على عتبة التمديد الثاني للمجلس النيابي، تتسع الهوّة بين تيار المستقبل وحلفائه المسيحيين، نتيجة تمسّك القوات اللبنانية والكتائب بموقفهما الرافض للتمديد، في مقابل «حاجة المستقبليين إلى غطاء مسيحي داخل الهيئة العامة، يوفّر على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري تقديم تنازلات سياسية للفريق الآخر» كما يقول مصدر مستقبلي.
برُغم ذلك، سيمُر هذا الرفض عرضياً في كواليس التيار الأزرق الذي لا يرى فيه إحراجاً له، نظراً الى تجربته مع حلفائه منذ عام 2005، والقائمة على القاعدة التالية: «الكتائب تريد والقوات تريد، ونحن نفعل ما نريد»، بحسب المصدر، الذي يؤكّد أن الحريري ورئيس القوات سمير جعجع اتفقا خلال الزيارة الأخيرة للأول للبنان على «ضرورة الوصول إلى إخراج تشارك فيه القوات، من قبيل تمريرها النصاب للتمديد مع عدم التصويت له».
ثّمة قناعة راسخة في تحالف فريق الرابع عشر من آذار، منذ نشوئه، بأن لا كلمة تعلو فوق كلمة تيار المستقبل. محطّات عدة مرّ بها هذا التحالف، أثبتت أن الاختلاف بين مكوناته تطاول تفاصيل التفاصيل، لكن الأمور تُحلّ في النهاية بالعودة إلى ما يريده الحريري، وإن بإخراج يحفظ ماء وجه حلفائه، تحديداً القوات والكتائب. الشواهد كثيرة. تبدأ بقانون الإنتخابات، ولا تنتهي بالتمديد الأول.
لم يقف تيار المستقبل يوماً على خاطر حلفائه المسيحيين. غالباً ما يُحاول إقناعهم بتبنّي قراره. بوضوح بّرر لهم حاجته إلى التمديد. في الظاهر أعطاهم حجة «أولوية الانتخابات الرئاسية»، وفي الخفاء همس لهم أكثر من مرّة أن «إجراء الانتخابات النيابية في هذه الظروف السياسية ليس في مصلحتنا». يقول المصدر: «في اجتماعاتنا المغلقة مع ممثلين عن القوات والكتائب، نظهر أكثر واقعية منهما. نحن ندرك أن إدارة العملية الانتخابية أصعب من السنوات السابقة نتيجة الشحّ المالي والارتباك الذي يعيشه الشارع السنيّ،
يعتب المستقبل
على حلفائه لتقديمهم المصلحة المسيحية على الوطنية
فيما لم تقتنع قيادتهما بحدوث تبدّل في مزاج الشارع المسيحي نتيجة ما يجري في المنطقة ولبنان، بما قد يؤدي بنا إلى خسارة نسبتنا النيابية، وبالتالي قدرتنا على قطع الطريق على الفريق الآخر لانتخاب رئيس الجمهورية الذي يريد».
يضحك المستقبليون في سرّهم حين يخرج أي قواتي أو كتائبي معلناً رفضه التمديد. من وجهة النظر المستقبلية، «الكنيسة المسيحية، وحتى القوات والكتائب، يؤيدوننا نظرياً لجهة أن الأولوية هي للاستحقاق الرئاسي»، لكنهم عملياً «لا يستطيعون الوقوف إلى جانبنا، وهذه نتيجة طبيعية لأطراف اعتادت التراجع عن الأجندة الوطنية لمصلحة الأجندة المسيحية الداخلية. نحن نتفهّم خلفياتهم ودوافعهم»، وتحديداً «عندما يكون الخصم المواجه لهم في الشارع المسيحي شخصية كالعماد ميشال عون».
لا يوحي حراك الأيام الفائتة، ولا سيما زيارة كل من جعجع والنائب سامي الجميل إلى المملكة العربية السعودية، بالوصول إلى حل لما يقال إنها مسألة خلافية. الكتائب لا تزال مُصرة على مقاطعة الجلسة، والقوات في أحسن الأحوال على الحضور من دون التصويت. ليس لدى المستقبليين الكثير ليقولوه سوى أنهم «ذاهبون إلى التمديد»، من دون أن يخفي هؤلاء «عتباً على القوات التي أيدت التمديد الأول». ويرون أن «الوقت ليس وقت مناقشة تأييد التمديد أو رفضه. ليس علينا اليوم سوى وضع شروط حول مدّة هذا التمديد، ومن بعده رئاسة الجهمورية». المصادر تستغرب «غرق حلفائنا المسيحيين في المزايدات مع عون، بدلاً من الوقوف إلى جانبنا»، وتكشف أن «بحث الحريري عن غطاء مسيحي للتمديد لا يرتبط بحرص الرجل على رضى جعجع والرئيس أمين الجميل، بل لتفادي تقديم أي تنازل سياسي سيحاول الفريق الآخر انتزاعه منا للسير بالتمديد الذي نريده أكثر من غيرنا، إذا كنا الوحيدين المطالبين به في فريق الرابع عشر من آذار».