لم ينج من جرافات شركات الترابة في منطقة الكورة سوى حرج القرن في زكرون، لكنّ مشروعا جديدا لانشاء ٨٠ فيلا على مساحة مليون متر مربع يهدد هذا الحرج بضغط ديموغرافي غير مسبوق. فقد اعلنت «شركة النور» نيتها افراز الحرش الى عقارات صغيرة، وانشاء طرقات وبنية تحتية، ثم بيع العقارات المفروزة بهدف انشاء فلل صغيرة معدة التصميم سابقاً. يحاكي هذا المشروع مشاريع مشابهة في فقرا وعمشيت، وهي جميعها مشاريع استقت فكرتها من مشروع اعادة اعمار الوسط التجاري لبيروت الذي تملكه شركة سوليدير.
يقول رئيس هيئة حماية البيئة والتراث في الكورة، المهندس رفعت سابا، ان الأهالي فوجئوا أخيراً بإعلان من شركة النور يطلب رأيهم في الأثر البيئي لمشروع إفراز الحرج المذكور في فيع وزكرون، على اساس قطع صغيرة المساحة، وأعقبت الإعلان زيارة لأحد المساهمين مع وعود لا حد لها في حال الموافقة على المشروع.
يؤكد سابا أن شركة الترابة الوطنية خطّطت منذ سبعينات القرن الماضي، لإنشاء مقلع للصخور في حرج القرن، فعمدت بما لها من إمكانات مالية هائلة إلى شراء مساحات واسعة من الأراضي في زكرون وفيع وقلحات (حوالى المليون متر مربع)، وسعت لدى الإدارات المختصة لاستصدار مرسوم المنفعة العامة الرقم 4877 تاريخ 17/3/1994 لشق طريق من الحرج المذكور إلى مصانع الشركة في شكا، وتقدّمت بمشروع لإفراز الأرض، علماً ان هدفها الاساسي هو انشاء مقلع لاستخراج المواد الاولية المستخدمة في صناعة الاسمنت، وذلك بعدما تعذّر الحصول على رخصة لإنشائه.
تلة حرج القرن هي الوحيدة التي لم يغير معالمها الإسمنت

لدى تبلور المشروع، نظم الأهالي حينها مع تجمع بلديات الكورة وهيئة حماية البيئة والتراث في الكورة وجوارها، حملة واسعة ضد المشروع، وقُدمت العرائض الى وزارة الداخلية والبلديات، التي وقعها مئات المواطنين، كما رُفِعَ كتاب إلى المديرية العامة للتنظيم المدني، يطلب عدم الموافقة على طلب شركة الترابة الوطنية ضم وافراز العقارات التي تملكها، لانها ارفقت بدراسات تبين ان الحفريات المنوي إجراؤها تحت ستار الفرز والضم تصل الى ٣٨ متراً، ما يثبت ان الهدف الاساسي للمشروع هو استخراج الصخور والاتربة لاغراض صناعية، كما طالب الاهالي في حينها بضرورة وقف المقلعين والكسارتين الموجودتين في الجهة الاخرى من تلة القرن في منطقة الحريشة، ووُزع ملصق يحمل صورة الحرج بعنوان «حرج القرن في زكرون من اجمل مرتفعات الكورة الطبيعية: لن يحول إلى مقالع».
يقول سابا ان الحملة نجحت في إيقاف العمل في المقلع وتوقفت عملية وضع اليد على الطريق شكا- زكرون، إلا أن مرسوم المنفعة العامة لم يُلغَ. بعدها عمدت المديرية العامة للتنظيم المدني الى درس تصنيف أراضي قلحات، البلمند، زكرون، برغون وبدبهون، وصنّف الحُرج مع مناطق أخرى أراضي زراعية، وسكنية زراعية، والأهم مناطق أودية وأحراج. عامل الاستثمار السطحي فيها 5 ٪ والعام 0.05 ٪ ، وصُنِّف الموقع أحراجا وأودية، وحُدّد قطع الإفراز الجديدة فيها بـ 75 × 75 ومساحة دنيا /15000/م2 للقطعة الواحدة.
