رجاء بشارةعلاقة السيد هاني فحص ببيت أم جرجس وأبو جرجس بشارة تاريخية تعود إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي. وأذكر أنها بدأت يوم التقى السيّد هاني في بلدتي دير ميماس (قضاء مرجعيون) مطران مرجعيون بولس الخوري، وجرى بحث خطر التمدّد الاسرائيلي في الجنوب مع بدء تأسيس ميليشيا سعد حداد والسعي إلى إقامة ما كان يعرف بـ «الجدار الطيّب» في المنطقة.

تطوّرت هذه العلاقة بعد استشهاد خالي خالد بشارة في 16 تموز 1976 خلال عملية للمقاومة ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي. يومها، تكلّم السيد والمطران في احتفال تأبين الشهيد خالد الذي أقيم في «الجامعة العربية». والآن، وأنا أستعيد الحادثة، أدرك دلالته، كيف كان الشهيد مسيحياً، استشهد من أجل فلسطين، وابّنه رجل دين شيعي، في منطقة الطريق الجديدة.
المهم، أنه منذ ذلك اليوم، صار السيد فرداً من أفراد العائلة، يغيب ويعود، يدخل ويطلب الغداء من دون قلق أو توجّس ما كانت أم جرجس (أمي) تحبّه فيه. كانت علاقتها به علاقة والدة بابنها، وهو الذي زوّج لاحقاً ابنتها من شاب شيعي عراقي.
مرّت السنون وتحرّر الجنوب وعادت أم جرجس تحمل رفات ابنها خالد إلى دير ميماس.
وعندما مرضت ودخلت إلى مستشفى النبطية لإجراء عملية جراحية في الرأس، طلبت قبل دخولها غرفة العمليات الاتصال بالسيد هاني وأوصتني أن أتصل به وأطلب منه أن يصلي ركعتين في المستشفى عندها، يومها كان السيّد مسافراً ولم يعرف بمرضها وطلبها إلا بعد خروجها سالمة. وفي إحدى زياراته لها في دير ميماس، وكان قد تأخر عليها، رفعت العكاز في وجهه وهمّت بضربه. ثم قالت وله وهي تشير بعصاها إلى فلسطين: من هنا طريق فلسطين ونحن الأقرب إليها مطالبة إياه بالمواظبة على زيارتها. يومها، انحنى قربها وقال لها «بتموني» وضحكا معاً. وتحول حديثهما إلى الزيتون والزراعة ووعدها بأن يعود ويجمع الشباب عندها.
وعندما توفيت أم جرجس، لم تجد العائلة غير السيّد ليلقي كلمة العائلة في كنيسة القرية باسمها، لأنها أحبّته. وقال يومها: «أنعى إليكم أختي وأمي». وتكلّم عن علاقتها بفلسطين وشباب المقاومة.
اليوم، السيد هاني يلتحق بأم جرجس، سلّم لنا عليها.