لا تزال البلاد تراوح بين التطورات الأمنية والجمود السياسي القاتل. وفي انتظار التغيرات الإقليمية والتواصل السعودي ــ الإيراني، وانشغال العالم بـ«الموضة» الجديدة بالحرب على تنظيم «داعش»، تزداد المخاطر الأمنية تعقيداً، والحراك السياسي «تأجيلاً»، في ظلّ مراوحة ملفّ التمديد للمجلس النيابي، والبحث في صيغة لإنهاء أزمة الفراغ في رئاسة الجمهورية.
وحده النائب وليد جنبلاط يقدم على ما يراه مناسباً، في الوقت المناسب، ربما. فقد علمت «الأخبار» أن جنبلاط طرح أخيراً أمام عدد من المعنيين بالملف الرئاسي في لبنان والخارج تأييده لاختيار النائب السابق جان عبيد رئيساً للجمهورية. وقال جنبلاط أمام هؤلاء إنه «لا يزال يدعم النائب هنري حلو كمرشح اختاره، لكنه يعرف أنه في نهاية المطاف سيتعين على الجميع اختيار مرشح توافقي، بعد سحب اسمي النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع». لذا، فجنبلاط يؤيد عبيد، «انطلاقاً من أن الأخير يمكن أن يلاقي إجماعاً حوله». وتشير المعلومات أيضاً إلى أن بكركي حين فوتحت أخيراً باسم عبيد لم تمانع ولم تضع أي فيتو عليه، لا بل إنها رحّبت باختياره كاسم توافقي انطلاقاً من تمسكها بضرورة إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن. وتتحدث المعلومات أيضاً عن أن «اسم عبيد يلاقي قبولاً لدى عائلة الحريري». وفي الوقت الذي يُعرف فيه موقف جعجع، الرافض كلياً لمجيء عبيد رئيساً للجمهورية، لا يزال موقف عون على حاله من الانتخابات الرئاسية، ومن اختيار أي مرشح آخر.

جلسة الحكومة

وفي سياق آخر، عقد مجلس الوزراء جلسة «ماراتونية» قبل ظهر أمس، برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في السراي الحكومي، حيث استمرت لأكثر من 6 ساعات. يذكر أن الجلسة التي تضمن جدول أعمالها العادي 62 بنداً، غاب عنها وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور.

الموقوفون في
حادثة عين عطا ينتمون إلى «السوري الحر»


