لم تسمح الفوضى وافتقاد النصاب في نهاية جلسة اللجان النيابية المشتركة من استخلاص النتائج التي انتهت إليها الجلسة أمس. لم تحدث جوجلة فعلية للنقاش الإجرائي غير التشريعي بشأن المساواة بين التعليمين الرسمي والخاص. ولما حكم الإقرار بالمساواة روحية الاجتماع، خرج مقرر اللجان النائب إبراهيم كنعان ليعلن التوافق على مبدأ تكرسه قوانين عمرها 50 عاماً ومطبق منذ عام 1956.
برأي كنعان، اجتازت اللجان قطوعاً ثانياً بعد قطوع فصل سلسلة العسكر وحصل انكفاء للهجوم على وحدة التشريع بين التعليم الرسمي والتعليم الخاص، وهذا بحد ذاته إنجاز، لكن هل يعني ذلك أن معركة الفصل ومحاولات الخصخصة وتطبيق بنود باريس ـ 3 انتهت، أم أنها ستبقى مفتوحة حتى اللحظة الأخيرة من مناقشات السلسلة؟
الانطباع الذي عكسه وزير التربية الياس بو صعب عن الجلسة كان مختلفاً. بدا مستاءً من خلاصة اجتماع «لم يناقش سوى نقطة واحدة من النقاط التي كان مقرراً طرحها إلى وحدة التشريع مثل توحيد قيمة الدرجة ودرجة التعيين لأساتذة التعليم الثانوي والأساسي».
«ليش بدنا نضحك على حالنا، شو عملنا اليوم؟ في الواقع لا أعرف ما هي النقاط التي تم الاتفاق عليها»، قال بو صعب وهو يسارع إلى اعتلاء المنبر في غرفة الإعلاميين ليدلي بدلوه: «العمل في ملف السلسلة يراوح مكانه وتشوبه قلة الجدية وإن شاء الله الأيام المقبلة تبرهن أني على خطأ».
حصل ذلك قبل أن يعلن رئيس اللجان أو مقررها القرارات، ما استفز نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لخرق البروتوكول فقال: «أتمنى على وزير التربية أن يسمعني. أعرف أنه طامح إلى أن يكون من النواب في المستقبل القريب، ويجب أن يعرف أنّه لا يجوز لأي وزير أو نائب أن يتكلم قبل أن يعلن الرئيس أو المقرر النتائج. أعتقد أن الزملاء النواب يبذلون جهداً كبيراً، ويجب التعامل مع المسائل بموضوعية أكثر».
أما كنعان فقد أوضح أنّه «لم تُبَتّ آلية تقسيط الدرجات الست المتفق عليها، في انتظار الصيغة المعدّلة لجداول العسكريين وما ترتبه من تكاليف»، أي إنّ ذلك سيستدعي إعادة النظر مجدداً بالإيرادات وتخصيص جلسات لذلك. إلاّ أن «الأخبار» علمت أن صيغة تقسيط الدرجات للتعليم الخاص ستكون مختلفة عن التقسيط للتعليم الرسمي، وهناك من طرح أن يكون التقسيط على أربع سنوات، إرضاءً لأصحاب المؤسسات التربوية الخاصة وتحت حجة رفع الأعباء عن الأهالي ومنع انعكاس الزيادة على الأقساط التي ترتفع في الحقيقة بنسبة خيالية بسلسلة ومن دون سلسلة. في أثناء الجلسة، تسلم مكاري ورقة من لجنة العسكريين تطلب موعداً منه غداً (اليوم) لتسليمه تصورها، فيما يتوقع أن تعقد جلسة مقبلة للجان المشتركة، الثلاثاء المقبل.
في الواقع، اتخذ النقاش في الجلسة طابعاً نظرياً يتناول تصويب المفاهيم التشريعية. بين وحدة التشريع وعدالة التشريع، فضل النائب علي فياض استخدام المصطلح الثاني، لأنّ الوحدة تكون بين قطاعات مختلفة (محامون، بلديات، إلخ)، لا بين القطاع الرسمي والخاص، وهذا الأمر يأخذ نقاشاً في الدول النيوليبرالية، إذ تتدخل الدولة في التشريع بهدف ضبط القطاع الخاص وتقليل التفاوتات الاجتماعية.
أما النائب غازي يوسف، فقد رفض وحدة التشريع بالمطلق سائلاً: «كيف يجوز لنا كدولة التدخل في العقد بين الأستاذ وإدارة مدرسته». وكان قد قال في حديث لـ«النهار» إنّ «المادة مخالفة لفكر القطاع الخاص، كما أن 72 في المئة من التلامذة يدرسون في القطاع الخاص، وأي زيادات ستؤثّر على جزء كبير منهم، فضلاً عن أن مدارس قد تقفل». لم يوافقه زميله في كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، الذي وافق على وحدة التشريع من باب أن المدارس الخاصة ليست قطاعاً خاصاً، بدليل أن هناك مصلحة في وزارة التربية تشرف عليها. هنا تدخل فياض: «هل هذا يعني أنّه يجوز تسمية هذه المدارس قطاعاً عاماً؟ ماذا عن حرية التعليم وزيادة الأقساط؟».