لم يكن «ذهب عجلون» سوى «أجهزة تجسس إسرائيلية» انفجرت، هذه هي الخلاصة التي أوصلها رئيس الأركان الأردني، مشعل الزبن، لتكون هي الرواية الرسمية الرابعة بشأن الطوق الأمني الذي فرض في منطقة حرجية، في عجلون (شمال)، وسط حفريات كثيفة ترافقت مع شائعات عن استخراج ذهب قديم من المنطقة والتصرف به خارج علم الحكومة والبرلمان.
وكانت الرواية الأولى التي صرح بها محافظ عجلون، رضوان العتوم، قد قالت إن القوات المسلحة كانت تعمل في المنطقة من أجل تنفيذ إنشاءات، فيما جاءت الرواية الثانية على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، الذي قال إن إغلاق طريق إربد ـ عجلون (عند إشارة ارحابا الى إشارة صخرة) كان لمعالجة أمنية لانهيارات أرضية في تلك المنطقة.
القصة الثالثة قدمها قبل أيام وزير الداخلية، حسين المجالي، حينما أكد أنه لم يعثر في عجلون «لا على ذهب، ولا على تماثيل». وقال المجالي إن فنيين من القوات المسلحة وخبراء متخصصين كانوا يعملون على وضع أجهزة ومضخمات ضمن تجديد منظومة الاتصالات والإنذار المبكر على الواجهة الشمالية الأردنية.
وأمس، وضع الفريق أول الركن، مشعل الزبن، الرواية شبه الأخيرة ليحسم القضية التي عرفت إعلاميا بـ«ذهب هرقلة» وشغلت الرأي العام الأردني. وقال الزبن، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع رئيس الوزراء عبدالله النسور، والوزيرين المجالي والمومني، إنه وقع انفجار سابق على طريق الخالدية ـ المفرق بصورة مفاجئة، «ما ألحق أضرارا مادية بالأبنية القريبة لمسافة 400 متر من موقع الانفجار». ووفق حديثه، اتجهت قوات أمنية للكشف في موقع الانفجار وإجراء التحقيقات، «فتبين أن السبب مادة تنفجر عند تحركها أو نزعها وكانت مربوطة على أجهزة رصد وتجسس، وهي مدفونة تحت سطح الأرض منذ عشرات السنين». وأكد، في الوقت نفسه، أنه تبين أن هذه الأجهزة قد زرعها الإسرائيليون في نهاية الستينيات وأن الانفجار نتج عن عوامل الطبيعة.
لم تطرح محاربة «داعش» على مجلس النواب الأردني بسبب «ازدحام» جدول أعماله

وشرح الزبن أنهم أجروا مسحا ميدانيا شاملا في جميع نواحي المملكة، واستطاعوا العثور على خمسة مواقع زرعت فيها أجهزة مماثلة على أعماق تراوح بين متر ونصف متر ومترين، «لذلك طلبنا من الجانب الإسرائيلي أن يقدم معلومات كاملة عن مواقع أجهزة التجسس في المملكة وعن أسلوب عملها ونوعية وكمية المتفجرات المزروعة مع هذه الأجهزة وتواريخ زرعها»، مشيرا إلى أن إسرائيل قدّمت المعلومات المطلوبة ومنها أن هذه الأجهزة زرعت قبل خمسة وأربعين عاما.
وبالنسبة إلى الحدث الأخير، فقد كشف أن الموقع الأخير لأجهزة الرصد يقع على شارع رئيسي قرب جامعة عجلون وبعض المناطق السكنية، وهذا الجهاز مربوط على أحد خطوط اتصالات الفرقة الثانية سابقا وزرع عام 1969، «وبناء على ذلك تعاملنا بحذر مع المكان بعدما سلمَنا الجانب الإسرائيلي المعدات المطلوبة لضمان أقصى درجات الأمان».
واستنكر المشاركون في المؤتمر، وهم على مستويات عليا في الحكومة، ما تناقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض الجهات عن وجود دفائن وكميات من الذهب والآثار في عجلون، «الأمر الذي اضطرنا آسفين إلى توضيح الحدث بالتفصيل»، كما ذكروا أنه ستجري ملاحقة قانونية لكل من روج تلك الشائعات، لكن المومني وضح أنهم اضطروا إلى هذا المؤتمر بسبب «اللغط الكبير المثار والظروف الصعبة التي يمر بها الوطن الآن»، لافتا إلى أنه «لو كشف عن أجهزة تجسسية أخرى، فإن ذلك سيؤثر سلبيا في العلاقات مع إسرائيل قد تصل إلى حد قطع العلاقات نهائيا».
بالانتقال إلى «داعش»، عاد الزبن ليؤكد أن سلاح الجو الملكي قادر على التصدي «لأوكار الإرهاب مهما كان موقعها في الشرق الأوسط»، وأضاف إليه النسور تبريرا لتأخر الحكومة عن طرح المشاركة في الحلف الدولي ضد «داعش» أمام مجلس النواب، وذلك بإرجاعه إلى ازدحام جدول الأعمال في المجلس، مستدركا: «نتواصل بصورة غير رسمية مع النواب بشأن هذا الموضوع ونطلعهم على التفاصيل أولا بأول».
(الأخبار)