نيويورك | طالب المقرر الدولي لشؤون صون حقوق الإنسان بن إميرسون، بتحديث القوانين والتشريعات القومية «بما ينسجم مع حقوق الإنسان»، بعد عملية الرقابة المنظمة الواسعة التي تكشفت، أخيراً، في قطاعات الاتصالات والإنترنت، وفق ما أكدته الوثائق المسربة من قبل المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركي، إدوارد سنودن.
وأكد إميرسون، في مؤتمرٍ صحافي في مقر الأمم المتحدة، أن الرقابة على الإنترنت والاتصالات «بلغت حدوداً لم يعد أحد يثق معها بأنه غير مراقب طوال الوقت»، شاكياً من قدرة البرامج الحديثة المستخدمة على نطاق واسع، ولا سيما في الدول الأكثر تطوراً من النواحي التقنية، على تزوير مكالمات وإرسال رسائل إلكترونية مزيفة واحتلال المواقع وزرع برامج تجسس داخلها، إلى درجةٍ لم تعد تفسح مجالاً للحماية الشخصية الحقيقية. وطالب إميرسون بفتح نقاشات داخل البرلمانات الديموقراطية حول حق الدول بتخزين البيانات عن كل المواطنين، لما ينطوي على ذلك من خطر بحق الممارسة الديموقراطية والحق في التواصل الشخصي وتبادل الأفكار بين الأفراد والجماعات في المجتمع الافتراضي.
انطلاقاً من هذه الخلفية، سألت «الأخبار» الخبير الدولي البريطاني عن عدالة الاستعانة بمعلومات الاتصالات كدليلٍ جرمي في المحاكم المحلية أو الدولية، في ظلّ احتمال التزوير أو ترجيحه، بحسب قوله، فأوضح إميرسون أنه يجب تمييز شخصٍ مشتبه فيه تخضع اتصالاته للمراقبة، «وهذا يشمل المضمون والبيانات الفنية (ميتاداتا)»، مضيفاً أن ذلك لا يختلف عن أي أسلوب آخر متبع في التحقيقات إزاء الشخص موضع الشبهة، شرط أن يلبي الشروط الأساسية في الاختبار. وأوضح أن هذا الاختبار يضم الاسئلة الآتية: «هل هذا الشك مبرر؟ هل هناك ردّ متناسب؟»، مضيفاً أنّ هناك فرقاً كبيراً بين شخص مشتبه في أنه ينوي ارتكاب عمل إرهابي، وشخص لم يدفع غرامة مرور، «لذلك إن التناسب مهم».

وفي شأن الطعون التي قدمت في محاكمات، وحول ظاهرة الردّ على اتصالات لم يقم بها صاحب الهاتف مثلاً، أو تلقي ردود على ايميلات لم يرسلها، قال أميرسون: «على سبيل المثال، بالنسبة إلى التحقيقات في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تعتمد بصورةٍ كبيرة على تحليل مواقع الاتصالات الخلوية في ادعائها، أصبح تحليل أماكن الاتصالات الخلوية أداة مهمة جداً في التحقيقات الجرمية في عدد كبير من الجرائم الكبرى». وتابع إنه إذا شكت تلك الأداة من ضعف، فإن العنصر ينبغي أخذه في الاعتبار من جانب المحكمة التي تنظر في القضية لجهة تقويم قيمة وعلاقة تحليل الاتصالات الخلوية، موضحاً بالقول: «لكنني لا أعني أن الأسلوب ينطوي على عيوب بنيوية، قد تعتريه شوائب في حالات معينة مع مكالمات محددة، وحتى ذلك يمكن بالتحليل الفني التعرّف إليه وإلى ما قد يكون تعرض لعبث ما، لكنني لا أعتقد أن خلاصات تقريري تقوّض مبدأ استخدام تحليل مواقع المخابرات الخلوية كدليل اتهام في المحاكمات الجرمية».
ورداً على سؤال عن كيفية أخذ المحاكم بصحة تحليل المكالمات الهاتفية الخلوية، في حين أنه لا يعتد بالتسجيلات الصوتية لإمكانية التلاعب بها، أكد إميرسون أن تلك التسجيلات لا يعتد بها فقط في حال طعن الدفاع بها، مضيفاً أن الغاية الأساسية من المحاكمة، إذا كانت عادلة، هي أن تلبي المعايير الدولية من خلال كشف مواطن القوة والضعف في الدليل. وتابع إميرسون إنه ليس هناك قاعدة تقول إن التسجيل الصوتي غير مقبول في المحاكم، إلا في حال طعن الدفاع أو المتهم بالدليل. الأمر متشابه وليس هناك من فارق رئيسي. وإذا كان هناك ما يثير الشك، فلا بد من وجود آليات قضائية تسمح بالطعن بما يلبي المعايير القانونية الدولية.

إلى ذلك، دعا المقرر الأممي الخاص كل الدول الضالعة في استخدام المراقبة الرقمية إلى تقديم تبريرات مفصّلة مبنية على قرائن، تفسّر التدخل المنتظم في حقوق الإنسان الشخصية، بموجب المادة 17 من معاهدة حقوق الانسان.