذي يعبر عن الصرخة الصامتة لاختناق الشعوب بعد الانتفاضات حيث الفقر والتهميش ما زالا حاضرين.
يدفع كل هذا الى إعادة التفكير في دور الفنان في المجتمع. يحاول الفنانون احتلال الحيز العام، والافادة من سوق الفن الذي يشهد نمواً مطرداً. الا أنّ هذا الخطاب الفني يبقى قاصراً وعاجزاً عن تغطية كل قضايا الشعب المغربي الذي يعاني من غياب العدالة الاجتماعية والتهميش. وكي نكون أقرب الى الشارع، علينا أن نستمع الى موسيقى «الهيب هوب» التي نشأت في الأطراف، وتغنّي المعاناة والعنف والمخدرات و»الملتحين» والجنس والهجرة والظلم. إثارة هذه المواضيع تودي ببعضهم إلى خلف القضبان. هذا ما حصل لاثنين من اعضاء فريق «هوبا هوبا سبيريت» أو مراد بلغوات المعروف بلقب «الحاقد» الذي غالباً ما يوصف بأنّه «صوت المضطهدين» و»الشاعر المتجول للازمنة الحديثة».