للمرة الثالثة على التوالي، يلغي رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، جلسة الحكومة الأسبوعية التي كانت مقررة يوم أمس، والسبب استمرار الخلاف حول موازنة عام 2015 مع وزير المالية يائير لابيد، وتحديدا بشأن تلبية المطالب المالية للمؤسسة الأمنية التي تصل إلى 11 مليار شيكل (1 دولار = 3.6 شيقل)، إضافة إلى الخلاف على نسبة العجز وفرض الضرائب.
«المالية» قالت إنها وافقت على زيادة 2,5 مليار شيكل للأمن فقط، وتصر على رفض فرض الضرائب وتمرير القانون الخاص بإعفاء الأزواج الشباب من دفع ضريبة القيمة المضافة لدى شراء أول شقة سكنية، كما ترى الوزارة أن تمويل زيادة الموازنة يكون عبر رفع نسبة العجز الى 3,18%، فيما يلقى هذا الطرح معارضة شديدة من البنك المركزي في إسرائيل وأوساط اقتصادية رفيعة.
مع ذلك، هناك مساحة من التلاقي بين طرفي الخلاف على ضرورة زيادة الموازنة الأمنية على خلفية تصاعد التحديات والتهديدات، وهو ما بات أكثر حضورا بعد العدوان الأخير على غزة، مع استخلاص العبر لجهة الإعداد لحروب مقبلة ضد «أعداء أشد وأكثر قوة». لكن المشكلة القائمة تكمن في النسب والأرقام، فزيادة الموازنة العامة والأمنية تطرح تحديا في توفير الموارد المطلوبة للخزينة. هنا تراوح الحلول بين من يدعو إلى رفع نسبة العجز، وآخر إلى تقليص نفقات وموازنات الوزارات المدنية، إضافة إلى المطالبة برفع الضرائب.
على خط مواز، تجاوز الخلاف بشأن الموازنة الإطار المهني، الذي سبق أن تكرر في محطات سابقة برغم خصوصيته في هذه المرحلة، وذهب باتجاه التلويح بالاستقالة من الحكومة والدفع نحو انتخابات مبكرة. على هذه الخلفية صدرت تقديرات ومواقف ترجح إمكانية الذهاب نحو الانتخابات.
في المقابل، يحاول مقربون من نتنياهو التلويح بوجود بدائل عن حزب «هناك مستقبل»، الذي بسبب إصراره على موقفه، قد يضع رئيس الحكومة، بين خيارين، إما الرضوخ لمطالب وابتزاز لابيد، وإما دفعه خارج الحكومة. مع ذلك، يمكن القول إن الأطراف المعنية تؤدي حتى الآن لعبة حافة الهاوية بانتظار لحظة الحسم.

مصادرة 700 دونم من أراضي القدس المحتلة لبناء حديقة


جلعاد: لم تبدأ "حماس" بناء الأنفاق وإعادة التسليح وهمّها إعمار غزة

في المقابل، أوضح نتنياهو موقفه أمس خلال كلمة له أمام مؤتمر «السايبر» الدولي في جامعة تل أبيب، وقال إنه يعارض ما تطرحه وزارة المالية ورئيسها بزيادة نسبة العجز، معبرا عن دعمه لخيار زيادة النوعية لمصلحة الموازنة الأمنية. ولدعم موقفه وتبريره، أوضح أن «الأموال التي استثمرت في الأمن ساهمت في اقتصاد الدولة»، لافتا إلى أن المليارات التي استثمرت في القبة الحديدية سمحت لاقتصاد إسرائيل بمواصلة دوره خلال المعركة الأخيرة، «ومنعت هرب الاستثمار».
واستطرد نتنياهو بالقول: «المليارات التي استثمرناها في السياج في منطقة الجنوب، كبحت عمليات التسلل إلى اسرائيل، وأيضا الجهاديين من سيناء»، مشيرا إلى أنه لا يريد التفكير في النتائج الوخيمة لو لم يُستثمر في ذلك. وعن علاقة زيادة الموازنة بالتهديدات الإقليمية، رأى أن هناك حاجة إلى زيادة نوعية عبر مليارات كثيرة في الموازنة الأمنية، «وينبغي فعل ذلك بطريقة مسؤولة ومن دون عجز كبير».
ويبدو أن كلام نتنياهو يؤشر إلى تأييده الاستعاضة عن زيادة العجز بفرض الضرائب لتمويل زيادة الموازنة، وهو كان قد أوضح خلال كلمة له أمام مؤتمر «معهد السياسات لمكافحة الإرهاب» في هرتسيليا، أنه «لا خيار أمامنا سوى زيادة ميزانية الدفاع في العام المقبل وفي الأعوام التي تليه. لأن الأمن يأتي في صدارة الاعتبارات». ولفت أيضا إلى ضرورة «إيجاد التوازن المطلوب بين الزيادة الضرورية لميزانية الدفاع، والاستمرار في انتهاج السياسة الاقتصادية المسؤولة التي تحقق المزيد من الأمن، وتضمن استمرار النمو الاقتصادي الذي تميّزت به إسرائيل على مدى العقد الأخير».

