إسطنبول | بعد خطابه الذي استهدف فيه مباشرةً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لم يتأخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في الاتصال بنظيره الأميركي باراك أوباما، ساعياً بإصرار إلى إقناعه بضرورة اتخاذ موقف واضح وعملي وسريع لإسقاط الرئيس بشار الأسد. ورأى أردوغان ذلك شرطاً أساسياً لمشاركة بلاده في التحالف الأميركي ضد "داعش"، قائلاً إن على هذا التحالف أن يقصف الجيش السوري بنحو متوازٍ لقصف مواقع "داعش" الذي اعتبره للمرة الأولى "تنظيماً إرهابياً".
وقالت وسائل الإعلام التركية إن أردوغان تعهد بلعب دورٍ أساسي ومباشر في أي خطة أميركية للتخلص من الأسد، مع ضمانات منه بإقناع المعارضة المعتدلة بضرورة تأييد ودعم الخطة التركية لإقامة منطقة عازلة أو جيوب أمنية داخل الأراضي السورية امتداداً من حلب حتى الحدود السورية ـ العراقية، بحجة مواجهة موجات النزوح المتوقعة مع استمرار القصف الجوي ضد "داعش".
ونقلت وسائل الإعلام التركية معلومات عن تركيز مباحثات أردوغان مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، على شرح أردوغان تفاصيل الخطة العسكرية التركية ضد "داعش" ومنع سيطرة أكراد سوريا الموالين لحزب "العمال الكردستاني" على الشريط الحدودي مع تركيا.
وقال محللون مقربون من الحكومة إن أردوغان لن يتخلى عن مشروعه "العقائدي" لإسقاط الأسد، ولن يتراجع عن موقفه المعادي للرئيس المصري السيسي، ويرى فيه أردوغان السبب الرئيسي في إسقاط مشروعه الإقليمي الهادف إلى وضع المنطقة تحت حكم "الإخوان المسلمين". ويسعى أردوغان إلى إقناعهم بأنه زعيمهم الوحيد في العالم.
وتوقع هؤلاء أن يستمر التوتر بين أردوغان والقاهرة التي يسعى أمير قطر، حليف أردوغان الوحيد، إلى التقرب منها. وقالوا إن أردوغان لن يتردد في الاتفاق مع السعودية حليفة السيسي على ضرورة العمل المشترك لإقناع واشنطن والعواصم الغربية بالتخلص من الأسد، عبر إعادة هيكلة قوى "المعارضة السورية المعتدلة" ودعمها، ومن دون أن يتذكر أحد أن أوباما قد وصف في 22 حزيران الفائت هذه المعارضة بـ"الفاشلة"، معتبراً الحديث عنها نوعاً من الفانتازيا و"مضيعة الوقت". واستبعدت المعلومات والتحليلات أي تعاون جدي لأنقرة مع "التحالف الدولي" ضد "داعش"، على الرغم من إعلان أردوغان أمس تقديم الدعم العسكري له. وقالت المعلومات إن السلطات التركية ستغض النظر عن تنقلات وتسلل عناصر "داعش" من الأراضي التركية وإليها.
في هذا الصدد، يرى علي بايرام أوغلو، وهو أحد أهم المحللين الإعلاميين المؤيدين للحكومة، أن سياسات أردوغان ـ داوود أوغلو في موضوع سوريا "فاشلة" منذ البداية، وقال إنها السبب في ظهور تنظيم "داعش" الذي حظي بدعمٍ كبير من أنقرة بهدف التخلص من الأسد.
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو إن أنقرة "لم تنتهج أي سياسة مذهبية تجاه تطورات المنطقة، وكانت حريصة دائماً على منع أي توتر أو مواجهات مسلحة في سوريا والعراق". وأضاف أنه "سعى كثيراً إلى إقناع الرئيس الأسد ورئيس الوزراء المالكي بالابتعاد عن سياسة إقصاء الآخرين والاستعجال في الإصلاحات الديموقراطية". وجاء الرد على أقوال داوود أوغلو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشار المغردون على "تويتر" إلى تصريحات سابقة ومتعددة لداوود أوغلو والرئيس الحالي أردوغان، حيث كانا يشيران باستمرار إلى أن النظام في سوريا "علوي"، وإلى "إيران وحزب الله" الشيعيين اللذين يدعمان النظام العلوي، كما هي الحال بالنسبة إلى رئيس حزب "الشعب الجمهوري" المعارض كمال كليجدار أوغلو العلوي، فيما وصف أحد نواب "العدالة والتنمية" حزب الله بحزب الشيطان.