ابتداءً من الخميس ١٨ ايلول، سيترك ذوو المفقودين والمخفيين قسراً مراكز أعمالهم وبيوتهم ويلتحقون بدوام جديد سموه «دوام اهالي المفقودين»، الذي سيكون كل يوم خميس من الساعة الـ١١ حتى الساعة الـ٣ بعد الظهر.
المبادرة، التي اطلقتها لجنة اهالي المفقودين في لبنان ولجنة دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين «سوليد»، تستهدف اوسع مشاركة شعبية في «الدوام» امام السرايا الحكومية في بيروت، حيث سيُرفع شعار: «حكمت محكمة الدولة: نفذي يا دولة»، وذلك في اشارة الى الحكم الصادر عن مجلس شورى الدولة، الذي صدر بتاريخ 4 آذار 2014، وقضى بإلزام الدولة تسليم كامل ملف تحقيقات اللجنة الرسمية للاستقصاء عن مصير المخطوفين والمفقودين في لبنان، كما دعت اللجنتان الى استخدام وشم #زورونا و #حقنانعرف لتحفيز النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الى التفاعل مع هذه المبادرة، والدعوة الى المشاركة فيها ليس فقط من خلال التضامن الالكتروني، بل بالنزول الى «الدوام» والوقوف كل يوم خميس لمدة ثلاث ساعات من اجل الضغط لتنفيذ قرار مجلس شورى الدولة.

اطلقت الحملة
وشم #زورونا لتحفيز النشطاء الإلكترونيين على المشاركة


وكانت الحكومات اللبنانية المتعاقبة قد تعهَّدت على أعلى المستويات النظر في قضية المفقودين، وتقديم الأجوبة والدعم إلى عائلاتهم، وأُنشئت ثلاث لجان مختلفة لمعالجة الموضوع. اللجنة الأولى: «لجنة التحقيق الرسمية للتقصي عن مصير المخطوفين والمفقودين» في كانون الثاني 2000. وأنشئت اللجنة الثانية لتلقي شكاوى أهالي المخفيين بمرسوم وزاري عام 2001، ومُدِّدت مهمتها مرتين وانتهت في شباط 2002. وأنشئت اللجنة الثالثة «اللجنة اللبنانية السورية المشتركة» في آب 2005 ، ولا تزال قائمة حتى الآن، مع أنها لم تعقد أي اجتماع منذ تموز 2010.
ويكرس هذا قرار مجلس شورى الدولة، للمرة الأولى، الحق في الوصول الى المعلومات على نحو عام، وحق ذوي المفقودين في معرفة مصير أحبائهم. وقد قضى هذا الحكم بإبطال القرار الضمني الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء برفض تسليم ملف التحقيقات التي أجرتها لجنة التحقيق الرسمية للاستقصاء عن مصير جميع المخطوفين والمفقودين لذوي المفقودين. وقد توصل المجلس الى هذه النتيجة بعدما أعلن حقاً أساسياً جديداً هو حق ذوي المفقودين، على أساس أن هذا الحق حق طبيعي متفرع عن حقوق الإنسان في الحياة وفي الحياة الكريمة وفي مدفن لائق، وعن حق العائلة في احترام الأسس العائلية وجمع شملها، وعن حق الطفل في الرعاية الأسرية والعاطفية والحياة المستقرة، وهي حقوق كرستها المواثيق والشرائع الدولية التي انضم إليها لبنان.
وكانت هيئة القضايا في وزارة العدل قد تقدمت بتاريخ 6 أيار 2014 بطلب إلى مجلس الشورى لإعادة المحاكمة مرفق بطلب وقف التنفيذ، بحجة أن تنفيذ القرار يمثل «خطراً» على السلم الأهلي، لكن المجلس رفض طلب هيئة القضايا في وزارة العدل بوقف تنفيذ القرار.
وتتزامن هذه الحملة الجديدة مع موجة خطف وخطف مضاد خلال الاشهر الماضية، الامر الذي يؤشر الى ان مأساة المخطوفين في لبنان، هي ليست تركة الحرب الاهلية، بل تتجدد مع موجات العنف والارهاب والفلتان الامني في عدة مناطق لبنانية، بالتزامن مع تمدد المجموعات المسلحة الارهابية، التي تقاتل في سوريا الى لبنان واحتلالها اجزاء من الاراضي اللبنانية في عرسال. واصدرت لجنة اهالي المخطوفين امس بياناً حذرت فيه من عودة ظاهرة الخطف «كأننا عدنا إلى النقطة الصفر في حروبنا العبثية. وكأن الغرائز عادت وانفلتت من جديد. وكأننا لم نتعلم شيئاً مما سبق أن ابتلينا به» بحسب بيان اللجنة.
«أشهد أنّني بلّغت» بهذه العبارة تختم رئيسة اللجنة وداد حلواني البيان، التي رأت ان لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان «طائفة» أعضاؤها وضحاياها من كل الطوائف والمذاهب والمناطق والجنسيات – وأنّ من واجبها رفع الصوت عالياً لمناشدة الجميع بأن الخطف والخطف المضاد وجهان لجريمة واحدة لا فضل للثانية على الأولى. وإذا كان من الممكن مكافحة جريمة الخطف الأولى بوحدتنا الوطنية إذا وعينا لذلك، فالخطف المضاد هو في الحقيقة استسلام لمآرب الخاطف الأساسي.
وجددت «لجنة الأهالي» تضامنها المطلق مع أهالي الرهائن المخطوفين من القوى الأمنية في جرود عرسال، وطالبت باطلاقهم فوراً دون أي قيد أو شرط.
من جهة ثانية، تطلق في نادي الصحافة اليوم جمعيات «لنعمل من أجل المفقودين» و«أبعاد – مركز الموارد للمساواة بين الجنسين»، و«المفكرة القانونية» برنامج «الكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسراً في لبنان»، الممول من الاتحاد الأوروبي. وسوف يشرك هذا البرنامج أسر المفقودين والمخفيين قسراً في لبنان ويشجعها على الضغط في المطالبة بحقها في معرفة مصيرهم، كما يسعى إلى جمع وحفظ المعلومات التي يمكن أن تؤدي إلى الكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسراً في لبنان.