«هي المرّة الأولى التي تُقفل فيها طريق ضهر البيدر من حيث المدّة الزمنية»، هذا ما أشارت اليه الهيئات النقابية وممثلو القطاعات الاقتصادية، أول من أمس، في اجتماع عُقد في غرفة الزراعة والتجارة في زحلة لمناقشة الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها قطاعا الزراعة والتجارة في البقاع.
وفيما يواصل أهالي العسكريين المخطوفين لدى المجموعات المسلحة في جرود عرسال، تحركاتهم المطالبة بالإفراج عن أبنائهم، عاش البقاع يومه العاشر بمعزل عن باقي المناطق اللبنانية. قطع شريانه الأساسي عند مفرق فالوغا في ضهر البيدر، وقطع طريق ترشيش ضهور الشوير على مراحل متقطعة، سببا انقطاعاً فعلياً عن العاصمة. ينعكس هذا الانقطاع على مصالح الكثير من المواطنين الذين تتعطّل أعمالهم، من أصحاب مؤسسات تجارية الى موظفين وطلاب، وصولاً الى أصحاب الشاحنات والمزارعين الذين يتكبدون غرامة الانتظار.
الانعكاس الأبرز لقطع الطريق تمثّل بارتفاع كلفة النقل. يلفت رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك الى زيادة في كلفة نقل المنتوجات حوالى 25% بسبب اضطرار الشاحنات الصغيرة الى عبور طرق أطول. كلام الحويك يؤكده رئيس نقابة الفلاحين إبراهيم ترشيشي الذي أشار الى عدم قدرة الفلاحين على ايصال بضاعتهم الى المرفأ لتصديرها، فضلاً عن عجزهم على توزيعها ضمن الأسواق المحلية. ”نعمد الى تصدير ألف وخمسمئة طن كل يوم الى أسواق بيروت، لا نستطيع اليوم تصدير أكثر من 200 طن، فضلاً عن خسارتنا لجهة الشحن البحري» يقول ترشيشي، لافتاً الى ارتفاع كلفة نقل «البيك آب» الذي ينقل البضائع حوالى 3 أضعاف.
والجدير ذكره أن الطرق الفرعية «البديلة» التي على الشاحنات أن تسلكها «ليست مؤهلة لمرور الشاحنات، نظراً إلى وعورتها وضيق مساحتها»، وفق ما يؤكد ترشيشي الذي يلفت الى أن تساقط الأمطار في هذه الفترة الزمنية من شأنه أن «يضاعف الأزمة»، « عنا 50 شاحنة خضرة، كل شاحنة بتحمّل 50 طن، الأرض ما بتحمل!”
«أعتقد أننا الجهة الأكثر تضرراً من قطع الطريق»، يقول رئيس نقابة أصحاب الشاحنات شفيق القسيس. ويلفت الى أن صاحب الشاحنة يتكبّد يومياً كلفة 80$ تقريباً، ذلك أن «شاحنة نقل البحص مثلاً التي كانت تقوم بثلاث نقلات يومياً، لا تستطيع أن تقوم بأكثر من نقلة حالياً. ويبلغ ربح النقلة الواحدة 40$، مضيفاً إن الذين كانوا يعمدون الى تسيير شاحنة اضطروا الى تسيير شاحنتين.
يضطر عمران الأحمد (سائق الشاحنة المحملة مواد غذائية)، لأن يدفع 50$ عند نقطة المصنع كغرامة رسوم خزن. ويقول: ”البضاعة التي نحملها تحتاج الى تحاليل مخبرية وصحية في مركز معهد البحوث في الفنار. فيوم الاثنين لم تُرسَل العينات، وبسبب إقفال الطريق لم تأت النتيجة، ما يضطرني لأن أدفع غرامة رسوم خزن عن كل يوم 50 دولاراً لكل شاحنة في باحة الجمارك، لأن المدة المحددة (خمسة ايام) انتهت». في هذا الإطار، يلفت المخلص الجمركي بشير صالح الى أن اقفال الطرقات يؤثر على مجرى انجاز المعاملات، ويشل حركة الترانزيت، «لأن هناك بضائع للتصدير، مجرد أن يكون الطريق مقفلاً تصبح بحالة انتظار»، وأضاف «إن هناك العديد من المعاملات التي تحتاج الى تحاليل وموافقات خطية من بيروت، وهو ما يسبب تأخيراً في إنجاز المعاملات، ما يزيد الأعباء على سائقي الشاحنات، فيضطرون إلى دفع 10 آلاف ليرة عن كل طن، بعد مهلة 5 أيام. وبعد مرور 48 ساعة على المدة، يجب على كل شاحنة دفع 50 دولاراً يومياً”.
لا يشكو سائقو الشاحنات من التكلفة المادية فحسب، ذلك أنهم يجدون في الانتظار ساعات «تكلّفهم» المزيد من الإرهاق والتعب و»تضييع النهار». فسليم مثلاً (سائق شاحنة)، يتذمّر من «الطابور الطويل» المصطف على ضهور الشوير الذي يجبرهم على انتظار إشارة الدرك للانطلاق ضمن اللائحة الزمنية المحددة لسير الشاحنات، لافتاً الى «أننا بدنا أكثر من ست ساعات لنوصل». ويستطرد أنه وعلى الرغم من أن المسافة ليست كبيرة، الا أن ضيق الطريق وكثرة الزحمة يحولان دون وصولهم المبكر.
اللافت هو ارتفاع تكلفة النقل العمومي، بعدما عمد بعض سائقي الفانات والسيارات العمومية الى رفع الأجرة. وفيما يلفت بعض سائقي الفانات الى أنهم رفعوا التكلفة بشكل بسيط (ألفي ليرة) كـ»تعويض» لأنهم يسلكون طرقاً «أطول ووعرة أكثر، وهو ما يؤدي الى تعب وخسارة وقت»، يؤكد بعض الركاب «استغلال السائقين العمومين للوضع لرفع التكلفة وابتزازنا». ووصلت التكلفة الى 30 ألف ليرة أجرة الراكب من شتورا الى بيروت، بحجة أن السائق «يسلك طريق الجنوب أو طريق ترشيش عبر ضهور زحلة». يتكلّف نديم (موظف في إحدى الشركات في بيروت) حوالى الـ 50 ألف ليرة يومياً كأجرة طريق، ذلك أنه يدفع يومياً 25 ألفاً ذهاباً، و»بالرجعة نفس الشي».