طالب الأهالي بتعديل تصنيف أراضيهم خارج الحرج، فلم يؤخذ طلبهم بالاعتبار ورُفِضت مشاريع إفراز لعدم مطابقتها للشروط الخاصة بالإفراز. ويؤكد سابا ان طلبات الفرز والضم الجديد تبين ان حجم العقارات المنوي افرازها صغير جداً، ما يثبت أن هناك نيّة وموافقة مبدئية من التنظيم المدني على تعديل التصنيف، بحيث يحوّل إلى منطقة سكنية. وسأل سابا لماذا يُعاد النظر بتصنيف الحرج بالذات دون الأخذ بالاعتبار وضع باقي المناطق والأراضي؟ وما الأثر الديموغرافي الناتج عن المشروع في قرية صغيرة ضعيفة الإمكانات كزكرون؟ وما التأثير البيئي على الموقع الطبيعي وجماله وتغيّر معالم المنطقة وتلال الكورة الساحلية؟
ولفت سابا الى أن تلة حرج القرن هي التلة الوحيدة التي بقيت في المنطقة دون تخريبها وتغير معالمها على يد شركات الإسمنت وإنشاء المقالع فيها. وإفرازها بهذا الشكل يدمّر مناظرها الطبيعية الرائعة ويشوّهها، علماً انه ليس هناك ما يثبت مراعاة الإفراز للشروط البيئية والطبيعية ومدى مطابقتها خاصة على الانحدارات.
والسؤال الاهم الذي يسعى اهالي المنطقة الى الحصول على اجابة عنه: هل طلب الإفراز تغطية جديدة لإنشاء مقلع للصخور، وخاصة أن مرسوم طريق شكا- زكرون لا يزال قائماً، ولم تؤمن الشركة مقلعاً آخر للصخور خاص بها، وهي طلبت ترخيصاً لمضاعفة إنتاجها، وبالتالي أصبحت حاجتها مضاعفة إلى الصخور. وفي احسن الاحوال، فان غاية الشركة الأمرين معاً: مقلع للصخور وإفراز الأرض لبيعها بعد تعديل تصنيفها.
ودعا سابا الى اوسع حملة اعتراض على تعديل التصنيف وعلى مرسوم الإفراز، مؤكداً رفض الاهالي تحويل حرج القرن مقلعاً للصخور وإفرازه عشوائياً.
وكانت إدارة شركة الترابة الوطنية في شكا قد اعلنت عام ٢٠٠٩اطلاق مشروع تشجير تلة القرن، وقد وضعت الشركة مساحة 500 ألف متر مربّع من الجبل بتصرف لجنة إنماء زكرون لتحويلها الى حديقة عامة (راجع الاخبار، العدد ٩٩٦ الاثنين ١٤ كانون الأول ٢٠٠٩).





ينفي رئيس مجلس ادارة شركة النور جوزيف عسيلي ان يكون للمشروع اي صلة بشركة الترابة الوطنية، لافتاً الى ان بيار ضومط مالك شركة الترابة هو شريك مساهم في شركة النور بحصة لا تتجاوز ٦ في المئة من الاسهم، فيما تضم الشركة اكثر من ٣٠ مساهماً، وهي تسعى منذ عامين الى الحصول على الرخص والمعاملات المطلوبة لفرز وضم العقارات في تلة القرن، وقد تقدمت بمشروع متكامل الى التنظيم المدني، كما تقدمت بدراسة الاثر البيئي الى وزارة البيئة وهي تنتظر موافقتها عليها.
بدوره يقول المدير الإداري لشركة الترابة الوطنية روجيه حداد ان لا علاقة للشركة بالمشروع، وان لا صلة له على الاطلاق بمقالع الشركة الموجودة في المنطقة، التي تحوي مخزونا كبيرا يكفي حاجات الشركة لسنوات طويلة.