غزة | تكبيرات العيد التي حُرم منها الفلسطينيون بسبب وقوع الحرب الإسرائيلية عليهم في أيام رمضان والعيد الماضيين، أعاد أهالي قطاع غزة ترديدها منذ اللحظة الأولى لإعلان انتهاء العدوان عليهم، فجالوا الشوارع التي خلت من الناس أيام القصف ليعبروا عن فرحتهم بنصرهم وصمودهم في وجه المجازر الإسرائيلية. 51 يوماً لا يعلم الغزيون بعد كيف سيخرجون من جراحها الثقيلة، وخاصة مع مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمنازل المهدومة، لكنهم يعلمون أن هذه ضريبة على طريق التحرر من الاحتلال.
ولم تخل محافظات قطاع غزة من شماله إلى جنوبه من انتشار الناس في مسيرات الفرح، بل يمكن الادعاء أن كاميرات الصحافة التي كانت بالكاد تواكب الحرب لم تستطع أيضاً تغطية فرحة انتهائها، كذلك كانت واضحة شعارات تأييد المقاومة والأغاني الثورية التي ملأت المسيرات.
وسابق كبار السن غيرهم في النزول إلى الشوارع، ومنهم أبو إبراهيم حمد (65 عاماً) الذي قال إنهم نزلوا ليشارك مقاومتهم فرحة الانتصار. وراح يعلي صوته وهو يردد الله أكبر، قبل أن يضيف: «سوف أشارك في احتفالات النصر تحية لشهدائنا وجرحانا ولمقاومتنا التي انتصرت لنا». وهذا المسن كان قد فقد خمسة من أبناء عمومته في مجزرة إسرائيلية بحقهم في بلدة بيت حانون (شمال)، وخاطب أرواحهم بالقول: «نحن يا أبناء عمومتي بالنصر، انتقم رجالنا لدمائكم الطاهرة... لن نحزن وأنتم الأعلون دائماً».
أما الحاجة زكية الصفدي، فخرجت مع أبنائها إلى ساحة الجندي المجهول وسط غزة متوشحة علم «الجهاد الإسلامي» وهي تطلق الزغاريد. تقول: «اليوم هو عيدنا، والله اليوم عيدنا الي حرمونا منه بس مقاومتنا وفي مقدمتها الجهاد أعادته لنا»، ثم صارت تصرخ: «اليوم ننتصر يا نتنياهو، اليوم ننتصر يا يعالون... أنتم إلى مزبلة التاريخ».

قبل انتهاء
التهدئة ارتقى ثلاثة شهداء وقصفت المقاومة تل أبيب


ولم تغب أعلام فلسطين وباقي الفصائل عن المسيرات في مشهد يظهر الوحدة الوطنية، وكذلك راح ناشطو الفصائل يصافح بعضهم بعضاً ويهنئون أنفسهم بانتهاء العدوان. وفي هذا السياق، عبّر سميح جرادة (45 عاماً) عن أن فرحتهم الكبرى هي «اندثار الفرقة السياسية».
ولم يغب عن هذه الاحتفالات مشاركة قيادات الفصائل، ومنهم القيادي في حركة «حماس»، محمود الزهار، الذي كان مختفياً طوال أيام الحرب. وأيضاً خطب النائب عن كتلة «حماس» في المجلس والتشريعي ومجموعة من المتحدثين باسم الحركة بصورة متتالية، قائلين إن الحرب المقبلة ستشمل فيها صواريخ المقاومة كل المدن المحتلة.
ومن شدة فرحة الجماهير، فإنها سارعت إلى رفع عدد من قيادات الفصائل وحتى مراسلي القنوات الفضائية الذين كان لهم دور كبير في تغطية الحرب على أكتافهم.
ومن إحدى المسيرات، تكلم المتحدث باسم «حماس» فوزي برهوم قائلاً لـ«الأخبار»: «نهدي هذا الانتصار إلى نسائنا وأطفالنا وشيوخنا الذين سقوا بدمائهم أرضنا، ونهديه إلى كل من وثق بالمقاومة ورجالاتها، وإسرائيل اليوم باتت قاب قوسين أو أدنى من انتهائها».
كذلك الحال بالنسبة إلى «الجهاد الإسلامي» التي شاركت الجماهير فرحتهم، وكان حاضراً عنها المتحدث باسمها في غزة، داوود شهاب، الذي قال إن المقاومة عدلت الميزان «لأن إسرائيل لا يمكن التعامل معها إلا بلغة النار التي تستطيع أن تعيد إلينا حقوقنا بعدما أخفقت الجهود السياسية في تحقيق أي جزء منها».
ويكمل شهاب حديثه لـ«الأخبار»: «إسرائيل تبكي ندماً على مغامرتها الخاسرة ضد شعب احتضن مقاومته، ولم يتركها وحيدة في الميدان، وهو شعب عشق الموت في سبيل كرامته وأرضه، ولن يبخل بكل ما يملك للمحافظة عليها... نحن جميعاً سواسية في معركتنا ضد عدو لا يرحم».
أما المتحدث باسم ألوية المقاومة الشعبية، أبو مجاهد، فأكد أنهم كانوا على يقين بالانتصار، «لذلك لم نتراجع عن مطالب شعبنا المشروعة، وهو الذي ظل صامداً، ولولا ذلك لما حققت المقاومة شيئاً».
يشار إلى أنه قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ استشهد ثلاثة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على مجموعة مواطنين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، هم عبد الله موسى، وكامل جربوع، ومحمد الرياطي، ليسميهم الناس «شهداء التهدئة»، ما يرفع العدد الإجمالي بعد نهاية الحرب إلى 2137 شهيداً و11100 جريح، وفق وزارة الصحة في غزة. وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد قصفت منزل القيادي وعضو المكتب السياسي في «الجهاد الإسلامي»، نافذ عزام، قبل التهدئة أيضاً بأربعة صواريخ، ما أدى إلى انهياره وإصابة خمسة مواطنين.
في المقابل، أطلقت المقاومة الفلسطينية رشقات صاروخية باتجاه البلدات الإسرائيلية قبل ساعة من التهدئة، أدت إلى مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين بجروح خطرة، وفق الاعترافات العبرية، وقصفت كل من سرايا القدس (الجهاد الإسلامي) وكتائب القسام (حماس) مدينة تل أبيب المحتلة بصاروخي براق 70 وM75 قبل انتهاء الحرب بخمس دقائق.