بعد رحلة مع قناة «برس. تي. في» الإيرانية، استمرت منذ تأسيس الأخيرة (2007)، لاقت الصحافية اللبنانية - الأميركية سيرينا شحيم حتفها أول من أمس، في حادث سير وصف «بالمشبوه» في منطقة “أورفا” التركية. وكانت شحيم موفدة القناة منذ اكثر من 10 أيام الى منطقة «كوباني» أو «عين العرب» الساخنة التي تشهد معارك ضارية بين الأكراد و»داعش».
ووفق ما أدلت به من رسائل مباشرة عدة على الهواء، فإنّ الصحافية كانت قد تعرّضت لمضايقات من السلطات التركية بدعوى «بالتجسس لمصلحة جهة معارضة»، ومن جهاز الاستخبارات التركي وصولاً الى تعقب مكان إقامتها هناك.
الحادث أودى بحياة شحيم عندما اصطدمت شاحنة بسيارتها وهي عائدة مع شقيقتها والمصور المرافق، فتوفيت على الفور بعد إصابتها برأسها. وبقيت كل من شقيقتها والمصور في عداد الجرحى. وحتى الآن، لم تُجر السلطات التركية أي تحقيق جدي في الحادث، وسط غياب أي موقف رسمي في هذا الخصوص، إضافة الى تكتم الجهات التركية المعنية عن كشف هوية سائق هذه الشاحنة، إذ ترفض التصريح عما إذا كان قد القي القبض عليه أم لا. كل ذلك يوسّع دائرة الشكوك في كون الحادث مدبراً وأتى بعد سلسلة المضايقات والتهديدات.
مدير مكتب القناة في بيروت ناجي كناني روى لـ «الأخبار» خلفية ما حدث، قائلاً إنّ شحيم كانت من المراسلين القليلين الذين ذهبوا الى هذه المنطقة الساخنة ونقلوا صورة ما يجري هناك برغم ضراوة المعارك. ولفت الى أنّ المراسلة الشابة دخلت بين المدنيين الأكراد ونقلت معاناتهم ومناشداتهم المتكررة للسلطات التركية بفتح الحدود لإعالتهم. وكشفت شحيم حقيقة الشاحنات التي ترسل الى هناك باسم الإغاثة بينما يقودها في الواقع «مسلحون إرهابيون”. كناني استند الى المؤشرات المذكورة لوضع فرضية الحادث المدّبر «إذا ثبت الأمر»، كاشفاً عن إرسال فريق الى هناك للتحقيق وللتقصي مع التنويه «بالتسويف» الذي تقوم به السلطات التركية معه.
وفي انتظار جلاء ملابسات الحادث، ناشد كناني كلا من وزارتي الإعلام والخارجية اللبنانيتين والجسم الإعلامي، التحرك والضغط على الأتراك لكشف الحقيقة، بما أنّ شحيم تحمل الجنسية اللبنانية. ولم يقطع الرجاء بتحرك السلطات التركية في هذا الخصوص. وطالب بإجراءات أوسع لضمان حماية الصحافيين، وخصوصاً في مناطق المعارك الساخنة. كناني لم ينس الإضاءة على الجانب الإنساني للمراسلة الشابة، التي تنقلت بين عواصم العالم من بيروت وإسطنبول والعراق وأوكرانيا، هي الأم لولدين صغيرين. وبرغم صعوبة هذا الأمر، لم يمنعها ذلك «من العمل في مناطق خطرة».
وبعد استشهاد مراسل القناة الإيرانية الناطقة بالإنكليزية مايا ناصر في سوريا في أيلول (سبتمبر) عام 2012 برصاص أصابه خلال تغطيته التفجير الذي حصل في ساحة الأمويين في دمشق، تفقد القناة اليوم مراسلتها الثلاثينية التي يصنفها ذووها ضمن «الشهداء». ينقل كناني عن والدها «فخره بابنته» ورفع رأس العائلة بما قدمته من رسالة إنسانية وإعلامية، فهي بذلك «لم تخيّب ظنه».