دمشق | ولو بِـ «1000 ليرة الشام ما بيخلص خيرا». اختار ستّة شباب سوريين هذا «السلوغان» إطاراً لفكرة شريط صوّر بكاميرا الموبايل نشر قبل أيام على يوتيوب. في هذا العمل، قدّموا مقترحاً لأقرانهم يكشف عن إمكانية قضاء يوم في دمشق، لا تتجاوز كلفته مئة ليرة سورية (حوالي ستّة دولارات) للشخص الواحد. مبلغٌ يبدو زهيداً قياساً بانخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، لكنّ توفيره اليوم يبدو صعباً بالنسبة إلى سوريين كثر. التقنية المستخدمة في تصوير الشريط عبارة عن كاميرا موبايل. تعتري الفيلم الذي صوِّر في يوم واحد، بعض المشاكل التقنية على مستوى الإضاءة وثبات الكاميرا، لكن لا يمكن محاكمته بمعايير حرفيّة. هو ليس إلا التجربة الأولى لشبابٍ هواة يجمعهم «حبّ الشام، والشغف بصناعة الأفلام». هكذا، يدافع فوّاز الحوش صاحب الفكرة عن الصورة النهائية للفيلم، ويوضح لـ «الأخبار» بأن ّهدفهم الأساسي «محاولة الإضاءة على ما عتمّت عليه الحرب من جمال الشام».يبدأ الشباب جولتهم من منزل صديقهم في باب توما (أحد أبواب مدينة دمشق القديمة). يتناولون فطورهم من فرن يقدّم الكرواسان في حيّ القيمرية المجاور، تليه استراحة قصيرة في «قصر العظم»، الذي يفتح أبوابه لزوّاره الطلاب مجّاناً. يلاعبون الحمام في ساحة المسكية قبل أن يقضوا وقتاً للتسامر في حرم الجامع الأموي.
فيلمهم الجديد سيهدونه
إلى فيروز في عيدها


بعدها، يتزودون بخبز القربان من أحد أقدم أفران الشام. خبزٌ ورث أصحاب الفرن شكله أباً عن جدّ من القدسن وقد وُسم بختم «السيد المسيح قاهر الموت». يحملون قربانهم إلى «كنيسة الزيتون» في باب شرقي، يشربون شايَهم في مقهى «النوفرة»، ليغادروا فضاء المدينة القديمة. ثم يتناولون الغداء في أحد محالّ الوجبات السريعة في «شارع بغداد»، ويواصلون السير حتى «شارع بيروت»، ويشاهدون فيلماً قصيراً في دار الأوبرا، ويشربون كوكتيلهم المفضل في محل «عصائر أبو شاكر» الشهير في منطقة «بوابّة الصالحية». يلعبون الورق في «مقهى الكمال» القريب، ليختتموا جولتهم ليلاً بـ «بوري بوظة» من محل «بكداش» في سوق الحميدية، قبل أن يتركوا المدينة الحزينة تودّع يومها.
أغنيات لفيروز، وأخرى للينا شاماميان، وفرقتي «جين» و»كلنا سوا»، مقاطع موسيقية لعازف الساكسفون السوري باسل رجّوب... لا صوت يعلو فوق صوت الموسيقى في الشريط، باستثناء بعض الشهادات من أصحاب الأماكن التي زارها الشباب، والجميع يبدو مرتاحاً أمام كاميرا الموبايل. تجاهلٌ «مقصود» لأصوات القذائف، ولا صور عن الازدحام في دمشق اليوم، التي اختار الشباب أن تكون جولتهم فيها سيراً على الأقدام، ربما لتوفير تكاليف المواصلات، ووقت الانتظار الطويل الذي تفرضه «نقاط التفتيش». وينفي الحوش أن يكون هذا التجاهل من باب «الانفصال عن الواقع». يقول لـ «الأخبار»: «نحن في الأصل نعيش واقع الأزمة من دون تقبّله تماماً، والطريقة الأفضل لتحسينه هي محاولة تغييره، واختيار الحياة وفقاً لما نحب».



ويشير الشاب العشريني إلى أنه «في يوم تصوير الفيلم أي في 21 آذار (مارس)، سقطت ثلاث قذائف على حي باب توما بعد مغادرتنا له، فالحرب لن تقعدنا في بيوتنا، ولم نيأس لهذه الدرجة.»
صنّاع الشريط (محمد علي شيخموس، فوّاز الحوش، لؤي دبّوس، أكّاد السعد، أدونيس السبع، مضر يازجي)، طلاب في كليات الهندسة والإعلام في «جامعة دمشق». يعرفوّن عن أنفسهم بأنّهم «مزيج سوري، يأتون من خلفياتٍ مختلفة ويجمعهم الشغف بالأفلام وحبّ الشام. بعضهم أصدقاء دراسة منذ الطفولة، ثم اكتملت معرفتهم في «كشّاف سوريا» والدراسة الجامعية. توسّعت مجموعتهم أخيراً لتشمل أربع فتيات أخريات، فأنشأوا مجموعة تحت عنوان «B group»، واختاروا حرف «بـِ» الثيمة الجامعة لأفلامهم المقبلة، وأقربها إلى التنفيذ سيهدونه لفيروز (21/11/1935) في عيدها.