مانشستر سيتي × توتنهام 4-1، ساوثمبتون × سندرلاند 8-0، أرسنال × هال سيتي 2-2، ريال مدريد × ليفانتي 5-0، برشلونة × إيبار 3-0، بايرن ميونيخ × فيردر بريمن 6-0، بوروسيا مونشنغلادباخ × هانوفر 3-0، شتوتغارت × باير ليفركوزن 3-3، وروما × كييفو فيرونا 3-0، هذه عينة من النتائج التي سُجلت في البطولات الأوروبية الكبرى لكرة القدم يوم السبت.
السبت وحده شهد تسجيل 72 هدفاً في 20 مباراة فقط في البطولات الأربع الكبرى، أي ما نسبته 3,6 أهداف في المباراة الواحدة بواقع 28 هدفاً في 7 مباريات في الدوري الإنكليزي الممتاز (بنسبة 4 أهداف في المباراة الواحدة)، و13 هدفاً في 4 مباريات في الدوري الإسباني (3,25 في المباراة الواحدة) و26 هدفاً في 7 مباريات في الدوري الألماني (3,7) و5 أهداف في مباراتين في الدوري الإيطالي (2,5). عدد أهداف مهول بالطبع لم يترك للمشاهد فرصة لالتقاط الأنفاس خلال تنقله ظهيرة وأمسية ذاك اليوم بين المباريات المختلفة في تلك البلدان، وهذا إن دل على شيء فإنه تأكيد لتغيّر وجه الكرة الأوروبية نحو الأداء الهجومي التام، حتى في بطولات ولدى مدربين اشتهروا بتكتيكهم الدفاعي.
ولعل أسباب كثيرة تقف خلف هذا التبدل الحاصل في السنوات الأخيرة بتخطي فرق في نهاية الموسم حاجز المئة هدف، الذي يتجلى تحديداً في انطلاق هذا الموسم بعد جولات تعد على أصابع اليدين.
ابتداءً، يمكن فقط التوقف عند سوق الانتقالات الصيفي الأخير لتلمس هذا المنحى من خلال تعاقدات الأندية الكبرى، مهما كلفت الأثمان، مع المهاجمين، من تشلسي إلى مانشستر يونايتد وأرسنال وليفربول وريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند وغيرها، برغم حاجة بعض هذه الفرق لتقوية الشق الدفاعي في تشكيلتها إن كان في خط الدفاع او الوسط.
وهذه النقطة تقودنا الى تحول المدربين نحو اللعب الهجومي البحت وابتكار خطط واستراتيجيات في هذا الشق.، اذ يمكن ملاحظة هذا الامر، على سبيل المثال، لدى الايطالي كارلو أنشيلوتي في ريال مدريد، الذي فاجأ النقاد بثورته الهجومية في الموسم الماضي، تحديداً في مباراة اياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في أرض بايرن ميونيخ الألماني، ملحقاً به هزيمة برباعية نظيفة، بعدما كان كثيرون يتخوفون من ارتداء الملكي ثوباً ايطالياً يعتمد على الثقل والحرص الدفاعي. اما التجلي الأكبر، انطلاقاً من تعاقدات أنشيلوتي الهجومية، فبدا في الموسم الحالي مع نتائج مرعبة للملكي ليصل الى حصيلة 30 هدفاً في 8 مباريات في «الليغا»، فضلاً عن 7 أهداف في مباراتين في دوري الأبطال. وللتأكد أكثر من إصرار أنشيلوتي على فلسفته الهجومية، فإن الايطالي لم يبال بالخسارة أمام ريال سوسييداد 2-4 في الجولة الثانية وسط انتقادات لغياب لاعب الارتكاز الصريح، ومضى في ايلاء الدور الأبرز للشق الهجومي لتغطية الخلل الدفاعي في وسط الملعب وفق قاعدة «الهجوم أفضل وسيلة للدفاع».
ما يترجمه أنشيلوتي حالياً هو انعكاس لتراجع دور لاعب الوسط الدفاعي وحتى صانع الألعاب التقليدي لمصلحة لاعبين خلاقين في وسط الملعب ذوي ادوار دفاعية وهجومية من جهة، وتعدد اللاعبين القادرين على صنع الأهداف وتسجيلها على السواء من جهة ثانية، وهذا ما نجده، على سبيل المثال، في الحالة الثانية في ريال مع الويلزي غاريث بايل والكولومبي خيمس رودريغيز والبرتغالي كريستيانو رونالدو، وفي برشلونة مع الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار، وفي بايرن ميونيخ مع ماريو غوتزه وتوماس مولر والهولندي أريين روبن.
أما السبب الثاني، فيكمن، انطلاقاً من الانتقالات المبرمة، في الهامش المخيف الذي بات حاصلاً في البطولات بين الفرق الكبرى والصغرى على صعيد تكدس النجوم في الاولى وجاهزيتها الكبيرة بجلوس تشكيلة ثانية على مقعد البدلاء لا تقل مستوى عن الأساسية في موسم طويل وشاق ويستنزف كل الطاقات.
السبب الثالث يُلاحظ في «جوع» النجوم لتسجيل الأهداف من اجل المنافسة على الجوائز الفردية التي بات الصراع عليها أشبه بـ «صراع الديوك»، والتي بات واضحاً أنها تُمنح بحسب أرقام اللاعب، حتى بات هؤلاء لا يكتفون بتسجيل هدف أو اثنين في كل مباراة، بل بات خروجهم بحصيلة أربعة أهداف يتكرر كما حصل تحديداً مع رونالدو وأخيراً مع الأرجنتيني سيرجيو أغويرو أمام توتنهام، ولهذا فلا يصبح مفاجئاً ان يسجل رونالدو 15 هدفاً حتى الآن، وأن يتقاسم ميسي ونيمار العدد نفسه (7 للأول و8 للثاني).
أما السبب الرابع، فيرتبط بالحكام الذين يبدون سائرين نحو الـ «ضرب بيد من حديد» من خلال عدم تساهلهم إزاء أي خطأ من المدافعين نتيجة كثرة الإصابات (وإن كان هذا الامر قد زاد من أخطائهم كما حصل في مباراة يوفنتوس وروما في «السيري أ»)، وهذا ما يتجلى بالبطاقات الحمراء السريعة، وتحديداً كثرة ركلات الجزاء اللافتة هذا الموسم وآخرها في مباراة سيتي وتوتنهام السبت التي كانت حصيلتها 3 ركلات للاول، سجل منها أغويرو هدفين، وركلة للثاني أهدرها الاسباني روبرتو سولدادو.
ما يبدو واضحاً، ازاء ما تقدم، أننا أمام موسم يحمل «الخير» من بدايته. موسم تشير كافة «الأرصاد الكروية» إلى أنه سيكون غزيراً بمنسوب الأهداف.