تساءل بعض الوزراء
داخل الجلسة عن مصير هبة المليار دولار

في مستهل الجلسة، أعاد سلام التذكير بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، وتناول موضوع العسكريين المختطفين، مؤكداً أنه «موضوع حساس ودقيق ينبغي متابعته بسرية تامة حفاظاً على سلامة العسكريين». وأشارت مصادر وزارية لـ«الأخبار» إلى أن «سلام تحدث أمام الوزراء عن اجتماعه بهيئة العلماء المسلمين، وقال لهم إنه لا يستطيع الاعتراض على قرارهم تعليق وساطتهم». ولفتت المصادر إلى أن «سلام أكد وجود اتصالات مهمّة على هذا الصعيد»، لكنه رفض «إعطاء أي تفصيل عنها»، مشيراً إلى أنه «لا يجوز ترك عناصر الجيش في ثكناته، والمؤسسة لا تحتاج إلى قرار سياسي، وهي تقوم بواجبها حيث يجب». ورأى رئيس الحكومة أن «الانتقادات التي تطال المؤسسة ليست في مكانها، وإذا ما كان هناك وجود لبعض الملاحظات فلتؤجّل، لأن حساسية الوضع لا تسمح بقولها». وقالت المصادر إن «وزير الداخلية نهاد المشنوق أطلع الوزراء على معلومات تفيد بوجود آلاف المسلحين على الحدود مع سوريا»، موضحة أن «المشنوق أشار إلى إمكانية حدوث اشتباكات بين الجيش السوري وجماعات مسلّحة على الحدود مع لبنان، يمكن أن تشكل خطراً على المناطق الحدودية». كذلك قدم وزير الداخلية عرضاً مفصلاً للوضع الأمني وللخطر الذي تمثله التنظيمات الإرهابية والتكفيرية على لبنان. وأبدى الوزراء ملاحظاتهم حول المواضيع المطروحة، وتمت مناقشة الوضع الراهن في عرسال، وكيفية مواجهة كل الاحتمالات، فـ«عرض وزير الدفاع سمير مقبل الوضع الأمني وحاجات الجيش وضرورة معالجة التجاوزات في التغطية الإعلامية للأحداث». وفي موضوع تسليح الجيش، تساءل بعض الوزراء داخل الجلسة عن مصير هبة المليار دولار، فقال سلام إن «كل جهة أمنية أعدت تقارير تتضمن طلباتها، والآن هناك جدولة لتحديد كيفية الإنفاق». أما عن هبة المليارات الثلاثة، فأشار إلى أن «المملكة العربية السعودية تسلمت الاتفاقية الموقعة بين لبنان وفرنسا بشأن صفقة التسليح، وهي وعدت بالتدقيق فيها لتوقيع الاتفاقيتين المتبقيتين». وأثناء الجلسة، تلقى سلام اتصالاً من قائد الجيش العماد جان قهوجي، و«أطلعه على مجريات الأحداث في عرسال».
بدوره، أثار وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس موضوع النازحين السوريين، مؤكداً أن «لبنان لم يعد يحتمل المزيد من النازحين». وتم الاتفاق على عقد جلسة الأسبوع المقبل تجمعه مع سلام والوزيرين المشنوق وجبران باسيل للبحث في الملف. كذلك أثار سلام موضوع الكهرباء وإضراب «المياومين» وانعكاساته على تسيير مرفق الكهرباء.
من جهته، شدّد البطريرك بشارة الراعي قبيل مغادرته لبنان متوجهاً إلى الفاتيكان، في زيارة تستمر لأيام، على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. ولفت إلى أنه «من واجب مجلس النواب أن يلتئم ويقترع لانتخاب الرئيس».
وفي الوقت الذي تبدو فيه مسألة التمديد للمجلس النيابي أمراً محسوماً بمعزلٍ عن مواقف بعض الفرقاء، أصدر وزير الداخلية تعميماً يتعلق بتقديم تصاريح الترشيح للانتخابات النيابية العامة لعام 2014.

حادثة عين عطا


من جهة ثانية، لا يزال التوتر يخيم على بلدة عين عطا في راشيا، بعد إطلاق النار من قبل شبّان يعاونون الشرطة البلدية في أعمال الحراسة على فان يحمل عشرة سوريين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية على مدخل البلدة من جهة جبل الشيخ. وأكدت مصادر أمنية أن «الشبان اشتبهوا في السيارة في ساعات متأخرة من ليل أول من أمس، وأطلقوا النيران عندما حاول الفان الفرار، بفعل القلق والتوتر الذي ينتشر في القرى الحدودية». وقد أدى إطلاق النار إلى مقتل أحد الركاب، إضافة إلى إصابة اثنين آخرين بحروح متوسطة، نقلوا بعدها إلى مستشفى فرحات في كامد اللوز. وعلمت «الأخبار» أن الركاب أتوا من بلدة بيت جن السورية، وأن الجيش اللبناني كان على علمٍ مسبق بعملية دخولهم وأعدّ كميناً لاعتقالهم، قبل تدخّل شبان البلدة، وحضرت قوة من الجيش على الفور وفتحت تحقيقاً في الحادث. وعلمت «الأخبار» أيضاً أن الركاب ينتمون إلى «الجيش السوري الحر» وليس إلى «جبهة النصرة» كما تردد، ولم يكن لديهم أي أسلحة في السيارة، فيما لم يتبيّن بعد من التحقيق مع الموقوفين لدى استخبارات الجيش السبب الحقيقي وراء الدخول خلسة إلى لبنان.