التسريبات من أجل الضغط


في سبيل ذلك، نقلت تقارير إعلامية عبرية عن مصادر مقربة من نتنياهو قولها، إنه سيحدد مصير الحكومة وإعلان الانتخابات البرلمانية خلال ثلاثة أسابيع بفعل الأزمة مع وزير المالية. ووفق موقع «معاريف»، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية توصل إلى قرار مفاده بأنه إذا لم تحل الأزمة حتى عيد «العرش» العبري، الذي يحل في الثامن من تشرين الأول المقبل، فسيعلن حل الحكومة وإجراء الانتخابات المبكرة. أما أهمية هذه التسريبات، فتكمن في أنها أتت عشية اللقاء الذي جرى يوم أمس بين نتنياهو ولابيد.
أسلوب التسريب والتصريح نفسه، اتبعه لابيد والمقربون منه، الذين أوضح بعضهم لجهات إعلامية أنه «إذا لم يحدث اتفاق على أسس الموازنة، خلال اللقاء (الأمس)، فثمة شك في ما إذا كان بالإمكان إقرار ميزانية الدولة في الوقت المحدد، وعلى ما يبدو، ستكون هناك حاجة إلى إدارة الدولة بميزانية مؤقتة».
على ضوء ذلك، أكد مقربون أن لابيد لن يتنازل عن قانون ضريبة القيمة المضافة بنسبة 0% حتى لو كلف ذلك «الانسحاب من الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة، برغم أن هذه ليست مصلحة دولة إسرائيل».
وتبع وزير المالية رئيس كتلة «هناك مستقبل»، عوفر شيلح، الذي قال إن «سلوك نتنياهو يظهر أن احتمال إجراء انتخابات آخذ في الاقتراب، فهو يجلب قضايا الميزانية إلى مواجهة مع وزير المالية في أمور أعلم أن لابيد لن يتزحزح عنها، لكن القرار بشأن الانتخابات بيد رئيس الحكومة». وفي المقابل، رأى نائب وزير الخارجية، المقرب من نتنياهو، تساحي هنغبي، أن انطباعه يوحي بأن «لابيد لم يعد معنيا بمنصب وزير المالية».
يشار إلى أنه إذا لم تقر الميزانية حتى نهاية العام، فإن إسرائيل ستعمل ابتداء من مطلع العام المقبل بموجب ميزانية شهرية تستند إلى ميزانية 2014، ما يعني أن موازنة الأمن لن تزاد رسميا، وإذا لم تقر الميزانية حتى 31 آذار من العام المقبل، فإن الحكومة ستسقط تلقائيا وستجرى انتخابات عامة.
ولم يسجل أي تغيير نوعي على مستوى المواقف، إذ تطالب المؤسسة الأمنية بموازنة تبلغ 62 مليار شيكل، أي بزيادة 11 مليار عن السنة الجارية. ومن أجل دعم موقفها، قدم موظفو وزارة الجيش كلفة تنفيذ العبر العملانية من عملية «الجرف الصامد»، التي تتضمن التزود بآليات «النمر»، ومنظومات دفاع من نوع «معطف الريح»، وتطوير تكنولوجيا في تشخيص وتدمير الأنفاق، وأمور أخرى تبلغ كلفتها كلها حوالى 10 مليارات شيكل، تحتاج إليها المؤسسة الأمنية على مدى 5 سنوات.
أما «المالية»، فتوافق على رفع الموازنة الأمنية إلى 53,5 مليار شيكل، أي بزيادة 2,5 مليار عن السنة الجارية فقط. وقدمت تبريراتها بالقول إن ذلك يسمح للحكومة بالمحافظة على إطار النفقات، وإضافة 5,5 مليارات شيكل إلى بقية الوزارات المدنية. وتطرح الوزارة تمويل هذه الزيادة عبر رفع مستوى العجز إلى 3,18% لا رفع الضرائب.
مع ذلك، أوضح لابيد، خلال النقاش، أنه مستعد لمنح المؤسسة الأمنية زيادة لمرة واحدة مخصصة لمشروع معين، لا زيادة دائمة للموازنة الأمنية. ونتيجة غياب الحسم أمس، تقرر تأليف طواقم عمل من الوزارات تواصل العمل بينها في محاولة للتوصل إلى اتفاق، على أن يجري لقاء إضافي بين لابيد ونتنياهو من دون الطواقم المهنية، وبعد ذلك سيتخذ الأخير قراره المتعلق بالموازنة الأمنية التي تسمح لـ«المالية» بتقديم اقتراح الموازنة للسنة المقبلة.

