خشية تل ابيب من اضرار رسالة رافضي الخدمة في احتياط الاستخبارات العسكرية، الزمتها عدم ابتلاعها، والانتقال سريعا الى مواجهتها، في محاولة منها لصد تداعياتها السلبية، سواء في الداخل الاسرائيلي نفسه، او تجاه الخارج.رافضو خدمة الاحتياط من ضباط وضباط صف في الوحدة 8200، وحدة التنصت في الاستخبارات، كانوا قد عللوا امتناعهم عن الخدمة، كما ورد في رسالتهم قبل ايام، بانهم لا يريدون المشاركة في عمليات تنصت ضد الفلسطينيين، من شأنها ان تعمق السيطرة العسكرية على الضفة الغربية.

هذه الرسالة كان لها وقع الصدمة في اوساط داخل المؤسستين السياسية والعسكرية، ومن خارجهما ايضا. الحملة ضد الضباط كانت منسقة وشاملة، وشارك فيها اليمين واليسار على السواء، من اقطاب في الحكومة ومن المعارضة، اذ إن هذه الرسالة وما ورد فيها، قد يجبيان من تل ابيب ضررا هائلا في المحافل الدولية، ويساهمان ايضا في تعزيز الحملات الخارجية ضدها، بما يشمل تشجيع رفع دعاوى قضائية ضدها وضد مسؤوليها الحاليين والسابقين.
رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ترأس الحملة المضادة. وأعرب تعقيبا على رسالة الرافضين، من دون ان يذكرها بالاسم، عن اشادة خاصة بالوحدة 8200، وكتب على صفحته على الفيسبوك: "مواطنو إسرائيل يدينون لكم بالشكر والعرفان على خدمتكم المهنية والمخلصة من أجل إسرائيل، استمروا في عملكم المهم من أجل أمن مواطني إسرائيل".
اما وزير دفاعه، موشيه يعلون، فوصف رافضي الخدمة بالحمقى، وشدد على اهمية ودور التنصت في امن اسرائيل. وقال ان محاولات الاضرار بمهمة وحدة التنصت، عن طريق رفض الخدمة فيها والادعاء بان عملها لا يتلاءم مع قيمها، كما ورد في رسالة رافضي الخدمة، "هي محاولة حمقاء ومدانة وتسهم في نزع الشرعية عن اسرائيل وعن مؤسستها العسكرية"، واضاف ان "العاملين في الوحدة 8200، هم من ذوي الاخلاق والقيم ويؤدون مهماتهم بسرية تامة، وانا اشد على ايديهم واشيد بعملهم المهم في خدمة امن اسرائيل".
بدوره، اعرب رئيس الائتلاف الحكومي، ياريف ليفين، الذي خدم هو ايضا في الوحدة 8200، عن استنكاره لما ورد في رسالة رافضي الخدمة، وقال "من يرفض المساهمة في حماية دولته، يتجاوز الحدود بين الذين يؤيدون الديمقراطية الإسرائيلية والحرية التي تمثلها، وينتقل إلى جانب مؤيدي الإرهاب الفلسطيني الذي يستهدف مواطني إسرائيل الأبرياء. وعلى الجيش ان ينبذ الرافضين من صفوفه على نحو فوري".
وانتقد الرئيس الاسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بشدة رسالة رفض الخدمة. وقال إن مجموعة صغيرة من جنود وضباط الوحدة المذكورة، شهّرت بالغالبية العظمى من أفرادها، التي يمثل أداؤها المتميز سداً منيعاً حقيقياً لحماية أمن إسرائيل، داعيا أفراد الوحدة إلى مواصلة عملهم الذي يتسم بالأخلاق وطهارة اليد.
وقال رئيس الكنيست، يولي ادلشتاين، إن رسالة رفض الخدمة التي وقعتها مجموعة من افراد الاحتياط في وحدة 8200 هي تصريح سياسي بحت، يتحدى الجيش الإسرائيلي في الوقت الذي تتعرض فيه اسرائيل لانتقادات لاذعة في العالم، تفتقر الى فهم ظروف حياتنا هنا. واضاف ان ما قامت به هذه المجموعة يخدم مآرب أعداء اسرائيل.
وبدوره اتهم رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، زئيف الكين، موقعي الرسالة بغرس سكين في ظهر الجيش الإسرائيلي. وقال في حديث اذاعي، إن موقعي الرسالة لم يشاركوا في عملية "الجرف الصامد"، وإنهم غير ملمين بالحقائق، مؤكدا ان "المعايير المتبعة في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الوحدة 8200 ، أكثر صرامة من تلك المعمول بها في الدول الغربية".
اما رئيس حزب العمل، عضو الكنيست يتسحاق هرتسوغ، فأعرب بدوره عن انتقاده لظاهرة رفض الخدمة. وكتب على صفحته على الفيسبوك، إن عمل وحدة 8200 ضروري، ليس فقط في أوقات الحرب، ولكن ايضا في وقت السلم. واضاف إن أخطاء قد تحدث، لكنّ الشعور بالإساءة إلى الآخر لا يبرّر التشجيع على رفض الخدمة وطرح الموضوع على الرأي العام العالمي. وبحسب هرتسوغ، الذي خدم كضابط في الوحدة في السابق، فان نشر هذه الرسالة قد يعود بالضرر على مواطني إسرائيل.
وكان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي موتي الموز قد عقب على رسالة الرفض بالقول إنها تمثل استغلال الخدمة العسكرية لابداء موقف ذي طابع سياسي، الامر الذي تنظر اليه سلطات الجيش بخطورة. واكد ان اجراءات انضباطية ستتخذ بحق موقعيها.