أشارت صحيفة «معاريف» إلى المؤتمر الصحافي «للثنائي الذي يقود إسرائيل»، نتنياهو ويعلون، وقالت إن كل العالم انتظر محبوس الأنفاس، ما سيقولانه، إلا أن الجميع، تضيف الصحيفة، لم يكن يريد أن يعرف وضع المفاوضات في القاهرة، ولا استيضاح ما الذي توشك إسرائيل على فعله في غزة، إذ إن أحداً لم يعد يصدق أقوال نتنياهو وتهديداته، «لقد تسمر الجميع ليسمعوا فقط ما هو مصير (القائد العالم لكتائب القسام) محمد ضيف، وهل هو حي أم ميت، أما نتنياهو، فتقريباً لم يتناول المسألة، ولم يطلب من يعلون أن يتناولها. كان للرجلين سبب وجيه: فهما لا يعرفان حقاً نتيجة ما جرى».
وتساءل بن كسبيت في «معاريف» عن الهدف من هذا المؤتمر الصحافي إن لم يكن ضيف هو الموضوع الأساسي فيه. وبحسب كسبيت، فإن كل المواضيع الجوهرية التي على جدول الأعمال، لم يقل رئيس الوزراء ووزير الدفاع عنها شيئا. لم يأتيا بجديد: «العبارات نفسها، وطلب الصبر والتحمل نفسه، والكلمات لعائلات القتلى الثكلى من الإسرائيليينهي نفسها»، إلا أنّ سؤالا واحدا طرحه الاعلاميون «دوخ» نتنياهو: «هل ستعود إلى المفاوضات مع حماس في القاهرة؟» الامر الذي سبب له إرباكاً.
الهدف الحقيقي من وراء المؤتمر الصحافي، بحسب «معاريف»، هم أعضاء الوزاري المصغر، وهذا هو السبب الحقيقي للاجتماع التلفزيوني أمس: حاجة نتنياهو للهجوم على وزراء الكابنيت، شركائه، والطعن بهم علناً، وهذا ما قام به يعلون أيضاً، ولهذا السبب فقط، صادرا أكثر من نصف ساعة تلفزيونية في وقت ذروة البث، «لا ليجيبا عن تهديد حماس، بل كي يصدا تهديدات الوزراء، فنتنياهو يمكن ألا يكون قوياً أمام حماس، لكنه لا يمكن أن يسمح لنفسه بألا يكون قوياً أمام وزرائه».
وتساءلت الصحيفة عن الضرر الحقيقي في تصريحات وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، عن وجوب إسقاط حكم حماس في غزة؟ وأي ضرر في تصريحات وزير الاقتصاد، نفتالي بينت، عن وقف المفاوضات في القاهرة والتركيز على العمل العسكري والحاق الهزيمة بحماس؟ مشيرةً إلى أن الضرر جاء من نتنياهو نفسه، الذي ألحق بإسرائيل وبردعها ضرراً واسعاً بعد تسريب العرض إياه، حول أثمان السيطرة على غزة، اذ اتضح من العرض أنه ليس لإسرائيل خيار عسكري حقيقي لاسقاط حكم «حماس».
من جهتها، نوهت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأن عملية «الجرف الصامد»، هي أطول عملية في تاريخ إسرائيل، وهي تجري بحسب القواعد التي حُددت منذ أول أيامها، فالفصائل الفلسطينية هي التي تقود، وإسرائيل تُجر وراءها. وقد تعب الجانبان من المعركة العسكرية، إلا أن ذلك لا يترجم على أرض الواقع، لأنه يصعب عليهما إيجاد آلية ما تثبت الهدنة المرتقبة. و«حكومة إسرائيل متواضعة الطموح، فهي تريد الهدوء، والهدوء فقط، إلا أنها غير معنية بدفع الثمن الذي تطلبه حماس في مقابل ذلك».
وعن موقف نتنياهو ومعضلة وزرائه وانتقاداتهم، أشارت الصحيفة إلى أن «رئيس الحكومة يريد تسوية مع حماس، لكنه يواجه بمعارضة أكثر وزرائه في المجلس الوزاري المصغر، إذ لكل وزير رأي خاص به لجهة الحل الممكن، كما أن الجيش نفسه لا يؤمن باتفاق مع حماس، وهو يسعى إلى تعزيز العلاقة بمصر»، وبحسب الصحيفة، «لو كان الأمر متعلقاً فقط بنتنياهو من دون وزرائه، لسارع إلى إرسال وفد للتفاوض في القاهرة، لكنه يخشى الاعتراض عليه في المجلس الوزاري المصغر».
