أقرّ مجلس النواب في جلسته أمس اقتراح القانون المقدّم من النائب علي بزي، الرامي إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة (الافتراضية) قدره 626.6 مليار ليرة. هذا الاعتماد يغطّي الرواتب والأجور للعاملين في الدولة حتى نهاية السنة الجارية، بمعنى ان مجلس النواب غطّى فقط اعتمادات الرواتب والاجور والتعويضات من دون الاعتمادات الاخرى التي نُقلت من الاحتياطي في الفترة السابقة.
بحسب مصادر مطّلعة، فان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة اصرّ على اعتماد صيغة «القطّارة»، كي يُبقي الحديث عن «التسوية المالية» قائما. وافادت هذه المصادر بان الرئيس نبيه بري ومعه وزير المال علي حسن خليل رفضا الدخول في مثل هذه «التسوية»، ولم يقبلا طرحها على الطاولة في سياق المحاولة الاخيرة لتمرير سلسلة الرواتب والاجراءات الضريبية، خلافا لما جرى الترويج له من جانب تيار المستقبل والنائب جورج عدوان. وقالت المصادر نفسها ان الصيغة التي اقرّها مجلس النواب تندرج في اطار «الضرورة» في ظل تمسك الوزير خليل بعدم الانفاق من خارج اليات القانون، وهو ما اضطر الاخرين للقبول فقط بتشريع صرف الرواتب لتفادي ازمة «وشيكة». قصّة الرواتب والأجور في القطاع العام قديمة. فالمشكلة معروفة وواضحة للجميع، إذ إن إنفاق الدولة قائم ضمن سقف موازنة عام 2005 والقانون 238/ 2012، والقانون الاخير، كما هو معروف، اعتمد بدوره صيغة «القطّارة» ولم يغط كل الفرق بين الاعتمادات في موازنة 2005 والحاجات المتنامية، إذ إن الإنفاق يزداد سنويا بوتيرة متسارعة، فيما الاعتمادات المرصودة ثابتة، وهذا يخلق مشكلة دائمة يجري التعامل معها يوما بيوم. لا حل، باتفاق الجميع، الا بالعودة الى اصدار الموازنة السنوية لتغطية الإنفاق المطلوب. ولكي يحصل ذلك، يجب انجاز قطع الحسابات عن السنوات السابقة (9 سنوات)، وبما أن الحسابات غير متوافرة، تعمل وزارة المال على إعادة تكوين الحسابات والتدقيق بكل الإنفاق على مدى أكثر من عشرين عاماً مضت، الا ان هذه العملية اظهرت «فظائع» ترتّب مسؤوليات سياسية وجرمية على المسؤولين السابقين في الحكومة والوزارة. وهذا ما يحاول البعض تفادي تظهيره ويعمل على اختراع «تسوية» تشبع «العفو».
لجنة المال والموازنة النيابية كانت قد اقرّت في أيار الماضي صيغة تسمح بفتح اعتمادات اضافية بقيمة 1585 مليار ليرة، الا ان هذه الصيغة لم تمر، ويرى النائب ابراهيم كنعان ان ذلك حصل بسبب الضغط الذي مارسته الكتلة الساعية إلى براءة الذمة.