تصبح ليلتا الثلاثاء والاربعاء بمثابة الليالي والايام الدينية عند عشاق كرة القدم، عندما تنطلق مسابقة دوري ابطال اوروبا.في هذه الليالي التي ستمتد حتى 6 حزيران المقبل، اي موعد المباراة النهائية التي سيستضيفها الملعب الاولمبي التاريخي في العاصمة الالمانية، سيكون اي مشروع لا ارتباط له بدوري الابطال ساقطا لا محالة عند محبي اللعبة في كافة اقطار المعمورة.

في ليالي «التشامبيونز ليغ» نصيحة الى السيدات غير الهاويات لكرة القدم بعدم طرح افكار لزيارة الاقارب او قبول دعوات العشاء من الصديقات، لا بل يصبح جهاز التحكم عن بعد محرّماً عليهن.
وليالي المتعة هذه قد لا تكون للرجال فقط، مع اتساع رقعة السيدات اللواتي يتابعن اللعبة بشغف حالياً، لكن من لا يفهم ما يحصل هناك خلف الشاشة التي تنقل احدى مباريات دوري الابطال، لا يفترض ان يسأل عن سبب ما سيراه «هوساً» من قبل ذاك العاشق لمنافسات اشهر بطولة كروية على صعيد الاندية.
الاسوأ قد يحصل في احدى الليالي. الاسوأ لن يكون خسارة فريقك المفضل، بل تفويت دقيقة واحدة فقط من احداث اي مباراة قوية في دوري ابطال اوروبا. اسوأ اللحظات التي لا شك في انها حصلت مع كثيرين منا، هي عندما يقف احدهم (او احداهن) امام شاشة التلفاز حاجباً الرؤية، او عندما يذهب الى محادثتك بموضوع لا يمت بأي صلة للموقعة الحاصلة خلف ظهره على المستطيل الاخضر!
فعلاً هي ليالي جميلة، لكن قد تظهر بعض الشوائب الطارئة التي تجعل المزاج في حالة صعبة. ففي دوري الابطال الخطأ ممنوع والخسارة غير مقبولة، فكل انتصار يجلب معه مبلغاً كبيراً من المال يساعد النادي الاحب الى قلب المشجع على الاستمرار موسما آخر، او على تقوية نفسه ليقف في صف الكبار ويصنع الفرحة لمشجعيه.
اذاً عزيزتي، أسوأ ما قد يسمعه احدهم منك هو القول: «بسيطة إنها مجرد مباراة».
بالتأكيد هي ليست اي مباراة، وهي ليست اي بطولة اصلاً. أليست البطولة التي يبحث اي نجمٍ عن اللعب فيها، فيسارع منتقلاً الى نادٍ مشارك فيها من اجل سماع تلك الاغنية التي يصطف اللاعبون قبل كل مباراة فتصدح الكلمات: «هذه هي افضل فرق. هذه هي افضل الافضل بين الفرق. هذا هو الحدث. الابطال. الافضل. الفرق العظيمة...».
نعم هي المسابقة التي يعد اي نجمٍ عالمي ان قيمته الحقيقية ترتبط بها. اسألوا افضل لاعب في العالم سابقاً القائد الالماني لوثار ماتيوس الذي رفع كأس العالم عام 1990 واعتزل من دون حمل الكأس صاحبة الاذنين الطويلتين. اسألوا «الظاهرة» رونالدو عن الامر عينه. هو فاز بكل شيء ممكن؟ لا، هو لم يفز في دوري الابطال الذي بقي نقطة سوداء في سجله الذهبي.
من هنا، ما بالكم بمحبي اللعبة الشعبية الاولى في العالم. هوسهم مبرر، وذهابهم الى التطرف في تشجيعهم لفرقهم خلال دوري الابطال مبرر ايضاً. فهذه المسابقة تجدد الصراع الذي تبدأه المنتخبات عبر افرازها خليطاً عجيباً من النجوم العالميين في الفرق المشاركة فيها. وهذه المسابقة هي التي تحدث الانشقاق العالمي من باب كرة القدم، فتصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية والاجتماعية لكل متابع لهذه اللعبة.
دوري ابطال اوروبا ذهبت لتكون طائفة بحدّ ذاتها عند «المؤمنين الكرويين». طائفة تجمع وتفرّق وتقوي الايمان بما اعتنقه هؤلاء منذ تفتح عيونهم على الدنيا.
ختاماً، ملاحظات كثيرة وتوصيات اكثر، ونصيحة لكِ سيدتي: اذا طلب منك ارتداء قميص فريقه المفضّل في ليلة المباراة، فلا تترددي في تنفيذ الامر، فعند فوز فريقه المفضّل، اطلبي «لبن العصفور».