يُعقد اجتماع عند الواحدة من بعد ظهر اليوم بين وزير التربية الياس بو صعب وكل من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمة اليونيسف، وذلك لدراسة خطة مشتركة للعام الدراسي الحالي، وكيفية تأمين حق التعليم لالاف التلاميذ غير اللبنانيين المحرومين التسجيل في المدارس والثانويات الرسمية. ويتوقع أن يعقد بو صعب مؤتمرا صحافيا بعد الانتهاء من الاجتماع لاعلان القرارات في هذا الشأن.
وكان بو صعب قد اصدر قرارا في مطلع شهر آب الماضي حصر فيه تسجيل التلاميذ في الروضات والمدارس الابتدائية والمتوسطة والثانويات الرسمية باللبنانيين وحدهم، وقال ان قرارا اخر سيصدر لاحقا في شأن مواعيد وأصول وشروط انتساب أو تسجيل التلاميذ غير اللبنانيين، الذين كانوا مسجلين في السابق او الجدد، وذلك بحسب «القدرة الاستيعابية للمدارس»، واضاف ان الحكومة اللبنانية لن تدفع أي أموال اضافية لافتتاح صفوف بعد الظهر تستقبل من خلالها الأعداد الاضافية.
المدارس في لبنان تستوعب في الحالات العادية وأثناء فترة التدريس ما قبل الظهر نحو 300 ألف طالب، ويمثل الطلاب اللبنانيون في عمر الدراسة هذا العام نحو 275 ألف طالب، لذلك يحدد الوزير بو صعب الأولوية الأن لتسجيل الطلاب اللبنانيين، وهو طلب من الأهالي عبر تصريح صحافي «التعجيل في تسجيل اولادهم في المدارس الرسمية والاستفادة من المهلة الممددة للتسجيل المحصورة باللبنانيين، وهي لغاية منتصف الأسبوع الجاري، وذلك حفاظا على حقوقهم ومصالحهم». واتصلت «الأخبار» بالوزير بو صعب لاستيضاحه عن مصير الطلاب السوريين والفلسطينيين إذا لم يكن لدى المدارس الرسمية اللبنانية قدرة على استيعابهم، الا أنه لم يجب عن السؤال، مشيرا إلى أن البيان الذي أصدره في وقت سابق «كافٍ».

المتحدثة باسم المفوضية لا تنفي أن التمويل قد «شحّ»




بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، في لبنان حاليا نحو 400 ألف لاجئ في عمر الدراسة، يفترض أن يدخلوا الى المدارس، وسبق ان استوعبت المدارس الرسمية نحو 100 ألف تلميذ سوري لاجئ في العام الدراسي الماضي، ومعظم هؤلاء درسوا على نفقة المفوضية. وتقول المصادر ان المفوضية ستلتزم هذا العام، بالتعاون مع اليونيسيف والتنسيق مع وزارة التربية، تسديد نفقات تسجيل 30 ألف لاجئ سوري، و9000 طفل لبناني في صفوف الفترة الدراسية لما قبل الظهر، و57 ألف لاجئ سوري في صفوف فترة ما بعد الظهر، وهي ستتولى تغطية نفقات الدراسة من رسوم ومستلزمات مدرسية.
وبحسب بو صعب، راوحت كلفة تعليم 100 الف لاجئ في العام الماضي ما بين 150 و200 مليون دولار، الا ان هذه المبالغ لم تُدفع كلها من خزينة الدولة اللبنانية، بل من الدول والجهات المانحة، واقتصرت مساهمة الوزارة على تأمين الكتب المدرسية. فالأساتذة الذين يعطون الدروس للطلاب اللاجئين في فترة ما بعد الظهر المحصورة بالطلاب السوريين، تُدفع أجورهم من اليونيسيف والمفوضية، اللتين تولتا ايضا تأهيل عدد من المدارس، ومعاونة الوزارة اداريا عبر عدد من الموظفين الذين نُقلوا للعمل ومؤازرة موظفي وزارة التربية.
المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان دانا سليمان قالت لـ«الأخبار» إنهم ملتزمون هذا العام أيضا تغطية نفقات تعليم حوالى 90 ألف طالب سوري، وهناك 60 ألف غيرهم سيلتحقون بالمراكز الاجتماعية أو الجمعيات أو المراكز التعليمية التي جرى افتتاحها في عدد من المخيمات، لكن سليمان لا تنفي أن هناك مشكلة حقيقية في مسألة تأمين الدراسة للطلاب السوريين، فالتمويل من الدول والجهات المانحة قد «شحّ».
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) أجرت اتصالا ببو صعب للاستفسار عن منع الفلسطينيين من التسجيل في المدارس الرسمية، وطالبته بمحاولة تدارك الأزمة قبل حدوثها، لما فيها من تأثير سلبي على عدد كبير من الفلسطينيين اللاجئين المولودين في لبنان، الموزعين بنسب متفاوتة على عدد من المدارس، وفي اتصال مع «الأخبار» رأت المنظمة أنها لا تملك أي حل الا المطالبة.
الأولوية بالنسبة إلى المفوضية واليونيسيف هي ادخال الطلاب المسجلين منذ السنة الماضية في المدارس اللبنانية، وهذا يعني ان الأعداد الباقية من الأطفال السوريين، اضافة الى العراقيين والفلسطينيين، الذين لا يستفيدون من المساعدات، ويدفع قسم منهم رسوم التسجيل في المدارس، ستكون مهددة بحرمانها التعليم إذا قرر وزير التربية ألا يسمح بتسجيلها في المدارس، ولا سيما بعد ربطه القرار الذي يصدر لاحقا بالقدرة الاستيعابية لهذه المدارس، وأكد بو صعب أن الاستيعاب لاحقا سيكون «محدودا».
في إطار الاجتماعات الدورية للجنة التنفيذية لمشروع « RACE إيصال الحق بالتعليم إلى الجميع»، الذي يسعى لتأمين التعليم لعدد اضافي من اللاجئين، اجتمع وزير التربية الياس بو صعب مع بعثة البنك الدولي ووزارة التنمية البريطانية، في حضور ممثلين عن الدول المانحة وممثلي منظمات الأمم المتحدة، الا أن اللقاء لم يثمر، وصرّح بو صعب بأنه «حتى تاريخه لم نلمس اكتمال المساعي الرامية إلى تأمين التغطية المالية، وسنواجه مشكلة مع تزايد أعداد النازحين في الفترة المقبلة، وخصوصا أن موازنة وزارة التربية ما زالت تتحمل الاعباء حتى اليوم».
وأكد بو صعب «أهمية الالتزام العلني من جانب المجتمع الدولي بالدعم المادي الرامي إلى تأمين حق الأولاد بالوصول إلى التعليم، ولا سيما أنه تبين أن خطة وزارة التربية لجهة استقبال نحو 100 ألف سوري بعمر التعليم في المدارس الرسمية لا يمكن تحقيقها في غياب هذا الدعم المادي».