تدخل البلاد عطلة نهاية الأسبوع من دون أي انفراج سياسي يذكر. فبين الفراغ في رئاسة الجمهورية، والأخذ والرد حول التمديد للمجلس النيابي، دخل اقتراح القانون الذي تقدّم به نواب من تكتل التغيير والإصلاح لانتخاب الرئيس من الشعب، بازار التجاذب السياسي، ولا سيّما بين التيار الوطني الحر وخصومه.إذ استدعى المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب إبراهيم كنعان أمس لشرح ماهية اقتراح القانون، ردّاً عنيفاً من الرئيس أمين الجميّل، الذي قال بعد لقائه البطريرك بشارة الراعي في بكركي: «بالنسبة إلى الاقتراحات الغريبة العجيبة التي يتحفنا بها البعض بالنسبة إلى انتخاب الرئيس من الشعب، تقدمت بمثل هذا الاقتراح من 25 سنة، ولكن اليوم نحن متأخرون عنه 25 سنة».

وتابع الجميّل: «في ذلك الوقت يمكن كان (الاقتراح) قابلاً للتنفيذ، لكن اليوم نتائجه مدمرة بالنسبة إلى اللبنانيين، وبالنسبة إلى المسيحيين الذين يحتاجون إلى انتخاب الرئيس». من جهته، عقد نائب حزب القوات اللبنانية فادي كرم، مؤتمراً صحافياً في معراب خصصه للرد على الكلمة التي ألقاها الوزير جبران باسيل قبل يومين، من دون أن يتطرّق إلى اقتراح نواب التغيير والإصلاح. وشبّه كرم «التغيير والإصلاح الذي يتباكى على الوجود المسيحي» بـ«داعش»، قائلاً إنّ «التيار وداعش وجهان لعملة واحدة. فداعش تفرغ الموصل من الوجود المادي للمسيحيين، أما تكتل التغيير والإصلاح فيفرغ الجمهورية اللبنانية من الوجود السياسي للمسيحيين».
كرم: التغيير
والإصلاح و«داعش» وجهان لعملة واحدة
من جهتها، أسفت مصادر نيابية في التيار الوطني الحرّ، للردود التي «تناولت اقتراح قانون يعيد قرار انتخاب الرئيس إلى الأصيل، إلى الشعب اللبناني». وقالت المصادر إن «أصحاب الردود لم يقدموا نقدهم للمشروع بحدّ ذاته، بل وجهوا الشتائم والانتقادات بما يخدم موقفهم السياسي». وحول انتقاد كلام باسيل في مسألة تهجير المسيحيين من الشرق، قالت المصادر إن «هذا موقف التيار من اليوم الأول للأزمة السورية في رفض التكفير، والآن الجميع بدأ يسمع كلامنا، لكن خصومنا يصرون على مواقفهم للنكاية ليس أكثر».
مؤتمر كنعان
وكان كنعان قد أكد في مؤتمره الصحافي أن «الحلول لانتخاب رئيس للجمهورية متوافرة في كل حين إذا اقتنعت جميع القوى السياسية بأن لا خوف من الرئيس القوي في طائفته والقادر على التواصل مع جميع مكونات المجتمع اللبناني». وتابع قائلاً إن «الحل الدائم الذي يؤمن حسن اختيار رئيس تتوافر فيه شروط تمثيل طائفته وشروط تأمين الشراكة الحقيقية، فيكون بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب على مرحلتين: في المرحلة الأولى يصار إلى إجراء دورة انتخاب أولى يحق للمسيحيين الموارنة الترشح للرئاسة، فيتم اختيار المرشحين اللذين نالا أعلى الأصوات. وفي المرحلة الثانية يختار اللبنانيون أجمع الرئيس من بين المرشحين اللذين نالا أعلى الأصوات في المرحلة الأولى».
ورداً على سؤال «إذا كنتم قادرين على تأمين النصاب لتعديل الدستور، فلماذا لا تحضرون جلسة انتخاب رئيس للجمهورية؟»، قال كنعان: «لأن النصاب وحده لا يؤمن حسن التمثيل، هناك ممارسة سياسية خاطئة عمرها 24 سنة... عجز المجلس النيابي عن إنتاج رئيس لبناني. بهذا الاقتراح يتحرر موقع الرئاسة من الضغوط الخارجية». ورداً على سؤال عن توقيت طرح التعديل، قال كنعان: «لأن التمديد الأول للمجلس النيابي حصل وكانت الانتخابات النيابية يفترض أن تحصل في عام 2013، ونحن اليوم بتنا على مشارف الانتهاء من عام 2014 ولم يقر قانون انتخابات جديدة بعد، وليس هنالك في الأفق تحضير جدي لانتخابات نيابية مع التبريرات الكثيرة».
بري يجدد رفض التمديد
من جهة ثانية، نقل زوار عين التينة لـ«الأخبار» عن الرئيس نبيه برّي قوله إنه «لولا المهاترات الداخلية والمصالح الضيقة، لكان بإمكان لبنان أن يكون في هذه الظروف العصيبة، منارة للشرق ومنبراً لرفع القضية الفلسطينية والدفاع عن المظلومين في الشرق، ولا سيما المسيحيون الذين يتعرّضون للتهجير،». وشكا برّي أمام زواره أن «اللبنانيين أضاعوا فرصة أن يكون انتخاب رئيس للجمهورية قراراً لبنانياً محضاً، في ظل انشغال الدول في القضايا الكبرى». وجدّد بري تأكيد موقفه الرافض للتمديد، مشيراً إلى أنه ليس مقتنعاً بالأسباب التي تدعو إلى التمديد. من جهة أخرى، يوجّه بري كلمة متلفزة في ذكرة تغييب الإمام موسى الصدر في 31 آب المقبل، عند الساعة 8 مساءً. يذكر أن حركة أمل استعاضت عن احتفالها المركزي السنوي في الذكرى بالكلمة المتلفزة بسبب الأوضاع الأمنية.
في سياق آخر، تنتظر دوائر سياسية فاعلة عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، وخصوصاً في ظلّ النقاش الحاصل حول التمديد للمجلس النيابي. وعلمت «الأخبار» أن الحريري كان ينوي النزول إلى المجلس النيابي في آخر جلسة خصصت لانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تفعيل عمل المجلس قبل الحديث عن التمديد، لكنه عاد وتراجع عن الأمر تحت ضغوط من الرئيس فؤاد السنيورة.
أمنياً، رمى مسلحون قنبلة على حاجز للجيش اللبناني في طلعة العمري في طرابلس، أدت إلى سقوط جريحين عسكريين. ونفّذ الجيش بعدها عمليات دهم وتفتيش لملاحقة مطلقي القنبلة.