عندما توفي المحامي الفرنسي الشهير جاك فرجيس، قبل عام ونيف، لم يكن في مكتبه اي قضية عالقة إلا قضية الاسير اللبناني في السجون الفرنسية جورج عبدالله. رحل الملقّب بـ «محامي الشيطان» و «سفّاح المرافعات» من دون ان يحقق أمنيته بأن يكون موكله في رحاب الحرية. عبثاً حاول الاصدقاء المقرّبون جداً من جورج عبدالله اقناعه بضرورة توكيل محام جديد للدفاع عنه.
فضّل مؤسس «الفصائل اللبنانية الثورية المسلحة» ان يبقى من دون محام، لقناعته بأن المسار القانوني لقضيته منذ أن لُفّق ملفه الجنائي عام ١٩٨٤ الى اليوم، مسار عبثي لا تجدي معه المرافعات والمحاكمات ولا طلبات الافراج المشروط التي وصلت الى ثماني طلبات من دون ان يحصل عبدالله على حقه القانوني المكفول منذ عام ١٩٩٩ بالخروج من السجن.
لاحقاً، قبل على مضض تكليف المحامي الفرنسي جان لوي شالونسيه. لم يحتج الامر الى وقت طويل ليتبين ان المحامي الخمسيني يمتلك من الديناميكية والتكتيك ما يكفي ليكون مؤهلاً لمتابعة هذا الملف الشائك والمعقّد. سارع الى اقناع عشرات النواب وأعضاء مجلس الشيوخ بالتوقيع على عريضة موجّهة الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تطالب باطلاق عبدالله الذي «قضى في السجن اكثر من نيلسون مانديلا». ثم بادر الى التقدم بطلب تاسع للافراج المشروط، وضمّنه مرافعة قانونية فيها اكثر من نقطة قانونية جديدة يصفها المحامي في مقابلة مع «الاخبار»، بأنها التفاف مشروع على الحكم الصادر عن محكمة التمييز الفرنسية في نيسان العام الماضي. وقد ألغى هذا الحكم احكام محكمة الاستئناف الفرنسية التي ربطت اطلاق موكله بتوقيع وزير الداخلية على قرار بترحيله خارج البلاد.
شالونسيه الذي زار بيروت، السبت الماضي، بدعوة من «الحملة الدولية لاطلاق سراح جورج عبدالله»، يأمل بأن يقتنع القاضي الجديد الذي كُلّف بالملف بالحيثيات القانونية التي ابرزها، وان يحكم بالافراج عن موكله، ولا يستبعد، لا بل شبه متأكد، من ان النيابة العامة الفرنسية ستطعن في هذا القرار في حال كان لصالح المناضل اللبناني. في المقابل، فهو لن يتأخر عن الطعن في القرار في حال كانت نتيجته سلبية.
يشير شالونسيه الى ان ان المادة 729 ــــ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لا تلزم الإفراج المشروط، بشرط صدور قرار الترحيل أو قرار تسليمه إلى سلطات بلاده، لأن النصوص تحدد أن الإفراج المشروط غير مرتبط بتنفيذ هذا الإجراء إلا «عندما يتم الحكم على أجنبي بعقوبة السجن فإنه يخضع لفرض حظر تواجده على الأراضي الفرنسية»، وهي ليست قضية عبد الله الذي لا يخضع لحظر تواجد على الأراضي الفرنسية بل لأمر الاستبعاد. على هذا النحو، فإن الشروط المنصوص عليها في المادة 729 ــــ 2 من قانون الإجراءات الجنائية تكون قد تحققت تماما، في حين أن المادة D535 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في بندها الرابع على أن «القرار الذي يمنح المدان الأجنبي حق الاستفادة من الإفراج المشروط يمكن أن يلزم اللجوء إلى هذا الإجراء الذي يقضي بأن يرحّل من الاراضي الوطنية، أو أن يرافق إلى الحدود أو أن يسلم إلى سلطات بلاده، أو أن يغادر البلاد دون عودة». وينص هذا النص صراحة على أن جورج عبد الله، الذي يتعهد بعدم العودة إلى الأراضي الفرنسية، سيغادر هذه الأراضي ليتمكن من الاستفادة من أحكام المادة 729 ـــ 2 من قانون الإجراءات الجنائية».
سنحاول اقناع
جورج الذهاب الى محكمة حقوق الانسان الاوروبية

يلفت المحامي الفرنسي الى انه ضمّ الى طلب الافراج المشروط الذي تقدم به الى القاضي، ورقة رسمية موقّعة من قبل القنصل اللبناني في فرنسا وليد منقارة تؤكّد استعداد السلطات اللبنانية لتسلم جورج عبدالله فور صدور قرار قضائي باطلاقه من مركز الاعتقال المحتجز فيه الى حين وصوله الى الاراضي اللبنانية. وبحسب شالونسيه، فان هذا التعهد قد صيغ بلغة متماسكة تختصر الطريق امام اي اجراء تعسفي من قبل الادارة الفرنسية حول مسألة الطرد أو الترحيل. لكنه يحاذر التفاؤل المفرط بأن القاضي سيعتبر هذه الورقة بمثابة منفذ لاصدار قرار بالافراج المشروط من دون الحاجة الى توقيع وزير الداخلية الفرنسي على قرار الطرد، لذلك فهو يأمل ان تشدد الحكومة اللبنانية على مسألة تسلم جورج عبدالله على الحدود او من مركز اعتقاله بدل انتظار قرار الحكومة الفرنسية بترحيله، وهو ما لن يحدث لان الولايات المتحدة ستسعى جاهدة لعرقلة اجراء من هذا النوع.
يعرف شالونسيه انه في حال خسارة هذه الجولة فان الخيارات القانونية داخل فرنسا ستضيق أكثر، ولن يكون هناك منفذ قانوني سوى الذهاب الى محكمة حقوق الانسان الاوروبية، وهو اجراء لا يزال عبدالله يرفضه لكونه يعتبر ان مثل هذه المحاكم غير مستقلة. «سنحاول اقناعه»، يقول شالونسيه ضاحكاً قبل ان يغادر بيروت آملاً بالعودة مجدداً لاستقبال جورج.

اطلقت الحملة الدولية لاطلاق سراح
جورج عبدالله موقعاً الكترونياً جديداً
http://www.freegeorges.org


يمكنكم متابعة بسام القنطار عبر | http://about.me/bassam.kantar