صراع «الشاباك» وهيئة «السايبر»


يدور في الآونة الأخيرة صراع مرير بين «الشاباك» وهيئة «السايبر» الوطنية الإسرائيلية حول الصلاحيات والمسؤوليات في مجال حماية المنظومات المحوسبة الاقتصادية والمدنية من هجمات في الفضاء الإلكتروني. ووفق صحيفة «هآرتس»، فإن بنيامين نتنياهو الذي يقارب مجال السايبر (الحرب في الفضاء الالكتروني) باعتباره مشروعا شخصيا، لأنه رأى فيه أحد «التهديدات الأربعة الكبرى المحدقة بإسرائيل»، يرجئ اتخاذ قرار بشأن المسؤولية عن هذا المجال منذ قرابة السنة. ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو سوف يحسم قراره خلال الأيام المقبلة.
«هآرتس» نقلت عن خمسة مصادر، جميعهم موظفون حاليون وسابقون رفيعو المستوى، قولهم إن الصراع الدائر حول الصلاحيات بين «الشاباك» وهيئة «السايبر» هو «حرب عالمية حقيقية»، ومليئة بالغرائز والتشهير والمصالح الشخصية والكثير من السياسة الشخصية داخل جهاز الأمن، وذلك على ضوء حصول من يتلقى المسؤولية على الكثير من الموارد والميزانيات.
في هذا الإطار، يطالب رئيس «الشاباك»، يورام كوهين، بأن يبقى مجال حماية المنظومات الإلكترونية الحكومية والخاصة بأيدي «الشاباك»، ويرى أن هيئة «السايبر» لا ينبغي أن تعمل في قضايا عملانية.
في المقابل، يرى رئيس هيئة «السايبر»، أفيتار متانيا، أنه يجب إقامة سلطة وطنية جديدة للدفاع أمام هجمات «السايبر» تكون خاضعة له وتعمل في الدفاع عن شركات وهيئات خاصة كبيرة في الاقتصاد الإسرائيلي.
وكان مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الحكومة، يعقوب عميدرور، قد قدم موقفا يدعم طرح هيئة «السايبر» وأوصى بتوسيع صلاحياتها. بعد ذلك، قدم مستشار الأمن القومي الحالي، يوسي كوهين، موقفا مغايرا يدعم طرح «الشاباك»، وأوصى بتحويل كل الصلاحيات في هذا المجال اليه.

«حماس» لم تستعد عافيتها


في سياق آخر، ذكر رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الجيش، عاموس جلعاد، أن «حركة حماس لم تستأنف حفر الأنفاق أو إعادة تسليح نفسها»، وأن اهتمامها يتركز الآن على ضمان إعادة الإعمار في قطاع غزة. وقال جلعاد، في حديث للقناة الثانية، إن «حماس قد تفعل ذلك مستقبلا لا في الوقت الحالي»، موضحا أنه «ليس هناك حتى الآن موعد محدد لاستئناف المفاوضات في القاهرة، فيما ترفض حماس نزع سلاحها في غزة». وأضاف: «الحركة وضعها صعب جدا بعد العملية العسكرية، وهي قبلت وقف إطلاق النار دون أن تحصل على أي من شروطها».

مصادرة 700 دونم في القدس


أصدر ما يسمى «المجلس القطري للتخطيط والبناء» قرارا بالموافقة المبدئيّة على إقامة مشروع «الحديقة الوطنية ـ منحدرات جبل المشارف» ، وسيُصادر بموجب المشروع قرابة 700 دونم من أراضي قريتي العيساوية والطور شرق القدس المحتلة. وتضمن قرار المجلس إشارة إلى أن أعضاءه اقتنعوا بأن المخطط يحقق مبدأ «الحفاظ على المنظر الطبيعي» ومبادئ «ثقافية ودينية وتاريخية».
ويستند القرار إلى الرواية اليهودية لتاريخ القدس، وإلى أن هذه المنطقة هي «الموقع الذي دخل منه بنو إسرائيل لأول مرة إلى أرض الميعاد»، والطريق الذي سلكه، كما جاء في القرار، «الملك داوود عند فراره من القدس»، كما أنها المنطقة التي «وصل منها يرمياهو، أحد أنبياء إسرائيل، إلى القدس».
ولم يعد المجلس تداعيات القرار لجهة تضييق الخناق على قريتي العيساوية والطور، وإمكانات التطوير المستقبلي لهما، مبررا كافيا لإلغاء المخطط كما يطالب المعترضون، بل اكتفى بإعادته إلى اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس للنظر مجددًا في حدوده، وفيما إذا كان المخطط يتعارض مع احتياجات القريتين.
ورفض المجلس ادعاءات المعترضين بأن المخطط «غير قانوني» لأنه يطبّق على أراض محتلة، وبناءً عليه فإنه يتناقض كليًا مع القانون الإنساني الدولي الذي يمنع إحداث تغييرات جوهريّة على الأراضي المحتلة إلا في حالة وجود حاجة عسكريّة أو مصلحة السكّان المحميين، أي أهالي شرق القدس، وقد رأى القرار أن «القدس الشرقية منطقة إسرائيلية يسري عليها القانون الإسرائيلي ويحق للسلطات الإسرائيلية تنفيذ مشاريع عليها».