توقيف 107 أشخاص من الجنسيتين السورية والفلسطينية، في طرابلس، امس، فيما كانوا يحاولون المغادرة إلى إيطاليا بوسائل غير «شرعية». كشف أن لبنان تحوّل إلى بلد للهجرة غير الشرعية على نحو جماعي، بعدما كان الأمر يجري سابقاً على نحو فردي، او عبر الهجرة من بلدان اخرى (حادثة عبارة إندونيسيا).بعد منتصف ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، ووسط ظلام حالك، بدأ بعض الأشخاص بالتجمّع خلف سوق السمك الواقع على كورنيش البحر في مدينة الميناء، وهو موقع صخري بعيد عن الأعين وعن نقطة الجيش اللبناني المقامة عند مدخل مرفأ صيادي الأسماك. استمر التوافد حتى الثالثة فجراً، ما اثار شكوك بعض الأشخاص الذين كانوا في المكان، فاتصلوا بالقوى الامنية.

دهم عناصر من مفرزة استقصاء الشمال في قوى الأمن الداخلي المكان، وألقوا القبض على جميع من كانوا هناك، وسرعان ما كشفت التحقيقات الأولية مع الموقوفين أنهم جاؤوا جميعاً من مخيم عين الحلوة في الجنوب، وأنهم ينوون الهجرة إلى إيطاليا، بعدما أقنعتهم عصابة لتهريب الأشخاص على نحو غير شرعي، يرأسها شخص يدعى ف.أ. أن بإمكانهم الوصول إلى إيطاليا، ومنها إلى بلدان القارة الأوروبية.
أظهرت التحقيقات أن أفراد العصابة قبضوا مبالغ مالية نقدية، راوحت بين 6 آلاف دولار عن كل رجل وامرأة، وألفي دولار عن كل طفل، وكان عدد الأشخاص المغرر بهم موزعاً بين 27 طفلاً و10 نساء والبقية من الرجال. ووفق المعطيات المتوافرة، فإن اتفاقاً جرى بين أفراد العصابة وهؤلاء الأشخاص على أن يُنقلوا بواسطة مراكب صغيرة من شاطىء مدينة الميناء إلى خارج المياه الإقليمية، على أن يكون في انتظارهم مركب كبير يملكه شخص سوري ينتقلون إليه ومن هناك تبدأ رحلتهم إلى إيطاليا.
وأوضح مصدر أمني لـ»الأخبار» أن التحقيقات مع الأشخاص الموقوفين أظهرت أن شخصاً لبنانياً يدعى ف. أ. هو من قبض الأموال ورتّب عملية التهريب. دهمت قوة من فرع استقصاء الشمال منزله وأوقفته صباح أمس.
وأشار المصدر الأمني إلى أن عملية أمس «تعدّ أكبر عملية تهريب أشخاص تشهدها طرابلس»، وردّ السبب إلى «وجود عدد كبير من اللاجئين السوريين في لبنان، تجاوز 1.5 مليون لاجئ، إضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين، الذين يحاولون الخروج من لبنان نحو أي بلد أوروبي بحثاً عن حياة أفضل».
هذا العدد الكبير من الذين حاولوا الهجرة بطريقة غير شرعية من لبنان، توقف عنده رئيس بلدية الميناء السابق عبد القادر علم الدين، الذي أوضح لـ»الأخبار» أن عدد الذين كانوا يحاولون الخروج بحراً من الميناء بطريقة غير شرعية، كان فردياً أغلب الأحيان، ولم تسجل أي عملية تهريب جماعي بهذا الشكل أبداً.
ولكن علم الدين لفت إلى أن الشاطىء اللبناني مؤهل لهذا النوع من الهجرة الخطرة، شارحاً أن عمليات التهريب كانت تحصل إما عبر قوارب النزهة التي كانت تنقل زواراً إلى محمية جزر النخل في عرض البحر، أو عبر مراكب صيد السمك، حيث لا تخضع المراكب التي تخرج إلى البحر للرقابة إلا تلك التي تخرج من مرفأ الصيادين، ما كان يدفع الجيش دائماً إلى تسيير دوريات بحرية تفقدية على نحو مستمر لمواجهة عمليات من هذا النوع».
علم الدين نفى حصول أي وفاة أثناء عمليات التهريب سابقاً، وأوضح أن «أكثرية الفارّين كانوا من أحياء طرابلس الفقيرة ومن مناطق شمالية نائية، وأن قبرص كانت وجهتهم الرئيسية، ومنها كانوا يتوجهون إلى الدول الاسكندنافية، تحديداً، إذا حالفهم الحظ».