في «يديعوت» أيضاً، كتب شمعون شيفر مقالاً تحليلياً تحت عنوان «أين الردع»، أشار فيه إلى أن الفصائل الفلسطينية لا تصدق نتنياهو وتهديداته، وهي لا ترتدع منه، إذ «من ناحيتهم، إسرائيل ونتنياهو يواصلان الخداع، واذا كان نتنياهو قد وصل إلى الحكم عام 2009 مع شعار أنه قوي أمام حماس، إلا أنه أثبت فقط أنه قوي امام وزراء حكومته وحسب».

الفصائل الفلسطينية هي التي تقود المعركة وإسرائيل تُجر وراءها
وتساءل الكاتب، عما بقي من عملية «الجرف الصامد»: لا تجريد للسلاح في غزة، ولا انهيار حماس ولا تتويج (لرئيس السلطة الفلسطينية محمود) عباس على غزة. و«اذا كان نتنياهو قد أعلن أن كل الإمكانات مفتوحة، إلا أن من الصعب الافتراض أن حماس قد ارتدعت جراء هذه التصريحات»، وأضاف «في بداية القتال جرى استدعاء 81 ألفاً من الاحتياط للإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي يوشك على السيطرة على قطاع غزة، لكن تبين أن هذا التهديد خدعة».
وفي صحيفة «معاريف» أيضاً، كتب حاييم اسا تحت عنوان «مطلوب قيادة»، حاملاً على نتنياهو ويعلون، وعلى أدائهما وسياساتهما تجاه قطاع غزة، مطالباً بتغيير الاتجاه والعمل بصورة مختلفة نحو التهديد الكامن في القطاع. وبحسب الكاتب، «في دولة إسرائيل قادة يديرونها ولا يعرفون ما يريدون الوصول إليه، فهم يطلبون فقط الهدوء الأمني، تماماً كالشخص الذي ينازع الحياة ويحرك يده أن دعوني وشأني».
وأشار اسا إلى أن القاهرة كادت أن تشهد توقيع الحكومة الإسرائيلية ما يمكن تسميته «وثيقة استقلال غزة»، وهذا يعود، بحسب الكاتب، ألى «خطأ نتنياهو الذي لا يعود إلى هذه الأيام فقط، بل إلى السنوات الخمس الأخيرة من الجمود والعمى ورفض الاعتراف بالواقع. وكل اخفاق استراتيجي يبدأ بعدم فهم صورة الواقع. كل ذي عقل يمكنه أن يلحظ أن داعش تتعزز في اجزاء من العراق وسوريا، وتتطلع الى لبنان والاردن. وقريباً سنحصل على كماشة إسلامية آخذة في الانغلاق على إسرائيل. هذا هو الزمن المناسب للتوقف والتفكر، قبل أن يكون متأخراً».
وركزت افتتاحية صحيفة «هآرتس» على محاولة اغتيال محمد ضيف، مشيرةً إلى أن «محاولة تصفيته» هي في الأساس ذات قيمة صورية، وجزء من «صورة النصر» المطلوبة ظاهرياً، من أجل إنهاء المناوشة والكباش الحاليين. وأضافت «هآرتس» أن «قتل ضيف لا ينهي قوة حماس، وتجارب الماضي علمت إسرائيل أن تأثير الاغتيالات محدود، وليس بالضرورة ايجابيا».
تحليل «هآرتس»، شاركها فيه أيضاً، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «إسرائيل اليوم»، يؤاف ليمور، الذي كتب تحت عنوان «مع ضيف او بدونه، حماس ستبقى حماس». أشار ليمور في تقريره إلى أن الإنجاز الأساسي في اغتيال محمد ضيف سيكون معنوياً فقط، اذ إن «نتنياهو ويعلون، وبعد مرور 45 يوماً من القتال، وفي ظل انتقاد سياسي وشعبي متزايد، أملا من خلال الاغتيال جلب صورة النصر، الذي مصيره ما زال غير محسوم: حياً ام ميتاً؟».