لم يعد الأمر يقتصر على مواعدات هاتفية، أو فنادق معينة، بل أصبح أكثر انتشاراً. تقف الفتيات بكل جرأة عند جوانب الطرقات في تعنايل، وصولاًً الى المصنع، وطريق تعلبايا زحلة وزحلة رياق، وينتظرن زبائنهن. وهذا ما دفع البقاعيين إلى إطلاق أسماء إباحية على هذه الطرقات، عدا عن شقق أصبحت معروفة للقاصي والداني بهذه الظاهرة.
ليس سهلاًً على عمران أن يعطي عنوان منزله لأحد. بات يخجل من ذكره، بعدما تحوّل اسم المبنى الذي يقيم فيه إلى «بناية رزان»، التي تشغل إحدى شقق الطبقة الثانية وتدير منها عملها في الدعارة.
أما ناهدة، فقد تركت الشقة التي يقيم فيها أهلها منذ 17 سنة لأنهم ضاقوا ذرعاً من الشبّان الذين يقصدون الشقة المجاورة لشقتهم ليلاً نهاراً ومن دون رادع. اعترضت الشابة لدى صاحب البناية، وتقدمت بشكاوى إلى قوى الأمن من دون جدوى. لم تهتم لفارق إيجار الشقة، رغم أن دخلها ودخل والدها محدودان، «كان هذا الحل الوحيد بعدما صرنا مشموسين».
المشكلة لا تقتصر على حيّ معين، أو بلدة. وعلى الرغم من حساسية الموضوع، الشكوى مرتفعة في منطقة تعنايل وتعلبايا وجلالا وسعد نايل والكرك، وحتى في بر الياس ومجدل عنجر، حيث يطالب المواطنون بتحرّك الأجهزة الأمنية لردع هذه المخالفات.
مثلاً، يتأفف الأهالي على طريق كسارة رياق من أنهم يدفعون ثمن السمعة السيئة للحيّ برمته. وتشتكي عائدة من جيرانها الذين يقطنون الشقة المقابلة لشقتها، والتي تصفها بـ«المشبوهة». حتى عامر، لا يجد سبيلاً غير تغيير شقته، إلا أنه يبدو عاجزاً عن إيجاد بديل. يقول «أقيم في هذا البيت منذ 20 سنة. لم نترك وسيلة إلا استعملناها للحدّ من الأمر، نظمنا عريضة وأبلغنا صاحب الشقة الأساسي، ولم يحرّك ساكناً بل يكتفي بوضع كل اللوم على القوى الأمنية التي تعلم بكل ما يحصل، ولم ينفع شيء».
تتوفر معلومات أمنية عن حالات مصابة بالإيدز لدى الفتيات


وفي الكرك، لا تختلف الحال، حيث يتداول الأهالي اسم «قوّاد» معروف، يشغّل سبع فتيات، قدمن من ريف حلب، في الدعارة. وبحسب أحد «الزبائن»، لم تكن الشقة التي تقطن فيها الفتيات تستعمل «إلا في الحالات النادرة، لمن ليس لديه مكان، أو لشبان لم يكملوا السن القانونية التي تخوّلهم دخول الفنادق».
وبخلاف ما يشاع بأن بائعات الهوى هنّ من السوريات، يؤكد آخرون أنهنّ من جنسيات عربية مختلفة وبينهن لبنانيات أيضاً، كما تقول إحداهن، سحر (اسم مستعار). تعيد سبب ممارستها هذا العمل إلى الظروف الاقتصادية الصعبة بعدما فقدت كامل أفراد أسرتها في الحرب السورية.
يؤكد مصدر أمني «وجود العشرات من شقق الدعارة في البقاع بين القرى والبلدات، ما يسهل ترويج المخدرات بين الشباب، ويهدد بانتشار عدوى الأمراض الجنسية». ويكشف أنهم ضبطوا سابقاً عدداً من عصابات ترويج الدعارة في قرى البقاع الغربي والأوسط، وعندما أفرج عنهم عادوا الى عملهم. كما جرى القبض على «رجل وثلاث فتيات في أحد الأسواق الشعبية، حيث كان القواد يستعمل «فان» مقفلاً لنقل البضائع لممارسة الدعارة داخله مقابل أجور متدنية جداً تصل إلى عشرة دولارات».
ويكشف المصدر نفسه عن تلقيه معلومات بوجود حالات مرضية مصابة بالإيدز قدمت من سوريا الى لبنان. لكن، للأسف «هذا الأمر مرهون بشرطة الآداب، وفي البقاع لا يوجد مكتب لهم. مخفر حبيش هو الكلّ في الكل، لكن إذا انتظرنا وصول دورية من بيروت سيكون المعنيون على علم مسبق بها، ما يدفعهم إلى إخلاء الشقق». هذا عادة عن الحاجة إلى تنسيق، في حال كانت هذه الشقق مقراً لأعمال أخرى مخالفة للقانون مثل ترويج المخدرات «لأن عملية الانقضاض عليها تتطلب تنسيقاً بين مكتب مكافحة المخدرات وشرطة الآداب والشرطة القضائية».
مصادر من شرطة الآداب في بيروت أفادت بأن هذه الظاهرة، إن وجدت بهذا الحجم، فهي قد تكون تفشّت في الأشهر الأخيرة فقط.