منذ العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، تحوّلت شوارع بيروت إلى مسرح كبير. استغل مصطفى يموت، المعروف بـ«زيكو»، ساحاتها المتبقية ومساحاتها القليلة لتكون خشبة لتقديم عروض مسرحية لاثنتي عشرة فرقة متخصّصة بمسرح الشارع، على أن تنتهي في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. انطلق «مهرجان بيروت لعروض الشارع» بمبادرة من «زيكو» عام 2002 لخلو شوارع المدينة من هذا الفن. فالسّائد هو المسرح التقليدي بكراسيه وعروضه المعدّة مسبقاً. أما مسرح الشارع، فيشكل مفاجأة لعائلة قرّرت أن تقصد حديقة الصنائع للترفيه عن أولادها أو للمارّين في ساحة ساسين في الأشرفية.
يقدّم المهرجان عروضاً غنيّة من ثقافات منوّعة. فالفرق المسرحية هي خليط من لبنان ودول عربية وأوروبية يختارها المنظمون وفقاً لخبرتها. يستغل القائمون على المشروع وجود الفرق الأجنبية نظراً لخبرتها الكبيرة في هذا الفن غير المألوف في لبنان، فتنظّم ورشات عمل لتدريب المسرحيين اللبنانيين.
اليوم، أصبح المهرجان سنوياً. اجتمعت فرق من فرنسا، وإسبانيا، وسويسرا، وإيران، وتركيا، واليونان، ولبنان لتقديم عروض موسيقية أو بهلوانية أو تجارب علمية أو حتى لتهنئة سائق ينتظر الضوء الأخضر ليكمل سيره. تتميّز عروض الشارع بقربها من الناس وتفاعل الممثلين المباشر معها. فهي تستخدم سينوغرافيا الأماكن، والناس تنتظر ما سيقدَّم لها. ذات مرّة، قدّم المهرجان عرضاً لفرقة مؤلفة من 30 شخصاً عبروا شارع الحمرا على كراس مدولبة. توقف المشاة وصاروا يراقبون تحركاتهم، ملاحظين صعوبة التنقّل على الأرصفة والطرقات لذوي الحاجات الخاصة. بذلك، وصلت الرسالة من دون الحاجة إلى خطاب ممل. يؤكد «زيكو» أنّ الناس أصبحت تهتم بتلك العروض وتراقبها، لافتاً إلى أنّ المهرجان مخصص أيضاً للمساحات التي تتقلّص في المدينة لأنّه بحاجة إليها لتقديم العروض. لم يعد إيجاد ساحات كساسين (الأشرفية) وغيرها سهلاً. الصعوبات التي تواجه المنظمين لم تمنعهم من البحث عن بديل، إذ وقع الخيار على أسواق بيروت و«زيتونة باي»، رغم تبعيتها لشركة لا يحبّونها. مساحة تتميز بتنظيم عمراني يجعلها منطقة مخصصة للمشاة فقط. إقبال الناس كان رائعاً ولكل منطقة تفاعلها الخاص مع العروض. يرحب الناس بالممثلين بعيونهم المليئة بالفرح. لم يعد يقتصر الجمهور على اللبنانيين، بل أصبح يضم عراقيين وسوريين كما يقول «زيكو».
يقدّم الحدث أساليب مختلفة للمسرح كالرقص، والمسير، ومكان متحرك، والماريونيت، والمهرّج وغيرها. يحاول الابتعاد عن التكرار والتقليد. مثلاً، اليوم هناك «التجربة الذروة» في عرض لفرقة «أليشيمار» الفرنسية بعنوان «بوريس على الخشبة». سيكشف العالم «بوريس»، البهلواني الثرثار، عن الطريق التي توصل إلى الحقيقة الكونية، في جو من الضحك والمتعة بتجاربه الجوفاء. يؤدي دور «بوريس» الممثل فرانسوا بوي مع إشراف خارجي لماثيو فيدرد.
ينتقل المهرجان في عرضه الأخير من الخيال العلمي إلى الحماسة في عرض Flag لفرقة «إيان لورو» الفرنسية. لا يبدو منطقياً أن يتسم عرض للدراجة الهوائية (BMX) بالشاعرية. هكذا، تصف الفرقة ما سيؤديه الفرنسي فنست فارن (بطل فرنسا السابق، ونائب بطل العالم في الـBMX) على درّاجته. يظهر هذا العرض مدى تجانس الكائن الإنساني مع الآلة، وكيف يبدوان غير قابلين للانفصال.
«بوريس على الخشبة»: اليوم ــ 17:00 في «حديقة الصنائع» (بيروت)، وغداً في «زيتونة باي».
Flag: في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) ــ 17:00 في عين المريسة (بيروت)، وفي 8 تشرين الثاني ــ 17:00 في «ساحة العجمي» (وسط بيروت)