ماذا قصد وزير الداخلية نهاد المشنوق عندما قال يوم السبت الماضي، خلال إحياء الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد الرئيس السابق لفرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن، عن أن التحقيقات في جريمة اغتيال الحسن باتت قاب قوسين من الوصول إلى خواتيمها؟ وماذا يعني حديثه عن أن محققي فرع المعلومات لديهم الصورة ولا ينقصهم سوى الصوت؟في السياسة، اتهام وزير الداخلية وفريقه السياسي موجّه صوب حزب الله. لا يُناقَش مسؤولو هذا الفريق في اقتناعتهم. في رأيهم، إن حزب الله قتل الحسن، وإن إعلان هذه «الحقيقة» رهن بالتوقيت السياسي الصائب الذي سيحدده تيار المستقبل وفقاً للظروف المحلية والإقليمية.

في الشكل، كان لافتاً توجه المشنوق إلى عائلتي الشهيد وسام الحسن ومرافقه الشهيد أحمد صهيوني، ما يوحي بأن حديثه عن قرب انتهاء التحقيقات متصل حصراً بطمأنة العائلتين.
أمنياً، يمكن الجزم بأن التحقيق في هذه الجريمة، والمستمر منذ سنتين، محاط بسرية غير مسبوقة منذ عام 2005. المجموعة الأمنية التي تعمل عليه صغيرة العدد، وتواصلها محصور برئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن التحقيقات لا تزال بحاجة إلى الكثير من الأدلة والقرائن للتوصل إلى النتيجة التي يريدها فريق الاتهام السياسي.
ما رشح من التحقيقات ضئيل جداً، ويتركز حول الخلاصات الآتية:
1 ـ لم يعثر المحققون على أي أثر لهواتف خلوية أو أرضية استخدمها منفذو الجريمة خلال مراقبتهم الحسن وصولاً إلى يوم اغتياله.
2 ـ ابتدع محققو فرع المعلومات برنامجاً تحقيقياً شبيهاً ببرامج البحث في بيانات الهواتف الخلوية، واستخدموه على كاميرات المراقبة. جُمِعت تسجيلات مئات كاميرات المراقبة من مسرح الجريمة في الأشرفية ومحيطها، وصولاً إلى مداخل بيروت الشمالية والشرقية والجنوبية. وتم تحليل مضمون هذه التسجيلات لتحديد سيارات وأشخاص مشتبه في ضلوعهم في الجريمة.
3 ـ بيّن تحليل كاميرات المراقبة أن السيارة المفخخة (تويوتا رباعية الدفع) التي جرى اغتيال الحسن بواسطتها،
كان هاتف
الحسن شغالاً عند خروجه من الشقة


سبق أن رُكِنَت في المكان الذي انفجرت فيه، قبل أيام من اغتياله، أي إن موعد تنفيذ الجريمة لم يكن مقرراً يوم 19 تشرين الاول 2012، بل قبل ذلك بأيام. لكن الحسن لم يمرّ في اليوم الذي رُكِنت فيه السيارة المفخخة، فنقلها منفذو الجريمة من الشارع، وعادت لتظهر يوم الاغتيال. وتبيّن للمحققين أن الحسن لم يكن في لبنان في اليوم الذي رُكنت فيه السيارة المفخخة في شارع إبراهيم المنذر ولم تنفجر. واستنتجوا أن المنفذين لم يكونوا على علم تام بتحركات الحسن، وأنهم لم يكونوا يعرفون بشكل دقيق مواعيد سفره خارج لبنان.
وكان المنفذون يستخدمون سيارة (من نوع غولف) لحجز مكان للسيارة المفخخة في الشارع الذي أرادوا اغتيال الحسن فيه.
4 ـ استغرب المطلعون على ملف التحقيق إحدى الوقائع التي ظهرت خلال التحقيق، وهي أن المنفذين استخدموا أكثر من 10 سيارات خلال مراقبتهم الحسن والمنطقة التي يعيش فيها. وهذا الرقم كبير جداً، مقارنة بأي عملية مراقبة أمنية.
5 ـ تمكن المحققون من تحديد أكثر من 10 مشتبه فيهم ظهروا في تسجيلات كاميرات المراقبة، وتم التقاط صور قريبة نسبية لبعضهم. لكن الصور لم تمكن من تحديد هوية أيّ منهم، أو هذا على الأقل ما رشح حتى الآن من التحقيقات. وتوقف المعنيون بالتحقيق عند كون المشتبه فيهم كانوا يتحركون بحرية تامة في منطقة الأشرفية. وجزء منهم يتصرف بطريقة توحي لمن يشاهد شرائط الفيديو بأنهم ألِفوا التحرك في المنطقة كما لو أنهم من سكانها الدائمين أو يعملون فيها. ولم تُظهر تسجيلات الفيديو أي إشارة في مظهر المشتبه فيهم تدل على هوية الجهة المنفذة.
6 ـ لم يحدد المحققون بعد كيفية تثبت المنفذين من كون الحسن كان يستقل السيارة التي كان يقودها صهيوني، والتي وصلت إلى نقطة الموت حيث تم تفجير السيارة المفخخة. البحث في موقف المبنى حيث «الشقة السرية» التي كان يستخدمها الحسن لم يكشف وجود أي كاميرا مراقبة. يشك المحققون في وجود معدات تقنية متقدمة جداً في حوزة المنفذين، تحدد مكان وجود الحسن بناءً على هاتفه الجوال، علماً بأن المعدات الموجودة لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية، والتي تستخدم لملاحقة الهواتف الخلوية لتحديد مكانها، تعطّل عمل الهاتف الخلوي المراقَب، فيما كان هاتف الحسن شغالاً عند خروجه من الشقة وأثناء وجوده في السيارة وصولاً إلى لحظة استشهاده (كان يجري مكالمة مع إعلامي يدير صحيفة خليجية).